أسست جامعة الملك سعود أول وقف تعليمي بتبرعات قدرها 950 مليون ريال للإسهام في تمويل الأنشطة التعليمية والبحث العلمي فيها. وأنهت أوقاف الجامعة التي يرأس اللجنة العليا لها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض تصاميم مشروع «أبراج الجامعة» الذي يعتبر باكورة مشاريع الوقف. ومشروع «أبراج الجامعة» عبارة عن مشروع متعدد الاستخدام يتكون من مجموعة من مباني الضيافة أحدها فندق خمسة نجوم، وآخر سبعة نجوم، وأجنحة فندقية مرتبطة بمجموعة فندقية عالمية. إضافة إلى مبان مكتبية، وطبية، وخدمات للمؤتمرات والاجتماعات والاحتفالات، إضافة إلى الخدمات التجارية والأسواق. الجدير بالذكر أن إجمالي المساحة البنائية للمشروع بلغت (379.942) مترا مربعا، ويحتوي على (6.414) موقفا.ودعت أوقاف الجامعة المتبرعين والمتبرعات من قطاع المال والأعمال والمؤسسات والخريجين والخريجات للمساهمة في تمويل باكورة مشاريع أوقاف الجامعة الذي يهدف إلى تعزيز واستقرار الموارد الذاتية للجامعة أسوة بالجامعات العالمية البحثية الرائدة.وقال مدير الجامعة الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن العثمان إن أوقاف الجامعة ستباشر أعمال التنفيذ خلال الأسابيع المقبلة. وذكر بأن الوقت أصبح مناسبا لمثل هذه المشاريع الاستثمارية التي تضمن استقرار الموارد المالية للجامعة، وبالتالي تمكينها من المنافسة العالمية.
وذكر أن الجامعة تؤسس لأول وقف تعليمي في المنطقة يسهم في تمويل برامج البحث والتطوير التقني بما يخدم البشرية ويعزز اقتصاديات المعرفة لتحقيق التنمية المستدامة للوطن، وتعزيز موارد الجامعة الذاتية أسوة بالجامعات العالمية المرموقة لتحفيز الإبداع والتميز على كافة الأصعدة، واستقطاب وتحفيز الباحثين والمبدعين والموهوبين والمتميزين ورعايتهم، وزيادة الاستفادة من موارد الجامعة البشرية والبنية التحتية والتجهيزات، ودعم المستشفيات الجامعية.
وأكد الدكتور العثمان أن الجامعة بادرت بوضع البنية الأساسية لهذا العمل الخيري بتخصيص موقع بمساحة تزيد على 180 ألف متر مربع على تقاطع طريق الملك عبدالله والملك خالد.
وسيقام على تلك المساحة مشروع «أبراج الجامعة». حيث تطمح الجامعة إلى تطوير عدد من المشاريع الاستثمارية المتميزة ذات المردود الاقتصادي الكبير، وتسعى للحصول على وقف بحدود 25 مليار دولار مما تخصصه الدولة ومن التبرعات. ولدعم ذلك فقد بادرت الجامعة باتخاذ الإجراءات الفعلية لتأسيس شركة تعنى بالجوانب الاستثمارية للجامعة «شركة الجامعة الاستثمارية»، والتي تهدف إلى استثمار أموال الجامعة والوقف بجانب المساهمة في عملية التنمية الاقتصادية لمدينة الرياض.
وبين الدكتور العثمان أن الأمير سلمان بن عبدالعزيز يتابع مشاريع الجامعة ويحث على تبني هذا المشروع والتعريف به، والمساهمة في تمويله على المستوى الشخصي، أو من خلال الشركات والمؤسسات، بلغ إجمالي التبرعات المرصودة للمرحلة الأولى 950 مليون ريال، منها 350 مليوناً لبرامج كراسي البحث الوقفية.
ومن جانبه أكد الدكتور عبدالرحمن بن حمد الحركان، أمين عام أوقاف الجامعة أن المستقرئ لواقع وتطور العلاقة بين الأوقاف وبين مؤسسات التعليم يجد أنها علاقة قديمة وفاعلة، ولا يختلف اثنان على أهمية ودور الوقف في دعم المؤسسات التعليمية في الحضارة الإسلامية على اختلاف عصورها، حيث ساهم الوقف في دعم مؤسسات التعليم بشكل كبير بما يمكنها من القيام بدورها على أكمل وجه.
وقد أدركت الدول الغربية هذه الأهمية للأوقاف ودورها الفاعل فنهجت مؤسسات التعليم في الغرب نهج الأوقاف من خلال توفير رؤوس أموال كبيرة خصصت لدعم أنشطة هذه المؤسسات العلمية والبحثية، فعلى سبيل المثال بلغت قيمة أوقاف جامعة هارفرد الأمريكية خلال عام 2008م (34) مليار دولار. في الوقت الذي نلاحظ فيه زيادة لهذا الدور الفاعل للوقف في مؤسسات ومراكز البحث الغربية، نجد غياب أو ضعف هذا الدور في مؤسسات التعليم والبحث العلمي المعاصرة في العالم الإسلامي.
وتهدف الجامعة من خلال «برنامج أوقاف الجامعة» إلى تعزيز مواردها المالية، والمساهمة في الأنشطة التي تعمل على رفع التقييم العالمي للجامعة، ودعم وتطوير أنشطة البحث والتطوير والتعليم، ودعم المستشفيات الجامعية والأبحاث الصحية لعلاج الأمراض المزمنة وإجراء الأبحاث المفيدة للبشرية، وتفعيل العلاقة بين الجامعة والمجتمع، تحقيقا لرسالة الجامعة الأساسية المبنية على تحقيق الشراكة المجتمعية لبناء مجتمع المعرفة.
تأتي أهمية أوقاف الجامعة في أنها محاولة للسير على منهاج علاقة الوقف التاريخية الفاعلة بالمؤسسات التعليمية، حيث توفر الأوقاف حدا أدنى من الاستقرار المالي للمؤسسات التعليمية، وتعمل كمظلة حماية وساتر أمان ضد أية ظروف استثنائية. ويمكن تلخيص أهم أدوار الوقف كما يلي:
- يعد الوقف مصدرا مهما لتمويل التعليم في الدول المتقدمة، حيث تشكل عوائد استثمار الأوقاف جزءا كبيرا من مصادر تمويل النفقات التشغيلية أو الجارية لمؤسسات التعليم، لذا فإن أموال الأوقاف تعزز الوضع المالي للجامعة وتمنحها استقلالية إدارية ومالية.
- يعد استقرار الموارد المالية من مقومات الإبداع والتميز في البحث والتطوير ويعتبر الوقف مصدرا مهما لتمويل كل من الإنفاق الاستهلاكي والإنتاجي.
- ينظر إلى الأوقاف كحماية مالية ضد التقلبات في الاقتصاد الوطني لأن أرباح تلك الأوقاف تصرف بصورة مبدئية على الأولويات التي تعتبر حرجة بحسب مهمة الجامعة.
- يسهم الوقف في الميزانية التشغيلية ودعم الأنشطة البحثية والتعليمية للجامعة على المدى الطويل لصالح الأجيال القادمة.
- يحقق تأسيس الأوقاف وإدارة أصولها، على أسس اقتصادية، أقصى منفعة ممكنة من الوقف بالنسبة للواقف والموقوف عليه، ويؤدي إلى دوام الوقف واستمراره، ومن ثم دوام تحقيق الهدف منه بالنسبة للواقف والموقوف عليه "الجامعة"، والمتمثل في تحقيق مفهوم الصدقة الجارية بالنسبة للواقف ودوام الانتفاع بالوقف بالنسبة للموقوف عليه "الجامعة". ويمكن تصنيف الموارد الوقفية من حيث التصرف في العائد الناتج عنها إلى قسمين الأوقاف المشروطة والأوقاف غير المشروطة: فالمشروطة هي الأوقاف التي يصرف العائد الناتج عنها في جهات الصرف التي يحددها الواقفون في شروطهم بحيث تتوافق هذه الشروط مع رؤية ورسالة الجهات التي يتم الوقف لها.