-A +A
وفاء الراجح
العجيب بالأمر أن يكون الأمر نفسه عاديا لكن حين تقع «العين» عليه يتحول إلى شيء عجيب.

كل «عين» ترى شيئا مختلفا وتلتقط زاويتها باحتراف.


نجد في كل واحدة عالما سرياليا غريبا، يحاكي المادة حسب ثقافته وتصوره واطلاعه.

البحر يراه عامة الناس بحرا عاديا، وآخرون يرونه دلواً وقع على الأرض ففاض منه الماء، وأراه عينا هائلة تسبح بها قطرات الدمع على هيئة أسماك وحيتان وقروش لو غادرت موطنها ستفقد حياتها.

هكذا يتحول العادي إلى غرابة، وتصير الأشياء مقلوبة، وتصبح لها أوجه كثيرة مع أنها لا تمتلك رأسا.

ما أثار انتباهي أنها ماديات ليس إلا، أشياء قابلة للجفاف والطي والكسر والتلف، نستمد منها غذاء يمنحنا الحياة، ننفخ فيها الروح لتصبح كائنا حيا يعيش في عالم مثيولوجي، تتخلق به أفكارنا وتتوحد، ونحلم بالعيش فيه، والتحرك بين أدواته المنطوقة.

لا عجب في الأمر طالما أنه حدث يحصل ويُقرأ ويدون وتتناوله الأجيال. وزد على ذلك أننا نتوارثه ونكرره أكثر من أسمائنا مثل أبيات الشعر، الأغاني، قصص الجدات، وعادات وتقاليد نحفظها عن ظهر قلب ونكرس أعمارنا في البحث عن النسخة الأصلية لما وجدناه بين أيدينا وحفر في أعماق ذاكرتنا.

تنقب أعيننا عن التصور، وتقلبه، وتصنعه، وتنتجه بمعنى تتجلى به الحياة، تتجلى به آليات تجذب الآخرين إليها، كأننا ننصب فخا وبترقب وعنفوان ننتظر وقوع أحدهم بالمصيدة وحين يفلت منها نصنع آلاف الفخاخ..

معمل أيديولوجي لا تغلق أبوابه ولا تطفأ مصابيحه، يعمل على مدار التحديق والشرود والتفكر يعمل على مبدأ الربط والتحليل والاستنتاج وتحت رعاية العين التي حصلت بطريقة غير مباشرة على رمز الدخول.

لكل إنسان على وجه الأرض عين ثالثة إن لم تحصل عليها، ابحث عنها ستجدها بالقرب منك تنتظر أن تمد انتباهك لتفتحها.

كاتبة سعودية