-A +A
سلمان السلمي ــ مكة المكرمة

ظل على الدوام صوت المؤذن في رمضان برهاناً على الإفطار أو الإمساك؛ لذا يمثل المؤذن أهمية قصوى بالنسبة للمسلمين. ويتعلق المسلمون في أصقاع الدنيا بمؤذني مكة المكرمة والمدينة المنورة على وجه الخصوص للتعلق الشديد بالبقعتين المقدستين .

«عكاظ» التقت بمؤذنين من المسجد الحرام في مكة المكرمة وتحدثوا عن حياتهم في رمضان، وعن العديد من المواقف التي مرت بهم، وعن كيفية ضبط الوقت ومواقفهم مع المعتمرين والزوار، مبتدئين بشيخ مؤذني المسجد الحرام علي أحمد ملا المؤذن مذ كان عمره 14 سنة حينما كان طالباً في المرحلة المتوسطة وهو الذي التحق بالمسجد الحرام عام 1395هـ، كما عمل مدرساً للتربية الفنية وهو ينتمي لأسرة مؤذنين منهم والده وجده لأمه وخاله،

يقول الملا عن علاقته الطويلة مع الصدح بصوت الحق «من أسعد اللحظات عندما أؤدي الأذان؛ كوني أشعر بإحساس عظيم وأنا أرفع كلمة لا إله إلا الله من أفضل بقعة على وجه الأرض».

وعن طريقته في الالتزام بالوقت يقول مؤذن المسجد الحرام في مكة: «أنا وزملائي نسير على توقيت أم القرى، ولدينا ساعة ذات توقيت غروبي وأخرى ذات توقيت زوالي، كما أنني أحمل معي ساعتين لهما نفس التوقيت؛ إمعانا في ضبط الوقت أكثر وأكثر، فنحن نحرص على الحضور قبل الأذان بساعتين؛ لأنه تقع علينا مسؤولية عظيمة وهي توقيت الصلوات المفروضة للمسلمين إضافة إلى إفطارهم في رمضان، وتجدنا عند قرب الأذان ننظر في كل الساعات هل وقتها واحد أو مختلف، كما أن التوقيت الغروبي ثابت لا يتغير في صلاتي المغرب والعشاء، حيث إن توقيت صلاة المغرب الساعة 12 والعشاء 1.30 ونحن نسير على التوقيت الزوالي والغروبي وعلى توقيت أم القرى».

وعن العمل في رمضان يقول علي أحمد ملا «عندما يحين وقت دخول الأذان نطلقه ثم بعد ذلك نتناول إفطارنا».

وعن المواقف التي لا تزال عالقة في ذهنه ولا ينساها قال مؤذن المسجد الحرام «بعض المعتمرين أثناء اتجاهي للمكبرية يقولون لي هيا يا علي أذن على شأن نفطر وأنا لا أرد إلا بكلمة حاضر، ومن المواقف أن هناك معتمرا في إحدى السنوات من شمال أفريقيا جلس تحت المكبرية وكان يدق الباب وعندما استطلعت الخبر قال لي يا أخي أريد منك أن تنادي لي على فلانة بنت فلان قلت ومن هي قال زوجتي ضيعتها في الحرم وآمل منك أن تنادي باسمها علها تسمع النداء وأجدها فطلبت منه الاتجاه إلى مكان التائهين. وذات مرة لاحظت أن هناك شابا تركيا يلازمني منذ دخولي الحرم وأديت صلاة السنة وهو على ذات الوضع واتجهت للطواف وهو ملازم لي فاقترب مني وقال أريد أن أؤذن في الحرم يا شيخ علي فحاولت التخلص منه ولم أتمكن فقلت له سوف أطلع للمكبرية وأنت بعد طلوعي أنا الحقني في المكبرية ولما طلعت منعه رجال الأمن من الطلوع فجلس يقول يا شيخ علي يا شيخ علي فأشرت له بيدي مع السلامة مع السلامة».

ويعتز المؤذن علي أحمد ملا بأنه أذن في المسجد النبوي وفي مسجد قباء وفي عدد من المساجد في أمريكا، جبل طارق في إسبانيا، فنزويلا، وفي جامع الأزهر في مصر.

أما المؤذن نايف صالح فيدة المؤذن في الحرم المكي منذ 25 عاما فقد اعتلى مكبرية المسجد الحرام وعمره لم يتجاوز الثمانية أعوام مع والده الشيخ صالح فيدة، يقول نايف عن تلك اللحظة «لن أنسى ذلك الأذان الذي أديته لصلاة العشاء في المسجد الحرام وعندها تلقيت إشادات كبار المؤذنين في ذلك الوقت، وقد كنت مرافقا لوالدي ــ رحمه الله ــ وهو أحد أشهر مؤذني المسجد الحرام، فقد شغل منصب كبير المؤذنين حتى وفاته».

وعن مشاعره أثناء إلقائه الأذان يقول مؤذن الحرم المكي «ينتابني شعور بالرهبة مصحوب بفرح عظيم لا يمكن وصفه، وأنا أشكر الله على هذه النعمة العظيمة التي أقف فيها أمام البيت الحرام لرفع الأذان الذي ينتظره الملايين خاصة في رمضان».

نايف فيدة مدرس مادة الكيمياء يقول «دائما ما يسألني طلابي عن الأذان وعن جمله وعن كيفية أدائه وأجيبهم بصدر رحب عن كل تساؤلاتهم.

وعن الأشياء التي تساعد المؤذن على الأداء بصوت جميل يقول نايف فيدة «الصوت موهبة من الله عز وجل ثم لا بد من محافظة الشخص على حنجرته من السوائل الباردة والساخنة ورفع الصوت بشكل مستمر كل ذلك يؤثر على الحبال الصوتية؛ لذا أحرص على شرب العسل مخلوطا بالماء في الصباح الباكر، وكذلك أتناول الحبة السوداء فهي لا تفارقني وأحملها في جيبي إتباعا للسنة، كما أنني أتناول اليانسون بناء على نصيحة الأطباء».

يطالب مؤذن المسجد الحرام في مكة نايف فيدة من المرور تفهم وضع مؤذني الحرم بسبب معاناتهم المستمرة مع الازدحام في رمضان والحج «تمنيت لو أنني أستطيع قيادة دراجة نارية لكي أشق الزحام وأتخلص منه ولكن مع الأسف أنني لا أعرف قيادتها وهناك الكثير من المواقف مع الأخوة رجال المرور الذين نأمل أن يسهلوا مهمتنا في رفع هذه الشعيرة خاصة وقت الزحام، فعلى الرغم من أن الرئاسة خصصت لنا مواقف إلا أننا نجد صعوبة في الوصول إليها وكثيراً ما تركت سيارتي وذهبت جرياً على أقدامي كي لا يفوتني الأذان».

ومن المواقف التي ما زالت عالقة في ذهن نايف فيدة ما يرويه قائلا «رأيت في منام لي ذات ليلة شيخا ذا لحية كثة فصحوت من منامي وتوجهت إلى الحرم لأداء الأذان فقال لي زملائي إنه تم اليوم تعيين إمام جديد وهو الشيخ سعود الشريم فنظرت إليه وإذا به الشخص الذي رأيته في منامي فكنت أكبر فلما أردت أن أقول سمع الله لمن حمده قلت الله أكبر».