** منذ أعوام عديدة وحتى يوم الجمعة الماضية وأنا اردد دون وعي خلف بعض خطباء الجمعة.. ومن رزقني الله الصلاة خلفهم في رمضان.. دعاء توقفت عنده طويلا.. وكأنني أسمعه لأول مرة.. وهو الدعاء المنقول ربما منذ قرون ماضيه.. والذي نصه «اللهم ابرم لهذه الأمة ويقصد بها أمة الإسلام أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك.. ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر».. وليس هناك من تفسير موجز وشامل لهذا الدعاء غير الرجاء بأن يجعل الله لأمة الإسلام منهجا رشيدا يكتب فيه العز والرفعة لأهل الطاعة والذل والهوان لأهل المعصية.. لقد استوقفني الشق الأول من الدعاء الذي نسمعه كثيرا.. وأحيانا على لسان بعض العلماء المعروفين بتقواهم.. وعلمهم الغزير.. أما الشق الثاني وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فان المسلم يتمنى أن يكون أساس توجهنا العقدي عملا بقوله تعالى«كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله...الآية»..
لقد توقفت عند الدعاء على أهل المعصية بالذل والهوان.. في الوقت الذي يجب علينا كمسلمين أن ندعو بأن يهدي الله ضالنا.. وأن يشرح صدور العصاة من إخواننا.. فيهديهم الله إلى الصراط المستقيم.. وغالبا ماندعو الله ونحن مخلصون له الدعاء أثناء صلاتنا.. وعباداتنا وطوافنا وسعينا وحجنا فنردد الدعاء المأثور «اللهم أغننا بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك وبفضلك عمن سواك».. ونرجو الله أيضا ونتوسل إليه في كل قنوتنا «أن يقسم الله لنا من خشيته مايحول بيننا وبين معصيته».. فكيف بنا ندعو على أصحاب المعصية بالذل ولاندعو لهم بالهداية والعودة إلى طريق الطاعة المفتوح بالتوبة أمام كل منا وفي كل وقت حتى تبلغ أرواحنا الحلقوم..
وأرجو اخير أن لاأكون مخطئا في استنتاجي هذا.. وان يرشدني من هو أعلم مني إلى هدف ذلك الدعاء الذي أصبح شبه دائم في كل جمعة وقنوت وموعظة.. وهل يجوز أن ندعو على إخواننا ممن أغواهم الشيطان بارتكاب المعاصي أن ندعو عليهم بالذل أو ندعو لهم بالهداية.

Anahari@okaz.com.sa