أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author
--°C
تحميل...
⌄
لوحة القيادة
خروج
الرئيسية
محليات
سياسة
اقتصاد
فيديو
رياضة
بودكاست
ثقافة وفن
منوعات
مقالات
ملتيميديا
المزيد
الرياضات الإلكترونية
سعوديات
ازياء
سياحة
الناس
تحقيقات
تكنولوجيا
صوت المواطن
زوايا متخصصة
مركز المعلومات
⌄
لوحة القيادة
خروج
الرئيسية
محليات
سياسة
اقتصاد
فيديو
رياضة
بودكاست
ثقافة وفن
منوعات
مقالات
ملتيميديا
المزيد
الرياضات الإلكترونية
سعوديات
ازياء
سياحة
الناس
تحقيقات
تكنولوجيا
صوت المواطن
زوايا متخصصة
مركز المعلومات
الرياضات الإلكترونية
سعوديات
ازياء
سياحة
الناس
تحقيقات
تكنولوجيا
صوت المواطن
زوايا متخصصة
مركز المعلومات
تصفح عدد اليوم
طارق فدعق
تكيــــة
هذا المقال عن الفيروسات، ولكن لنبدأ بالعنوان: مصدر الكلمة هو الاتكاء. وترمز إلى مكان الإقامة الذي يتم الاعتماد عليه لمن لا تتوفر لديهم القدرات. و«التكايا» هي جمع التكية.. وقد لعبت أحد الأدوار الإنسانية المهمة في تاريخ الحضارة الإسلامية. كانت تحفظ ماء الوجه، وكرامة الفئات غير المقتدرة.. وذلك من خلال توفير المأوى والغذاء بدون طلب لمن لا يستطيع لأي ظرف كان. وهناك أسس لعمران التكايا ونجدها في العديد من المنشآت الأثرية وبالذات في المدن الغالية مثل مكة المكرمة، والمدينة المنورة، والقدس الشريف، والقاهرة، والخليل، ودمشق. كلها كانت قدوة عالمية للمأوى الإنساني، وكانت قدوة تاريخية لبعض دور الإعاشة الإنسانية في أوروبا والولايات المتحدة. قدمت التصاميم العمرانية المميزة من خلال العديد من المحاور ومنها الحرص على توفير فراغات شبه خاصة لتفادي عزل البشر عن بعضهم البعض. وكما هو المتوقع في هذه الديار، فقد استغلها البعض للإقامة طويلة الأمد لأنها كانت بالمجان، ومن هنا جاء المفهوم الحديث للكلمة بمعنى السكن الذي يتم الاتكال عليه لسهولته. ومن هذه النقطة ننتقل إلى عالم الميكروبات.
أخص بالذكر هنا أشهرها على الإطلاق في العالم اليوم، وهي الفيروسات التاجية الشهيرة باسم «الكورونا». هذه الجراثيم الخبيثة وصلت للبشر عبر مخلوقات أخرى، وتحديداً، فهناك نواقل تسكنها هذه الجراثيم بدون أن تمرضها. «تنطبخ وتتسبك» بداخلها قبل أن تصل إلى الضحايا البشرية. وكما هو الحال للعديد من الأوبئة والجوائح فالجراثيم تنتقل الى ما يسمى «بالوعاء الخازن» وفي حالة فيروس الكورونا فهم غالباً الخفافيش. هذه المخلوقات العجيبة لا تمرض من الجرثومة ولكنها تحملها. وقد حيرت العلماء بسبب كونها أشبه بمفهوم «تكية». وهناك مجموعة أسباب وجيهة جداً قد تفسر تفضيل الخفافيش بالذات وأهمها التالي: أولاً، أنها مخلوقات منتشرة انتشاراً هائلاً فيقدر أنها تمثل ربع ما يعرف على كوكبنا من جميع أنواع الثديات. يعني أشكالها وأنواعها كثيرة جداً لدرجة تفوق الخيال. وثانياً، أنها الثدييات الوحيدة التي تتمتع بالقدرة على الطيران الطبيعي. يعني لديها قدرات هائلة في الانتشار ففي كل ليلة تغطي الخفافيش عشرات الكيلومترات بدون عناء. وثالثاً، أنها اجتماعية جداً فهي تعشق «الوناسة» والتجمعات سواء كانت في حالة الخمول أو خلال حركتها النشطة. في بعض الأحيان تجد الملايين من الخفافيش سوياً. ورابعاً، أن المتوسط العمري لبعض أنواعها تفوق العشرين عاماً، وهذه الفترة الطويلة نسبياً تعطي فرصة للتغير والتطور البيولوجي للفيروس. وأخيراً، فهناك موضوع المناعة، فبعض النظريات في هذا الشأن تدعي أن السبات الشتوي لهذه الكائنات يجعل تحملها لدرجات حرارة منخفضة من أسباب تحملها للتغير الأحيائي للفيروسات بداخلها... كل هذا يجعل الخفافيش «تكية» بيولوجية مثالية.
أمنيــــــة
نعيش الآن لحظات تاريخية مفصلية.. هناك مجموعة سباقات لإيجاد الحلول لمواجهة تحديات «الكورونا». وكل من تلك السباقات تحمل فلسفة مختلفة، وأسلحة، وذخائر مختلفة. تأكد أن بعضاً منها تدرس تفاصيل «تكية» الفيروس، وهي غالباً الخفافيش في شرق آسيا. أتمنى أن يفلح العالم في التغلب على هذه الجائحة الكبرى بمشيئة الرحمن، وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي
01:04 | 14-05-2020
إتّــا
لا شك أن لعبة الأُستغماية هي من أجمل الألعاب التي لعبناها جميعا في الصغر. اعتمدت على الاختباء والتخفي. وإحدى ركائزها هي عنوان هذا المقال... وترمز للحظة الحاسمة في اللعبة... عندما ينكشف «المستخبي»... شغل بوليسي للبزورة. وموضوعنا اليوم عن الجراثيم وقدراتها الرهيبة في الاختباء. وهناك أنواع مختلفة منها وأهمها البكتيريا، والفطر، والديدان، وعلى رأسها جميعا تتربع الفايروسات. وخطورة الفايروسات تكمن في بساطة تركيبتها، وسرعة تكاثرها، ومراوغتها، وعدم تأثرها بالمضادات الحيوية، وقدرتها على القتل بسهولة. وقائمة الأمراض التي تسببها خطيرة وطويلة وتشمل التالي: جائحة الكورونا (الكوفيد 19) التي يعاني منها العالم بأكمله الآن، وأشكال الكورونا الأخرى (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية الشهيرة باسم «ميرز»)، ومتلازمة التنفسية الحادة الشديدة (سارز). وهناك أيضا جميع أنواع وأشكال الإنفلونزا، والبرد، والجدري، وشلل الأطفال، وداء الكلب، والحمى الصفراء، وحمى الضنك، وأنواع مرض نقص المناعة البشري (الايدز).. طيب وماذا عن عنوان المقال... موضوعنا يكمن في اكتشافات حديثة أن معظم الأمراض البشرية المعدية تنتمي إلى فئة ما يسمى «المرض الحيواني المشترك» Zoonosis ويرمز إلى «نطنطة» تمارسها الفايروسات من خلال سكنها بداخل بعض من أنواع الحيوانات قبل أن «تهجد» بداخل الإنسان لتسبب الأمراض الخطيرة... يعني باختصار تمر الجرثومة عبر الحيوان بدون أن تمرضه فيشتد عودها ثم تصل إلى الكائن البشري لتمرضه وقد تفتك به. وكما ذكرت فمعظم الأمراض المعدية تعتبر بعض الحيوانات «تكية» مريحة قبل أن تقفز إلى البشر وتسمى «العائل الخازن» أو «العائل الطبيعي». ولكن الأربعين في المائة الأخرى من الأمراض البشرية المعدية لا تلجأ إلى المعيشة الهانئة في أجسام الحيوانات قبل الانتقال إلى الإنسان. وكمثال كان الجدري من الأمراض الفتاكة القاتلة عبر التاريخ. ويسبب المرض فايروس اسمه «فاريولا» وهو يعيش في الجسم البشري، ولا يستطيع أن يعيش في خلايا الحيوانات. ولذا كان القضاء عليه سهلا نسبيا وهذا ما حصل فعلا بتوفيق الله بنهاية القرن العشرين. وكذا الحال بالنسبة للفايروس المسبب لشلل الأطفال والفايروس المسبب للجدري، وكلاهما يقطن في جسم البشر فقط لا غير. وأما ما نشهد الآن من خبث فايروسات «الكورونا» بأنواعها المختلفة فهي تختبئ في حيوانات أخرى مثل الخفافيش، وبعض الكائنات الأخرى التي لا تسبب لها المرض ولذا فمن الصعب اكتشافها والقضاء عليها.
أمنيــــــــــــة
العالم كله بانتظار لحظة اكتشاف علاج الكوفيد 19... معظمنا بانتظار العلاج، ولكن هناك مجموعات من العلماء يبحثون في سلوك الفايروس بالنطنطة التي يمارسها بطريقة سافرة من بعض الحيوانات إلى البشر. وإحدى أهم محطات القضاء عليه هي اكتشاف اختبائه ومراوغته. أتمنى أن يوفقنا الله عز وجل في إيجاد العلاج، وكشف الأسرار، وإنهاء هذه الكارثة... وللموضوع بقية بمشيئة الرحمن، وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي
01:09 | 7-05-2020
شـلونك
تعكس التحية إحدى أجمل أبعاد الثقافات.. وأروعها «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته» بكل ما تحمل من معانٍ جميلة سامية... والسؤال عن الصحة من التحايا الجميلة ومنها المعنية بالصحة النفسية وعلى سبيل المثال فهناك تحية أفريقية تستفسر عن الأحلام... كيف أحلامك... ولكن الأجمل منها تستفسر عن الصحة بمفهومها الشامل... إيش لونك... عبر التاريخ كانت ولا تزال ألواننا تعكس حالتنا الصحية. وموضوع الألوان والصحة يستحق وقفة تأمل. لو نظرت إلى اللوحات الفنية التاريخية الملونة ما قبل التصوير الفوتوغرافي ستجد أن بعض الألوان كانت محصورة على لباس الطبقات العليا في المجتمعات. وكمثال فضلاً انظر في اللون الأحمر الغامق «العودي». لن تجده ضمن لباس الطبقات الكادحة، ولا حتى الطبقات المقتدرة، فكان محتكراً من أعلى الطبقات الأرستقراطية وأقواها على الإطلاق. وكانت التكلفة المرتفعة جداً في مقدمة الأسباب نظراً لاستخراج جميع الألوان من المصادر الطبيعية: من المعادن، والنباتات، والحيوانات البرية والبحرية والطيور والحشرات. وكمثال فاللون الأحمر كان ينتج من صبغة تستخرج من كائنات بحرية نادرة وكانت تستخرج بصعوبة بالغة من مكانين أساسين في العالم: على شواطئ طرابلس في لبنان والمغرب الشقيقتين. وكانت كمياته قليلة جداً وبالتالي فكان أغلى من الذهب. وأما ألوان الطبقات الكادحة فكانت تخضع لتوفر الصبغات منخفضة التكلفة وفي مقدمتها اللون البني. وطبعا موضوع المقال أكبر من هذا فقد لعبت الألوان أحد أغرب الأدوار في صحة البشر وإليكم بعضاً من أهم التفاصيل: بنهاية القرن التاسع عشر اكتشف العالم الإنجليزي «وليام بركنز» بالصدفة آلية تصنيع الصبغات. وتغير عالم الكيمياء، بل وتغير العالم بأكمله: دخلت الشركات الكبرى هذا المجال بقوة، وبالذات الشركات الألمانية التي كانت تتمتع بشراكات حكومية قوية، وريادة في علم الكيمياء لأن ألمانيا كانت في قمة ذلك المجال. وأصبحت الصبغات رخيصة ومتوفرة بخيارات لم يتخيلها أي أحد: برتقالي.. أحمر.. أصفر.. أزرق.. أخضر.. أورجواني.. كلها موجودة، وبدرجات متفاوتة وتطبيقات مختلفة.. ملابس.. معادن.. أخشاب.. ورق.. زجاج.. كله ماشي.. ولكن أغرب التطبيقات جاء في الثلاثينات من القرن العشرين فقد اكتشف العالم الألماني «بول اير ليك» أن بعض الصبغات «تتشعبط» على بعض الخلايا دون الأخرى. وهنا نبعت فكرة عبقرية وهي ضرب الميكروبات بالسموم الموجهة من خلال وضعها على الصبغات التي على أسطحها. وللإيضاح فكانت ضربة معلم علاجية تعادل الهبوط على سطح القمر. لأول مرة في التاريخ تم تصويب العلاج نحو الهدف المعني (الميكروب) دون أذية الخلايا الآدمية. ومهد ذلك الطريق لتطوير المضادات الحيوية المختلفة. وإلى يومنا هذا يتم التعرف على بعض الميكروبات، ومحاربة بعض منها باستخدام صبغات الألوان المختلفة. وسطع نجم أهم شركة فأصبحت الرائدة في هذا المجال.. واسمها «باير».
أمنيــــــــــة
سبحان الله أن عالم الألوان لا يقتصر على الفن والجمال فحسب فهو من مكونات العلاج أيضا. والله أعلم أن علاج جائحة فايروس كورونا الكبرى قد يكون نابعاً من الألوان. أتمنى أن لا ننظر للأصباغ بأنها مجرد ألوان، فقد وضع فيها الخالق عز وجل بعضاً من أروع الأسرار.
وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي
00:52 | 30-04-2020
طُرمبــّـــــــــة
يرمز العنوان إلى العديد من المنتجات المختلفة وأهمها المضخة بأشكالها وأنواعها المختلفة. وجذور الكلمة تعود للاتينية للمضخة trombe. وسنعود بمشيئة الله إلى موضوع الطرمبة بعد 202 كلمة من هذه النقطة. موضوع المقال يتطرق لإحدى أغرب القصص التي زرعت بذور مجال علم الأوبئة الحديث. من المعلومات العلمية الخاطئة في عالم العلوم، التي استمرت إلى نهاية القرن التاسع عشر كانت معنية بالروائح الكريهة... كان الاعتقاد أن أحد المسببات الرئيسة للأمراض هي «سُحُب العفونة». وكانت تعرف باسم «ميازما» على وزن «مية أزمة». وتغير ذلك المفهوم في مدينة لندن في منتصف القرن التاسع عشر.
كانت العاصمة الإنجليزية هي أكبر مدن العالم في تلك الفترة، ويقدر عدد سكانها بحوالى ثلاثة ملايين نسمة بسبب ازدهارها الصناعي والاقتصادي. ولكنها عانت بشدة من بيئة عمرانية صعبة وخصوصا في ما يتعلق بالكثافات السكانية نظرا لارتفاع تكاليف المعيشة. ولم يكن غريبا أن يسكن أربع أسر بداخل غرفة واحدة، وفي بعض الأحيان كان البعض يصطحبون حيواناتهم بداخل مساكنهم.. بقر.. وطليان.. وطيور. وعانت لندن أيضا من بيئة طبيعية قذرة بسبب عدم توفر أنظمة للتصريف الصحي.. وطبعا عدم وجود الصرف الصحي أدى إلى وجود «الميازما... على ودنه». كانت القاذورات تصب أمام المباني مباشرة أو في نهر «التيمز». وتسبب ذلك في انتشار وباء الكوليرا. وهنا سطع نجم الطبيب الإنجليزي الفذ «جون سنو» الذي حارب فكرة انتشار الوباء عن طريق العفونة العالقة في الجو، واقترح البديل أن هناك «ميكروبات» تحمل المرض وتنتقل عبر المياه الملوثة. وتزامن ذلك مع انتشار إصابات الكوليرا في لندن في المنطقة المحيطة بطرمبة مياه شرب عامة في شارع «برود» في حي «سوهو». كانت تلك المضخة شهيرة بمائها العذب، ولكن المياه الملوثة حولها وصلت إلى مستوى عيار ثقيل جدا في عام 1853. وتسبب ذلك في انتشار وباء الكوليرا وفي وفاة حوالى 600 شخص. ولكن فكرة «الميازما» كانت متأصلة في عقول «العلماء»، ورفضوا فكرة الجراثيم السابحة في الماء الملوث.
وهنا قام الدكتور «سنو» برسم «خريطة الأشباح» لتحليل الوفيات في لندن، وكانت عبارة عن رصد الوفيات في الشوارع فوجد أنها تركزت في المنطقة حول طرمبة شارع «برود»، وتلاشت بعيدا عنها فكانت من الإثباتات العلمية الجميلة لفكرة الميكروبات السابحة في المياه. وتلك الجهود الفردية أحد أهم الأسس لعلم الأوبئة، وأنهت أسطورة «الميازما». وترسخت بعدها أفكار النظافة وغليان الماء قبل شربه لتكون بداية النهاية لشرور وباء الكوليرا. وقامت بلدية لندن باقتلاع ذراع الطرمبة لإيقاف عملها.
أمنيــــة
يا ترى هل سنجد «طرمبة» الكورونا؟ والمقصود هنا هو هل سنجد المصدر الرئيس لهذه الجائحة الرهيبة التي تحير عالمنا اليوم؟ وللعلم فنشهد حاليا بوادر الاتهامات، ونظريات المؤامرات من هنا وهناك كما هو الحال دائما في ثقافة تحليل الأوبئة... وقريبا ستظهر الحقائق والعلاج بمشيئة الله،
وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي
01:24 | 23-04-2020
شــكّه
عنوان المقال يرمز إلى الوخز المؤلم، وفي الغالب يكون مقرونا بالعلاج. وكلنا تعلمنا هذه الكلمة المخيفة في الصغر بالذات خلال زيارات التطعيم. والعالم بأكمله بانتظار اللقاح الذي من المنتظر أن يعلن عنه في القريب العاجل بمشيئة الرحمن. وفكرة التطعيم من الأفكار العبقرية... يقدم من خلالها للجسم فايروسات «شبه مهلوكة» لكي يتعامل معها جهاز المناعة بطريقته الخاصة وليتذكر خصائصها في حالة أي هجوم مستقبلي. ولو بحثت في تاريخ التطعيم، ستجد أن «عمدة» الموضوع هو الطبيب الإنجليزي «إدوارد جينير» الذي بدأ تطبيق ممارسة تقديم المايكروبات المستضعفة إلى جسم الإنسان عام 1798 لمقاومة مرض الجدري بالذات... وسأعود إلى هذا الشخص بعد 277 كلمة من هذه النقطة.
وهناك من هو قبل الطبيب الإنجليزي وهو العالم الإسلامي الأندلسي أبو الوليد بن رشد الذي عاش في الأندلس في الفترة 1126 إلى 1198م. وقد وضح مبادئ التطعيم في كتاب «الكليات في الطب». ونجد إثباتات كلامي في تاريخ الطب الإنجليزي نفسه. وتحديدا، ففي عام 1715 أصيبت سيدة المجتمع «ماري مونتجيو» زوجة سفير بريطانيا في الدولة العثمانية بالجدري. وكان من الأمراض الفتاكة حول العالم، ولم يتوفر له العلاج الفعال. وأثناء إقامتها في إسطنبول لاحظت أن السيدات المسلمات كن يتمتعن ببشرة صافية بعيدة عن آثار مرض الجدري الذي كان يترك بصماته على المجتمع من خلال الوفيات، وتشويه البشرة بالحفر المخيفة. وقد لاحظت «ماري» أن علاج الجدري والوقاية منه كانا متوفرين من خلال ممارسة «شكة». بعض السيدات المتخصصات في العلاج كنَّ «يشككن» جلد المصاب بإبرة لزرع خلطة تحتوي على جرعة صغيرة محضرة من خلايا شخص مصاب بالجدري. وكانت تلك الخلطة هي اللقاح الذي طور عبر مئات السنين من وصفة ابن رشد. وجربت ماري اللقاح على نفسها بنجاح خلال إقامتها في إسطنبول، ثم جربته على ابنها الصغير بنجاح. وبعد عودتها إلى لندن حاولت نشر آلية العلاج ووجدت المعارضة الشديدة لعدة أسباب: أولا أن البعض في الأوساط العلمية وجدوا صعوبة في تقبل العلاج من حضارة كانت تعتبر متخلفة من وجهة نظرهم. وثانيا: رفض المجتمع الطبي ممارسة علاج الجدري على أيدي السيدات. ولكن كل الاعتراضات تم التغلب عليها بسبب تفشي وباء جديد للجدري عام 1721 وكان قاتلا وسريع الانتشار لدرجة أن الأسرة الحاكمة في إنجلترا تقبلت العلاج «الإسلامي» الجديد دون اعتراضات. والطرفة هنا هي أن الليدي «ماري» التي قدمت العلاج لم يقترن اسمها به بالرغم من دورها المهم في نقله من العالم الإسلامي. والطرفة الثانية أنه أثناء الوباء القاتل كانت هناك مجموعة من الشباب الذين تمت تجربة هذا اللقاح عليهم بنجاح... وأشهرهم صبي اسمه «إدوارد جينير» المذكور أعلاه الذي درس الطب ليصبح عمدة التطعيم.
أمنيـــــــــــــة
كانت هناك مقاومة لنقل التطورات الطبية من الشرق للغرب لفترة مئات السنين. وعلى سبيل المثال نشأت حركة تطويرية في مجال الطب لدى اليهود في أوروبا في العصور الوسطى وما بعدها بسبب رفض الأوروبيين تقبل أسس الطب من الشرق الأوسط. ولذا، تتلمذ العديد منهم في معاهد فلسطين، ومصر، وإسطنبول ونقلوا علومهم إلى المعاهد الأوروبية. أتمنى أن نتذكر هذا التاريخ حتى ولو كان من خلال شكة بسيطة. والله ولي التوفيق،
وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي
00:15 | 16-04-2020
أفـا
تستخدم هذه الكلمة الجميلة للعتاب... وقد تأملت في جوانب معناها الحضاري عند قراءة بعض التحاليل التي تصف جائحة الكورونا الجديدة «كوفيد 19» بأنها الأكبر تأثيراً على البشرية اليوم. وبرغم أنها من أكبر الكوارث الحديثة في عدد المصابين والقتلى، إلا أنها لا ترقى لما شهد التاريخ من تأثيرات الجوائح الكبرى، وإليكم بعض الأمثلة:
أولاً: عندما انطلقت الحملات الصليبية الغاشمة من فرنسا وإنجلترا وألمانيا عام 1095 بحجة «تحرير» القدس والأراضي المقدسة الأخرى في فلسطين الغالية، لم تكن الدوافع دينية كما نقرأ في معظم كتب التاريخ. كانت هناك مجموعة أسباب في أوروبا ومنها العسكرية وتشمل نمو قوى المليشيات المسلحة الخاصة، وأسباب اقتصادية تشمل تكدس الثراء في أيدي الاقطاعيين من ملاك الأراضي، وبعض الأسباب السياسية ومنها ضعف الكنيسة نسبة إلى الحكومات. وكانت هناك أيضاً بعض الأسباب الصحية الطاردة التي شجعت الحملات وأهمها انتشار الطاعون في موجات جائحة ضربت القارة الأوروبية منذ القرن الميلادي الثاني لتحصد ملايين الضحايا... من الطاعون «الأنطوني» إلى طاعون «جستنيان». وسبحان الله أن الجوائح التي عجلت الحملات الصليبية كانت أيضا أحد أسباب نهايتها، ففي عام 1350 اجتاح الطاعون الدبلي القارة الأوروبية وتسبب في قتل الملايين مما تسبب في إخماد الحماس الصليبي المسلح. وتتفاوت تقديرات الضحايا من بلد إلى الآخر، ولكنها لا تقل عن العشرين مليون ضحية خلال ألف يوم.. أكبر من كوفيد 19.
ثانياً: انظر إلى تاريخ الأمريكتين وستجد مقدار تأثيرات الأوبئة. لأول وهلة وحسب ما درسنا في كتب التاريخ أن الأوروبيين استوطنوا أمريكا الشمالية والجنوبية. وبسبب التفوق التقني من عتاد، وسلاح، وتنظيم، استطاعوا أن يسيطروا على الأراضي الخصبة الشاسعة بالرغم من التفوق العددي لأصحاب الأراضي الأصليين من هنود حمر و«انكا»، و«أزتك». ولكن الواقع هو أن إحدى أهم الأسلحة التي سمحت بتفوق المستعمرين كانت الميكروبات. وتحديداً، فالأوروبيون صدروا ميكروبات جديدة إلى أهالي الأمريكتين الأصليين. كان الأوروبيون قد تعرضوا للبكتريا والفيروسات المختلفة عبر السنين وكونوا مناعة لها من خلال الأوبئة والجوائح المختلفة. ولكن الهنود الحمر وأقرباؤهم الغلابى لم تكن لديهم تلك المناعة ضمن ذاكرة أجهزتهم المناعية فقُتلوا بالملايين. وتقدر نسبة من قتلوا بسبب تلك الأمراض المستوردة بأكثر من ثمانين بالمائة من السكان... أكبر من كوفيد 19.
ثالثاً: انظر إلى جغرافية أمريكا وستجد بعضاً من تأثيرات الأوبئة. وتحديداً ففي الشمال تجد كندا دولة مستقلة برغم أن تسعين بالمائة من سكانها يسكنون على «رمية حجر» من الحدود مع الولايات المتحدة الأمريكية، فلم تحتلها أمريكا وتضمها إليها كجزء من أراضيها. وأحد الأسباب الجوهرية التي منعتها كانت الأوبئة. وتحديداً، فخلال حرب الاستقلال الأمريكية من الاستعمار الإنجليزي عام 1776 أرسلت قوات أمريكية لتحرير كندا من الإنجليز وضمها لأمريكا. ونجحت في تحرير مدينة «مونتريال» ثم زحفت نحو مدينة «كيبك»، ولكن داء الجدري تفشى في صفوف الجنود الأمريكان فتقهقرت قواتهم وبقيت كندا كندية تحت ولاية إنجلترا.. أكبر من كوفيد 19.
أمنيــــــــــة أتمنى أن ندرك أن الجوائح التاريخية هي أكبر بكثير مما نعاني منه حاليا من فيروس كورونا الخبيث. وبإذن الله سنتغلب عليه قريبا بمشيئة الله،
وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي
00:50 | 9-04-2020
نذالة
يرمز عنوان المقال لسلوكيات الغدر أو عدم الالتزام بالواجب، أو بالوعود، أو المسؤوليات. وللأسف الشديد فقد أصبحت النذالة واسعة الانتشار وبأغرب الأشكال والألوان. وأود أن أركز على بعض الأمثلة من عالم الأوبئة في ظل الظروف التي يمر بها العالم اليوم. في عام 1347 عندما أصاب وباء الطاعون القارة الأوروبية وتسبب في وفاة حوالى ثلاثين مليون إنسان... 34 في المائة من سكانها خلال فترة ألف وخمسمائة يوم، بدأت الاتهامات تندلع من جهات ومجموعات مختلفة لإلقاء اللوم على بعض الأقليات وأولها اليهود. وإحدى أقوى تلك الاتهامات كانت أنهم يضعون السم في آبار المياه. وتراكمت الشائعات لتشعل شدة الكره ضدهم، وتسبب ذلك في حملة شرسة شهدت تصرفات انتقامية: كانوا يقتلون مجموعات من اليهود من الكبار والصغار في ديارهم، وكان بعضهم يجمع المئات منهم ويشعلون فيهم النار. وهناك وثائق تاريخية تشير إلى إبادة الآلاف فيما لا يقل عن 235 من الجماعات اليهودية الأوروبية. جدير بالذكر أن هذه الممارسات انتشرت في أوروبا، ولكنها لم تمارس في الدول الإسلامية التي التزمت بحضارتها الإنسانية. وللعلم، فمعظم اليهود تاريخيا حول العالم كانوا من ساكني مصر، والشام، والمغرب، وتمتعوا بالأمن والأمان في جميع الفترات سواء خلال فترات الأوبئة أو خارجها. وكان «جزاء المعروف سبعة كفوف» كما نرى اليوم وكل يوم في الأراضي الفلسطينية المحتلة. مقدار القسوة الذي يمارس ضد الفلسطينيين بشكل خاص، والعرب والمسلمين بشكل عام، يعكس مفهوم النذالة في أقوى أدوارها وكأن الصهاينة نسوا أو تناسوا السلوكيات التاريخية الكريمة من المسلمين، وكأنها أصبحت في «الباي الباي».
وإحدى الكلمات المصاحبة لظاهرة النذالة هي «فلسّع» بمعنى الهروب السريع، وترك الساحة، والاختفاء، و«الطناش». وكان موضوع «الفلسّعة» من السلوكيات المحزنة ضمن سجل وباء الطاعون في أوروبا. هناك حكايات مدونة عن الناس الذين تركوا أسرهم بمجرد الاشتباه في إصابتهم بالمرض الخبيث. طيب يا جماعة الخير وقت الإصابة بالمرض هو وقت الحاجة للرعاية، والحب، والحنان، والشهامة... ولكن على مين... لجأ العديد من البشر إلى الفلسّعة في أحد أغرب التصرفات التاريخية... فضلا انظروا في اتهامات الاستنذال خلال هذه الأيام من إيطاليا ضد بعض من جيرانها، اتهامات كبيرة بتجاهل المتطلبات الإنسانية الأساسية لتوفير المعدات الطبية.
يمكننا أن نتخيل أن الفايروس هو عبارة عن كائن غير حي يتكون من نواة تحتوي على مواد وراثية محاطة بكمية نذالة هائلة. والصحيح علميا هو أن النواة محاطة بالغشاء البروتيني والأبراج التي تمنحها الشكل التاجي ومن هنا جاء اسم الكورونا ومعناها التاج. وأما اسم كوفيد 19 (Covid 19)؛ فهي الاختصار «لفايروس كورونا المرض الذي تم اكتشافه عام 2019»Corona Virus Disease 2019.
تخيلوا أن «قبيلة» الكورونا كانت تعتبر من الفايروسات الوديعة نسبيا وكانت مخاطرها على البشر ضئيلة نسبيا إلى أن استنذلت فاستفحلت.
أمنيــــــة
مواقف مملكة الإنسانية في هذه التجربة مشرفة ولله الحمد سواء للمواطنين أو للمقيمين، أو حتى للدول التي تحتاج للمعونات بدون أن تطلبها. أتمنى أن يسجل هذا في ذاكرة التاريخ، والله يوفق كل من يساهم في إدارة هذه الأزمة العالمية..
وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي
00:34 | 2-04-2020
صابون
ما زلت أؤمن، وبقوة، أن أسواقنا السعودية هي إحدى الأفضل والأقوى عالميا. وإحدى التجارب التي أكدت لي هذه المعلومة أنني اليوم اشتريت صابونة بمبلغ ريال واحد. ولم تكن صابونة «أي كلام»، بل كانت من الطراز المتميز في تغليفها الزاهي، وتصميم شكلها شبه الدائري، ولونها الأبيض الجميل وكأنها مصنوعة من الرخام، ورائحتها العطرة، وملمسها الناعم، وذوبانها السريع في الماء، ورغوتها الوفيرة. كل هذا، وأكثر... بمبلغ ريال واحد فقط لا غير. طبعاً لا تزال الصابونة المتواضعة هي ضمن خط الدفاع الأول في الحرب العالمية ضد فايروس «الكورونا». النصائح الصادرة لكل إنسان دولياً تشمل غسل اليدين جيداً لمدة أربعين ثانية لمقاومة مخاطر الجرثومة الخبيثة. يعني الصابونة «أم ريال» تنافس المطهرات، والهلاميات الكحولية، والمنظفات باهظة التكلفة، وشرب الينسون، والشاهي الأخضر، وأكل الزبادي، والموز، والثوم، وشرب المُرة، وأكل الكرنب طبعاً... ومن الغرائب أننا لا نقدر نعمة الصابون في حياتنا بالرغم أنه من أقدم تقنيات التنظيف. يقدر أنه منذ أيام الفراعنة تم خلط الرماد بالزيوت لتنشيط عملية الإذابة... ومن جماليات عمل الصابون أنه يكّون أسطحاً لشعبطة الدهون من جانب، والمياه من جانب آخر، ولذا فتسحب تلك الأسطح الدهون وكل الأوساخ العالقة عليها بما فيها جميع الجراثيم. وهناك المزيد من الجماليات، فعالم الفقاقيع الصادرة عن الصابون يستحق وقفة تأمل خاصة، هندسة الفقاعات تعكس بعضاً من أجمل القواعد العلمية الرياضية، تتكون الأشكال الكروية أو شبه الكروية للفقاعات عندما تكون مفردة، ولكن عندما تتحد في الرغوة الصابونية الجميلة، تتحول أشكالها إلى السداسيات بحوالى 120 درجة بينها. وبإرادة الله تحافظ هذه الأشكال على مبدأ ترشيد الطاقة في تكوينها، والحفاظ على شكلها. وبالرغم أن وفرة الفقاقيع لا تعكس قدرة الصابون على التنظيف، إلا أنها تضيف إلى جماليات هذه النعمة العظيمة، وهي من الخصائص التي استمرت عبر التاريخ. وعلى سيرة التاريخ، فلابد من الذكر أن الصابون شهد تطورات تاريخية كانت تعكس رقي الحضارات، ففي الحضارة الإسلامية كانت بالغة الأهمية بسبب التركيز على النظافة. ودعم ذلك توفر مواد الخام في منطقة الشرق الأوسط وحولها وبالذات زيت الزيتون. وأما في أوروبا فقد سطع نجم الصابون أثناء الإمبراطورية الرومانية بسبب توفر المياه، والحمامات العامة. ولكن بنهاية حقبة تلك الحضارة تغيرت الأحوال. وعندما بدأ وباء الطاعون يجتاح القارة الأوروبية ابتعد الناس عن الاستحمام بحجة أنه من مسببات العدوى. وأصبح الاستحمام من الطقوس السنوية النادرة. وكانت هذه هي أحد أسباب نشأة عالم العطور... بس بصراحة عطور «على مين» إذا كان الاستحمام مرة سنوياً... يا لطيف. وأخيراً، فقد ساهم تاريخ صناعة الصابون في قيام الحرب الأهلية الإنجليزية بين البرلمانيين من جانب، والموالين للملك «تشارلز الأول» من جانب آخر في الفترة 1642-1652 بسبب قيام الملك الإنجليزي ببيع حقوق احتكار التصنيع لبعض المصانع بهدف تنمية الإيرادات الحكومية...فقامت الدنيا ضده.
أمنيـــــــة
الحمد لله على نعم الله التي لا تعد ولا تحصى، وبالذات في أوقات الشدة والتي نشهد فيها تألق وطننا في إدارة هذه الأزمة العالمية الهائلة. أتمنى أن نتذكر بعضاً من روائع تلك النعم كلما غسلنا أيدينا بالصابون اليوم وكل يوم بإرادة الله،
وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي
00:41 | 26-03-2020
بكش
المقصود بالبكش هو الكذب، والخداع. ولو لم يكن مردود البكش مجدياً، لما مارسه البشر حول العالم بقوة. بل وحتى العديد من المخلوقات تمارسه بمستويات مختلفة من «الفراخة». من الفئران، والوزغ، والعراري، وملايين المخلوقات الصغيرة والكبيرة. واخترت لكم إحدى الأمثلة المميزة من عالم البشر، وتحديداً في استراتيجيات الحرب. في عام 1917 كانت معارك الحرب العالمية الأولى في قمة ضراوتها في أوروبا. وكانت الحرب دائرة في فلسطين أيضاً بين قوات الإنجليز والقوات العثمانية التي كانت مسيطرة على معظم الأراضي. وحاولت الحكومة البريطانية أن تؤمن الاستيلاء على القدس الشريف قبل عيد الميلاد، وتطلب ذلك اجتياح غزة التي كانت تحتوي على أكبر حشد من القوات العثمانية. ولم تفلح القوات الإنجليزية في مسعاها وفقدت العديد من قواتها في هجومها المباشر المتكرر. وتم اقتراح خطة لمفاجأة العثمانيين والهجوم على قواتهم من الشرق من جهة «بئر السبع» في صحراء النقب. ولم يكن ذلك متوقعاً لأن الطريق الأقصر والأسهل للقوات الإنجليزية كان من الجنوب عبر طريق ساحل البحر الأبيض المتوسط. وهنا اقترح أحد الضباط الإنجليز من ذوي الأصول الألمانية واسمه «مينتز هاجن» على وزن «فولكس واجن» تمثيلية مشبعة بالبكش ومفادها أن يتم «ضياع» أحد الضباط الإنجليز في الصحراء ليواجه قوات الأتراك بالغلط، وطبعاً سيطلقون عليه النار. وكانت الخطة أن يمثل وكأنه أصيب إصابة بالغة أثناء هروبه، ثم يسقط من ناقته حقيبة مليئة بالأوراق العسكرية وأهمها تؤكد أن خطة الإنجليز القادمة ستكون الهجوم المباشر من الجنوب على غزة. واحتوت الحقيبة أيضاً على خطابات غرامية وهمية من زوجة الضابط، ومجموعة من العملات المعدنية والورقية، والغذاء، والماء. وتم تلطيخ محتويات الحقيبة بالدماء لإضافة لمسات درامية. «يعني.. يعني» أن هناك إصابة مميتة. الشاهد أن القوات العثمانية شربت المقلب. كان للحقيبة أثرها ورفعت حالة التأهب للهجوم الإنجليزي من الجنوب. ولكن الهجوم الحقيقي جاء من الشرق وتسبب في تقهقر القوات التركية، فانتصرت القوات الإنجليزية ودخلوا غزة. وكانت هذه المعركة في أكتوبر 1917 من النقاط الفاصلة في تاريخ فلسطين الغالية، لأنها كانت منصة مهمة لدخول الإنجليز إلى القدس بعدها بستة أسابيع. وللعلم تم إطلاق اسم «هافرساك رووز» Haversack Ruse ومعناها «خدعة الحقيبة» وهي من أشهر عمليات البكش العسكري.. والهافرساك هي الحقيبة المحمولة على ظهور الجنود. وقد تم تقليد هذا البكش في العديد من العمليات العسكرية التاريخية. ومعلومة أخرى على الماشي: قام الإنجليز في عملية معركة غزة بتوزيع آلاف السجائر المطعمة بالأفيون على القوات العثمانية بطرق خبيثة جداً. تم توزيعها وكأنها سجائر عادية من مصادر تركية. تخيلوا مقدار «السطلنة» استعداداً للمعركة. وبعد انتهاء معركة غزة واحتلال القدس بشهر واحد، جاء البكش الأكبر فصدر وعد بلفور المشؤوم الذي تم به منح من لا يملك لمن لا يستحق.. منح أراضي فلسطين من الحكومة البريطانية إلى الصهاينة.
أمنيــــــة:
كثر علينا البكش بأشكاله وأنواعه المختلفة. أتمنى أن نحرص على التصدي له وعدم نشر كل ما يصلنا، وخصوصاً فيما يتعلق بالأزمة العالمية للكورونا والمهازل التي نراها يومياً من نشر شائعات، ومعلومات مغلوطة. والله يستر،
وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي
02:49 | 19-03-2020
واي
عنوان المقال هو من أجمل الكلمات المعبرة عن المفاجآت. وتعكس العديد من المعاني ومنها اكتشاف عدم الإدراك، بالرغم من وضوح الفكرة، أو الصورة، أو المعنى.. يعني مفهوم الفكر «المفوّت».. ويصاحبها عادة ضرب الجبين. أوقفتني الكلمة أثناء تحركي بسرعة 885 كيلومتراً في الساعة وعلى ارتفاع 11 ألف متر فوق سطح البحر الأحمر المتوسط، وذلك أثناء تحليق طائرتنا البوينج 777 جنوباً نحو أرض الوطن من شمال أوروبا فوق البحر الأبيض المتوسط. وتأملت في جهلي المخجل بالعديد من الأمور الأساسية ومنها بدهيات الجغرافيا. طبعاً عند ذكر هذه الكلمة، نتصور تشكيلات وطبيعة الأرض ولا نتصور «جغرافيا» المياه.. تخيل أن حتى الاسم الذي يطلق على كوكبنا بأكمله هو «كوكب الأرض» مع أن المياه تشكل معظم سطحه، بل وتصبغه باللون الأزرق الجميل من الناظر إليه من الفضاء.. يمكن الاسم الأكثر دقة مفروض أن يكون «كوكب المياه». ومن العجائب التي لا نفكر فيها هي التباين الهائل بين الشواطئ الأوروبية والأفريقية، وهي واضحة أمام شباك الطائرة.. حتى ولو كان النظر «شيش بيش». ستلاحظ أن الشواطئ الأوروبية مليئة بالجزر والنتوءات الجغرافية من شروم وخلجان، وكلها تساهم في إيجاد البيئة الملائمة لتكوين الموانئ. وتساهم السلاسل الجبلية في جنوب أوروبا وشمال أفريقيا في إيجاد هذا التباين الجغرافي العجيب. ولتتوقف لحظة عند هذه النقطة فلو تأملت في المدن التاريخية حول العالم ستجد أن معظمها موانئ: روتردام، وهامبورج، وبرشلونة، ونيويورك، وغيرها. وسبحان الله ستجد أن الموانئ والجزر في القارة الأوروبية هي أكثر بكثير مما تجد في أفريقيا.. وعلى سبيل المثال فضلاً انظر في شرق البحر الأبيض المتوسط وستجد المئات منها، وبعض منها كونت بلدانا بأكملها ومنها قبرص ومالطة، على سبيل المثال. ولكن لو بحثت عن الجزر المطلة على القارة الأفريقية في البحر الأبيض المتوسط ستجد أنها نادرة جداً. وبما أننا نتحدث عن المياه، ففضلاً قارن بين أنهار أفريقيا وستجد أنها تختلف تماماً عن أنهار أوروبا فالأولى تصب في البحر مباشرة وبالذات نهر النيل الذي ينعش مجموعات أراضٍ كثيرة قبل أن يصل إلى البحر. وأما الأنهار الأوروبية، فتحجبها السلاسل الجبلية المنيعة. الجغرافيا تضيء لنا العديد من الروائع سواء كانت جيولوجية، أو اقتصادية، أو سياسية.
أمنيـــــــــة
الجلوس عند نافذة الطائرة والتأمل فيما نرى هو عبارة عن متعة تعليمية رائعة لاستكشاف روائع الدنيا في السماء، وعلى الأرض، وفي البحار أيضاً. أتمنى أن نستعد لتغيرات جغرافية مهمة في ضوء التغيرات السياسية التي يشهدها العالم العربي. فالغالب أن يرى أبناؤنا وأحفادنا جغرافيا سياسية مختلفة عما نرى اليوم. والله يستر..
وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي
02:23 | 12-03-2020
اقرأ المزيد