في كارثة جدة الأولى سمعنا بعض التعليقات الطريفة على تلك الأحداث المؤلمة منها: إذا كنتم غير مستعدين لاستقبال الأمطار فلماذا تصلون صلاة الاستسقاء! ومع أن هذا السؤال تخيلي إلا أنه مع ذلك معبر إلى حد كبير، وهو بحاجة إلى إجابة معقولة!!
هل الأفضل أن نوقف صلاة الاستسقاء أم الأفضل أن نبحث عن أسباب الفساد التي جعلت من جدة مدينة يخافها معظم ساكنيها، ويؤرخ لها بـكارثة جدة الأولى، وكارثة جدة الثانية، ولست أدري هل نسمع بـ الثالثة وهكذا أم أن هذا الليل سيكون له فجر قريب؟!
بلادنا في أمس الحاجة للأمطار، ولكن كيف نعبر عن حبنا للمطر وبعض مدننا كما يقال: «تغرق في شبر ماء» وهذا الغرق ــ للأسف ــ ليس جديدا ومتكررا مما جعل هناك نوعا من الإحباط عند الكثيرين في بلادنا..
وللإنصاف فإن الأمطار التي رزقنا الله بها استطاعت كشف عورات أكثر من «أمانة» في أكثر من مدينة ولكن على تفاوت بين أمانة وأخرى..
في مدينة الدمام عانى الكثيرون من امتلاء كثير من الشوارع، وتحول بعضها إلى بحيرات، وسمعت الشيء نفسه في الرياض، وربما هناك مدن أخرى عانت من هذه الأمطار، ولكن ــ للإنصاف ــ فإن جدة حظيت بالمرتبة الأولى بامتياز وفي أكثر من مرة..
ومما يؤلم أن بعض «أمناء المدن» لايكاد يكف عن الحديث عن إصلاحاته «الهائلة» فإذا جاءت كمية قليلة من الأمطار كشفت زيف تلك الأقوال، وقد سمعت أن بعضهم تمنى نزول المطر لكي يثبت للجميع حجم إنجازاته الهائلة، وكيف أنه تغلب على كل المصاعب والمصائب فلما جاء ما تمناه ــ تحديا ــ نزلت المصائب على رؤوس الكثيرين الذين لم يقدم لهم إلا الكلام الذي لا قيمة له..
أمانة جدة، وبحسب المشاهدات المؤلمة لم تفعل شيئا منذ الكارثة الأولى وحتى الكارثة الثانية..
أحداث جدة كانت مثار تندر بعض الدول علينا، وكم كنت أتألم وأنا أسمع إعلام هذه الدولة أو تلك وهي تعرض صور الأمطار، ثم تعلق أن هذه الأحداث تجري في السعودية.. الدولة الغنية!! وبعضها كان يعرض صورا من الكارثة الأولى والثانية وكأنهم يقولون: أين الإصلاحات من ذلك التاريخ وحتى الآن؟!
كم هو مؤلم أن نسمع استغاثات الذين جرفهم السيل، أو المحاصرين، أو الذين فقدوا ممتلكاتهم .. وكم هو مؤلم أن يفقد البعض أحبته بسبب كمية من الأمطار على مدينة مثل جدة!!
كلنا نتعاطف مع كل مصاب مهما كانت درجة مصابه، ولكن تعاطفنا لا يكفي، لأنهم بحاجة إلى شيء آخر..
سؤال طرحه كل مواطن: أين تذهب الأموال الطائلة التي تنفق على البنية التحتية في جدة؟! أين المحاسبة؟! أين العقاب؟!
علي أن أذكر وأنا أتحدث عن هذه الكارثة كيف اهتم خادم الحرمين ــ وفقه الله ــ بما حدث في جدة، وكيف أمر بمعالجة الأوضاع بكل السبل..
وعلي كذلك أن أذكر اهتمام نائب الملك بالموضوع نفسه، وكيف طلب من سمو النائب الثاني أن يقدم كل شيء للمواطنين، وأيضا أن يحاسب كل المقصرين لكي لا تتكرر هذه الكوارث مستقبلا.
هذا الاهتمام جعل سمو أمير منطقة مكة يتخذ قرارات عاجلة لتخفيف مآسي المواطنين مهما كانت..
نريد وقفة حازمة تقضي على كل أنواع الفساد، فالدولة تنفق مليارات الريالات على البنى التحتية، والصرف الصحي، وتصريف السيول، وسواها مما يحتاجه المواطن، ولكننا لانرى آثار ذلك الإنفاق كما ينبغي، ولهذا تتكرر المصائب .. المحاسبة وحدها ستكون أولوية قصوى لبداية الطريق السليم.

للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة