-A +A
د. عمر بن صالح المالكي - أستاذ مساعد اللغويات DrOmarAlmalki@
يبذل قطاع التعليم السعودي جهودا مؤسسية مضنية، في سبيل تحديث المناهج وتعزيزها بمحتوى هادف، يُبرز أهم المعالم والمكتسبات الوطنية. وعند طرح الأمر على طاولة النقاش والإثراء والتبادل المعرفي، تظهر لنا العديد من الأسئلة النوعية، التي يقع على رأسها: هل يكفينا أن يتعرف أبناؤنا الطلاب والطالبات في مختلف مراحل التعليم الأساسي والجامعي على مكتسبات وطنهم من الجانب النظري؟ أم أن هناك حاجة ليروا ذلك بأم أعينهم؟

أعتقد أننا بحاجة ماسة إلى تثبيت المكتسبات الوطنية بشكل تطبيقي لا نظري بحت، أما لماذا؟ فالسبب بسيط ومتعمق أيضًا حتى يتحول فهم ذلك من «علم يقين إلى عين اليقين».


في تصوري أنه يجب علينا اليوم قبل الغد تقديم فرصة حقيقية يعيش فيها عموم الطلبة، ولو للحظات التجربة مع هذه المكتسبات بتنوعها وأطيافها المختلفة، وأستطيع التأكيد أن «جيل الألفية» الصاعد بحاجة ماسة إلى الوقوف على هذه المكتسبات التي تتعاظم يوما بعد آخر، لكونها مرتبطة بجوانبها التاريخية، وواقعها الملموس، والطموحات المستقبلية، خاصة في ظل رؤية تستشرف لنا المستقبل المزدهر.

على أبنائنا الطلبة على سبيل المثال لا الحصر، إدراك نعمة «المياه المُحلاة» التي تصل إلى بيوتنا بكل صفاء دون انقطاع، فلم لا تكون هناك زيارات مدرسية منتظمة لمحطات التحلية ليتعرفوا على قصتها الوطنية وآلية عملها.

ومن الأمثلة الوطنية التي على أبنائنا إدراكها، رعاية الحرمين الشريفين، والخدمات الكبيرة التي تقدمها حكومة المملكة العربية السعودية لأكثر من مليار مسلم على وجه البسيطة، دون تمنن منها، وصدق الله «ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب».

«أرامكو، وسابك، والموانئ، ومصانع الغلال»، وغيرها من الشركات الوطنية العملاقة التي لعبت دورًا محوريًا في تعزيز المنظومة الاقتصادية التاريخية للمملكة، ونمو ناتجها الوطني المحلي، أُجزم أن تعريف الطلبة على ما قامت به سيُعزز في نفوسهم الحاضنة الوطنية، وكيف حرصت هذه الشركات على تأمين احتياجاتهم واحتياجات أسرهم بشكل مباشر وغير مباشر.

أما قصة «المنظومة الأمنية السعودية»، فحدث ولا حرج، فالبيات مطمئنين آمنين في بيوتنا دون خوف أو رهاب، من أهم التفاصيل والمكتسبات الوطنية التي منها الله علينا، وعلى أبنائنا معرفتها والاعتزاز بها.

وفوق ذلك كله، يجب أن يدرك أبناؤنا أن أكبر مكتسب وطني تحقق لهذه البلاد، هو توحيد المملكة العربية السعودية على يد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- ويمكن غرس ذلك من خلال زيارة إلى قصري شبرا بالطائف والمصمك بالرياض مثلاً.

ما ذكرته هو غيض من فيض، لذلك نحن بحاجة إلى وضع منهجية شاملة وهادفة لتعظيم مكتسبات الوطن في نفوس أبنائنا، ليستوعبوها ويعايشوها، من خلال الكتابة عنها، وتسجيل انطباعاتهم ضمن تقاريرهم الدراسية، والبدء بطلبة المرحلتين «الابتدائية والمتوسطة» مطلب مهم؛ لتفتيح مداركهم الفكرية، وتحصينهم ذاتيًا من المرجفين ومن عُميت أبصارهم عن رؤية ما أنعم الله به على بلادنا في ظل قيادتنا الحكيمة.