إذا افترضنا أن اللون الذي يرمز إلى السلام أبيض، ولون الحزن أسود، ولون الربيع أخضر، فما هو اللون الذي يمكن أن يرمز للكرامة؟ هل هي شفافة، بحيث لا يمكن إخفاء ما وراءها؟ أم أنها حربائية يتغير لونها بحسب المناخ والظروف والبيئة المحيطة؟.
خطر لي هذا السؤال حين قرأت أن رجل المبادرات فضيلة الشيخ عبد العزيز الحمين الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قد استحدث وحدة لحفظ كرامة المتهمين تضمن تطبيق مبادئ حقوق الإنسان بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية، وهي خطوة مهمة تسجل في تاريخه المهني ونسأل الله أن يجعلها في موازين حسناته، ولكن ليسمح لنا فضيلته بالتأكيد على أن هذه الوحدة ستكون عديمة الجدوى مالم توضح الهيئة مفهومها للأفعال التي تحط من كرامة الإنسان، مع ضرورة إعلان العقوبات المتخذة بحق منسوبي الهيئة الذين يمكن أن يقوموا بهذه الأفعال.
ولكي لا ندخل في معمعة المواءمة بين مبادئ حقوق الإنسان والشريعة الإسلامية، فإننا حين يأتي الحديث عن قيمة الكرامة الشخصية في الإسلام لا نجد مثالا أبلغ من العقوبة العلنية التي نفذها الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ بحق ابن والي مصر عمرو بن العاص ــ رضي الله عنه ــ بعد أن استغل سلطة أبيه وضرب شخصا غير مسلم، ويكفي أن نعرف أن المادة الأولى من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان استمدت ــ بقصد أو دون قصد ــ مما قاله الفاروق في ذلك اليوم الخالد، حيث تقول المادة الأولى من الميثاق: (يولد الناس أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق)، فهل يمكن أن يكون هذا المثال العظيم شعارا للهيئة أثناء تعاملها اليومي مع الناس من مختلف الجنسيات والأديان؟.
سأكون أكثر وضوحا وأسأل فضيلة الشيخ الحمين وقد اعتدنا من فضيلته سعة الصدر التي قد لا تتوفر عند غيره: لو أكلت (كفا) بالخطأ من أحد منسوبي الهيئة، فهل من العدالة أن يعتبر هذا الخطأ فرديا لا يستحق التصعيد ولا يمثل شيئا بالنسبة لإنجازات رجال الحسبة، وأن الواجب يحتم علي أن أنام (مدبوغا) من أجل مصلحة الأمة الإسلامية؟ هل استسلم لخطاب المؤدلجين ــ الذين يروجون لـ(طمطمة) مثل هذه الأخطاء ويحيطون المتهم بدائرة من الشكوك ــ أم أذهب إلى وحدة الكرامة فتحفظ لي كرامتي وفقا لمبادئ الشريعة الاسلامية: (العين بالعين والسن بالسن)؟.
بالأمس قرأت أن رجال الهيئة ضربوا مواطنا وشقيقته لمجرد الاشتباه بهما، رغم أنه كان يصطحب شقيقتين أخريين وهو أمر يمحو الاشتباه، ثم قامت الهيئة بعد ذلك بـ (الإفراج عنهما) بعد أن اتضح أن المرأة التي برفقته هي شقيقته، وأنه كان يستعد لإنهاء بعض الترتيبات المتعلقة بزواجه القريب (..هذا وجهي إذا تزوج!)، وأرى أن أول اختبار لوحدة الكرامة هو الاقتصاص لهذا المواطن وشقيقته ممن امتهنوا كرامتهما في لحظة شك خاطفة!.
klfhrbe@gmail.com


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة