هو أول طبيب سعودي يقوم بعملية تطويل عظام وكانت لطفل من أبناء القصيم ومن تلك العملية ذاع صيته ومع الأيام برع في التعامل مع جهاز (الليزروف) الذي وكما يقول ان كل الشواهد تؤكد على انه (الرائد) لهذا الجهاز ليس في المملكة بل على مستوى الشرق الأوسط. يستعيد ذكرياته أثناء غربته لنيل شهادة الدكتوراه والتي كاد مع أول خطوة له في ألمانيا أن يتراجع بسبب صعوبة لغتها لكنه تذكر عصامية والدته وكفاحها أثناء صغرهم فأجبر نفسه مع زوجته التي تزوج بها قبل أسبوعين على الالتحاق بأحد المعاهد لتخطي أول الصعاب وبعد ستة أشهر أصبح "يرطن" مثلهم وانطلق بعدها راكضا خلف تحقيق هدفه الذي صاحبه العديد من المواقف الصعبة والمفرحة. هو زكي احمد نواوي من مواليد مكة المكرمة عام 1957م تذوق اليتم منذ قدومه لهذه الحياة فما أن بلغ العام وبعده بأشهر قليلة وقبل أن يهنأ بعطف والده حُرم منه لوفاته وبسبب صغر سنه لا يتذكر شيئا من ملامح والده سوى من خلال بعض الصور له أو من خلال بعض ما سمعه من وصف الآخرين له وحتى لا يشعر بالحرمان احتضنته والدته وكذلك شقيقه وشقيقاته فهو الرابع بين خمسة أشقاء.
ومرت الأيام وهو ينمو ويكبر بينهم يلعب ويلهو وهذا يغدق عليه بالدلال والآخر بالحب لكنه لم يتذوق في ذلك الوقت الحلوى كبقية الأطفال الآخرين.
فظروفهم المعيشية في ذلك الوقت كانت صعبة جدا حتى أن أمه وبدعم من خال أمه الذي كان يمتهن الخياطة في جدة اشترى لها ماكينة خياطة وتحمل عبء السفر إليها في مكة المكرمة بين الحين والآخر حتى يعلمها كيفية التعامل معها وفي نفس الوقت للاطمئنان عليهم خاصة انه كان قد كفلهم بعد وفاة والدهم الذي لم يورث لهم سوى شقة في عمارة كانت نصيبه من ارث والده.
ومع الأيام يتذكر نواوي: أتقنت والدتي الجلوس خلف ماكينة الخياطة واتفقت مع خالها أن يساعدها في أن يرسل لها بين الحين والآخر بعضا من قطع القماش التي تصل الى دكانه لخياطتها بدلا عنه من اجل توفير المزيد من احتياجات أبنائها خاصة وأنها كانت تشعر أن الحمل بات ثقيلا على خالها وما أن بلغت الخامسة حتى قررت أن تغادر مكة المكرمة وتسكن بنا في جدة بالقرب من خالها ربما لإحساسها أننا بدأنا نكبر وبتنا في حاجة لمن يتابعنا ويرعى شؤوننا عن قرب.
في حصيرة الفقيهة
ويستطرد نواوي في سرد تفاصيل هذه الحقبة من حياته قائلا: وقبل أن التحق بالمدرسة وجدت نفسي جالسا مع بعض الصبية فوق حصير في بيت زوجة خال والدتي التي كانت تسمى بالفقيهة وعلى يديها تعلمت أول فك للخط والقليل من قراءة أحرف ألف باء وسرعان ما وجدت نفسي تلميذا في ابتدائية السعودية والتي شهدت اولى خطواتي الدراسية في حياتي بشكل جدي ومن فصولها وعلى أيدي أساتذتها تعلمت القراءة والكتابة ومن ساحتها قررت أن اكتب لنفسي النجاح والتفوق خاصة ان جميع إخوتي كانوا يهتمون بشؤوني وزاد من ذلك أن كل أستاذ علمني حرفا أو وقفت أمامه كان يقول لي اهتم بنفسك ولا تلتفت للعب فيوما ما ستصبح ذا شأن ان لم يكن للآخرين سيكون لنفسك. فالكثير منهم كان يقول لي ذلك من اجل تحفيزي على المزيد من التفوق حتى اهنأ في حياتي العملية وأعوض أهلي عن بعض الأشياء التي حُرموا منها خاصة لما عرفوا قصة حياتي وان شقيقي يوسف الذي أصبح مدرسا وهو في السابعة عشرة من عمره في ابتدائية السعودية التي ادرس فيها فمع التحاقه بمعهد المعلمين دخلت بيتنا بعض الأشياء واللوازم التي حُرمنا منها وبالذات مع وفاة خال والدتي فمن خلال أول مكافأة تسلمها اصبحنا نطبخ طعامنا على البوتجاز ومع المكافأة الثانية اصبحنا نشرب الماء البارد من الثلاجة وهكذا حتى تحسنت ظروفنا المعيشية بفضل الله ثم بفضل كفاح والدتي وشقيقي ووقوف خالها معنا.
ومن باب ابتدائية السعودية خرجت الى متوسطة الفلاح التي درست فيها ايضا مرحلتي الثانوية والتي شهدت هذه المرحلة انكبابي الكبير على كتبي ودفاتري ولم اعرف شيئا اسمه مرحلة المراهقة أو اللهو في الشارع كبقية أقراني، فالظروف التي نشأت فيها كانت كلها تقول أن عزاءك من الألم والتعب هو الحصول على أعلى الشهادات وبتفوق والتي بواسطتها سأحصل على الوظيفة التي سأقتات منها هانئا.
دراسة الطب
وبتقدير ممتاز حصلت على شهادة الثانوية العامة وحملتها إلى مقر تقديم البعثات من اجل الحصول على بعثة لدراسة الطب وسبب رغبتي في دراسة الطب يعود إلى أن في ذلك الوقت الجميع كان يود أن يرى ابنه إما طبيبا أو مهندسا رغم تأثري الشديد بمعاناة والدي في مرضه من الكبد لكنه لم يكن السبب الرئيسي في رغبتي للحصول على بعثة في الخارج والتي منيت نفسي بها كثيرا من اجل توفير مصاريف الدراسة لكني اصطدمت بكلمة نأسف لعدم توفر الإمكانية وانطلقت إلى رئاسة الطيران المدني من اجل الحصول على بعثة فيها ولكن هذه المرة في دراسة هندسة المطارات وللأسف وجدت نفس الكلمة السابقة نأسف لعدم توفر الإمكانية وتملكني اليأس كيف لي أن أحقق حلمي في نيل شهادة الدكتوراه وظروفي المادية صعبة والتفت يمينا ويسارا لعلي أجد من يتكفل بي ويتحمل عبء دراستي في الخارج وإذا بأحد الزملاء يهمس في أذني ونحن في الرياض هيا بنا نعود إلى جدة ونلتحق بأول دفعة لدراسة الطب في جامعة الملك عبدالعزيز ولم اصدق وقفزت من الفرح وحال وصولي إليها توجهت إلى الجامعة بعدها بأيام وجدت نفسي طالبا جامعيا في كلية الطب ورغم سنواتها الطويلة وارتدائي للبالطو وتطبيقي لدراستها في بعض المستشفيات لكني لم اسمع كلمة دكتور زكي إلا بعد تخرجي وكان ذلك في 1403هـ.
ففي ذلك العام قضيت بعض الوقت في مستشفى الملك فهد أثناء فترة الامتياز وكانت في معظم أوقاتها في قسم العظام بمستشفى الملك فهد وهذه الفترة جعلتني أتأثر كثيرا بآلام الأطفال ومعاناتهم من كسور في عظامهم أو من تقوسها أو قصر بعض أطرافهم وكنت اجلس في كثير من الأوقات مع نفسي أفكر في كيف سيصبحون غدا وبالذات الذين يعانون من تقوس أو تشوه أو قصر في أطرافهم وهل بإمكانهم أن يعملوا بشكل طبيعي وهل سيتقبلهم المجتمع وقد جذبني كثيرا لهذا المجال الدكتور عمر الباز طبيب العظام المشهور -يرحمه الله- الذي كان كلما وجد فرصة أجلسني بالقرب منه واخذ يغذيني من علوم وأسرار كيفية ترميم وإصلاح العظام المكسورة وفجأة جاءني توجيه بضرورة التحاقي ببعثة الهلال الأحمر السعودي الذي كان متوجها في ذلك العام 1405هـ إلى السودان حيث مكثت فيها مع بقية زملائي ثلاثة أشهر عشناها في ظروف مناخية وسكنية ونفسية لا يعلمها إلا الله مما خفف عنا الكثير وجعلنا نصبر أنفسنا بالتذكير للهدف الذي من اجله جئنا وهو تقديم المساعدة لإخواننا وهذا ما كان يشعرنا بالفخر والاعتزاز بدولتنا وبأنفسنا.
في المانيا
بعدها عدت إلى مستشفى الملك فهد وعملت أيضا في بعض المراكز الصحية وكنت خلال تلك الفترة أقوم بتحضير أوراق سفري للدراسة في الخارج ونيل شهادة الدكتوراه من ألمانيا التي دخلتها في عام 1986م ودرست في البداية لغتها ثم التحقت بجامعة كولونيا ولكني لم أجد فيها ما يشبع رغبتي من علوم جئت من اجلها فقد كان نظامها انه مهما تفوقنا لن نتعدى مرتبة المساعدين ومعنى ذلك انه لن يسمح لنا بإجراء عملية جراحية نختبر فيها قدرتنا ومدى استفادتنا وقد حاولت مع بروفيسور الجامعة والمسؤول عن رسالتي لكنه اخبرني أن ذلك هو نظام الجامعة ولا يمكن أن يتخطاه وان علينا أن ندرس سنواتنا وعند عودتنا لبلادنا علينا أن نطبق ما تعلمناه فيها. ولأن تلك الإجابات لم تقنعني ولم تشبع رغبتي في تحقيق هدف من اجله تغربت مع زوجتي حملت أوراقي إلى جامعة توبينجن وهي في جنوب ألمانيا وفيها مستشفى متخصص في جراحة عظام الأطفال التقيت بالبروفيسور أولجا الذي تفهم غايتي والهدف الذي أسعى خلفه شجعني على الالتحاق بهم وخاصة وانه قد علم اهتمامي بمرض عظام الأطفال.
وحتى لا أفوت على نفسي تلك الفرصة انكفأت على نفسي وساعدتني زوجتي كثيرا وأصبحت أتنقل من مكان لآخر بحثا عن أي مرجع يفيدني في دراستي وكنت أتبادل المعلومات مع زملائي سواء الذين سبقوني مثل فاضل عابدين أو شريف قشلان أو ممن كانوا من دفعتي وسبب تأثري بآلام مرض عظام الأطفال جعلني امكث الوقت الطويل في أقسام الطوارئ جالسا ومتأملا وفي نفس الوقت أركز بصري وسمعي للأطباء المعالجين فكلما تسلموا حالة دونت ما ذكروه في مفكرتي الصغيرة التي كانت لا تغادر جيبي من اجل الاستفادة.
وبسبب صعوبة الحياة في الغربة تحملت مع زوجتي الكثير من اجل توفير البعض من المال خاصة ان زوجتي بدأت عليها أعراض حملها الأول وبالقليل من الصبر والتحمل استطعنا أن نؤمن احتياجاتنا الضرورية القصوى دون أن نلتفت لمباهج الغربة أو التنقل من مكان لآخر من اجل النزهة. فبداية حياتي التي عشت فيها شظف العيش جعلني لا اعتمد بتاتا على الآخرين وان أحاول أن أؤمن احتياجاتي بنفسي على أن تكون تلك الاحتياجات ضرورية وبالقليل من الصبر ورغم أنني عرضت على زوجتي قبل وبعد ولادتها أن تعود إلى أهلها على أن الحق بها بعد حصولي على شهادة الدكتوراه إلا أنها أصرت على البقاء معي وملازمتي .
فقد تحملت من اجلي الكثير من العناء وكانت تساعدني في كثير من الأمور ساعدها في ذلك إجادتها للغة الألمانية وهذا كان اكبر محفز لي في الجلوس كثيرا مطالعا لمراجعي وكتبي الدراسية ومع تشجيع البروفيسور هولدز لي والذي أعطاني دعما قويا في دخول غرف العمليات ومباشرة بعض الحالات تحت إشرافه خاصة وانه يعتبر من الأطباء المشهورين في هذا المجال وجدت نفسي اجتاز العقبة الواحدة بعد الأخرى ففي أثناء دراستي قضيت بعض الوقت من الدراسة كتطبيق عملي في مستشفى كاترينا وذلك من خلال قسم العظام وأيضا من خلال مشاركتي في علاج بعض الحالات.
ولأن الغربة مرة ومثيرة في نفس الوقت للنفس فقد كان ينتابني بين الحين والآخر شوق للأهل والأحبة وأفكر وقتها في اخذ إجازة لزيارتهم لكنه كلما سمعت والدتي بذلك الأمر كانت تصبرني بدعواتها لي وتطلب مني البقاء لحين موعد الإجازة النظامية فقد كنت اشعر بآلام وأنا أجد ابنيّ احمد وريان يترعرعان في بلد غير بلدهما وفي مجتمع بعيد عن مجتمعهما وبين ناس لا قريب لهما فيه لكن الذي خفف عني ذلك هو أن سنواتهما القليلة في هذه الغربة بإذنه تعالى لن تؤثر على نشأتهما ولهذا حرصت مع زوجتي على أن لا يتأثرا بذلك المجتمع وعلمناهما بعض الأحرف الأبجدية وقراءة بعض الآيات والسور من القران الكريم. وأصعب ما كنت أتعرض له في غربتي أثناء دراستي للدكتوراه هو عند احتياج أسرتي لي كنت وقتها أتمنى أن أكون بين أهلي وناسي استعين بهم في الوقوف بجانبي ولذلك كنت كلما شعرت بتقصير تجاه أم احمد وريان لا املك سوى الاعتذار منها رغم علمها بالمجهود الذي ابذله ورغم علمها بمعاناتي وحرصي على أن أعود إلى وطني وقد تعلمت الكثير من أسرار معالجة العظام.
العودة إلى أرض الوطن
وفي عام 1991م وجدت نفسي ضمن ركاب الطائرة السعودية العائدة إلى ارض الوطن حاملا معي شهادة الدكتوراه وبرفقتي زوجتي وابني وعدت للالتحاق بمستشفى الملك فهد وهذه المرة مارست العمل فيه كطبيب جراح ثم سافرت الى امريكا والتحقت بجامعة بالتيمور- ماريلاند للتخصص في جراحة تطويل العظام ومكثت هناك ستة اشهر ودرست على ايدي البروفيسور دردر بالي وجون هيرزنبرج الذين يعتبران من امهر الجراحين وهما من ادخلا طرق العلاج بجهاز الليزروف الى امريكا الشمالية وقد استفدت كثيرا في هذه المدة بعدها عدت الى جده التي بقيت فيها حتى عام 1994م ولنيل درجة الاستشارية انتقلت للعمل في مستشفى الملك فهد التخصصي بالقصيم كرئيس لقسم العظام والذي شجعني على الخطوة انه سبق لي أن زرتهم قبل ذلك أثناء زيارة مخترع جهاز الليزروف وهو الطبيب الروسي الليزروف والذي ابهرني كثيرا بالطرق العلاجية التي كان يتبعها في معالجة ما استحوذ على تفكيري طيلة سنواتي الماضية فعلى الرغم من أنني سمعت عن فعالية هذا الجهاز لكني لأول مرة أرى تطبيقه أمام عيني من خلال الحالات التي أجريت لها في القصيم والتي جعلتني أعود إلى جدة وأنا أفكر في كيفية إتقان ذلك العلم وتلك الطريقة العلاجية.
وقد بدات في علاج بعض الحالات لكن انطلاقتي الحقيقية كانت من القصيم من خلال بعض حالات الاطفال ولم تمض اشهر قليلة من عام 1997م حتى بدأ الناس يسمعون عن فعالية هذا الجهاز خاصة مع حالة الطفل الذي كان يعاني من قصر أطرافه السفلية والذي تمكنا بفضل الله كفريق من معالجته.
الى روسيا
ومن اجل اتقان التعامل مع جهاز الليزروف سافرت إلى روسيا وهناك التقيت بالبرفيسور شوفيتسوف الذي تولى القيادة خاصة بعد وفاة مخترع جهاز الليزروف وتعلمت منه الكثير وعدت محملا بأمل علاج المرضى بواسطة هذا الجهاز خاصة للذين يعانون من التشوهات وقصر العظام وعدم التئام كسورهم وبتوفيق الله ثم بدعم الزملاء بدأت الناس يتعرفون على هذه الطريقة والاهم من ذلك أن المرضى بدأوا في تقبل الجهاز كمعالج وعدت الى جدة وفي نفس المستشفى الذي دعمني كثيرا حتى أصبحت العيادة مكتظة بالمراجعين والذين وصل عدد المنتظرين منهم الى اكثر من 400 مريض جميعهم ينتظرون دوره في العلاج بواسطة هذا الجهاز الذي يحتاج من الطبيب المهارة والبعد الخيالي والتمتع بالحس الفني في تركيبه لأنه شبيه بالاشكال الهندسية واعتقد أن ميولي للفن والرسم كان له دور في تخصصي في التعامل مع جهاز الليرزوف الذي اشبع رغباتي.
الليزروف
وجهاز الليزروف هو عبارة عن مثبت خارجي ذي حلقات دائرية معدنية تثبت في العظام حول الأطراف العلوية أو السفلية بأسلاك وتتصل هذه الحلقات بمحاور ذات اتجاهات مختلفة لتعديل وتطويل وتقويم الأطراف العظمية ومنذ ما يقارب السنتين قمنا بإستخدام جهاز تي إس إف (Tylor Spatial Freme) الذي يتم استخدام الكمبيوتر في حساب تعديل وتقويم وتطويل الأطراف قد سهل علاج هذه الحالات للجراح والمريض. وعلى الرغم من أن البداية كانت قد شهدت مني الكثير من الحرص أثناء العمليات حتى أن بعض الزملاء كانوا يستغربون أن لم يتضايقوا مني بسبب ذلك الحرص الشديد الذي كان يجعلني اجلس أمام المريض بعد الانتهاء من تركيب الجهاز واعيد النظر في المسافات وطريقة تركيب الجهاز وذلك حرصا مني على عدم وجود أي خطأ فجراحة الليزروف تعتبر صعبة بداية من تركيب الجهاز وحتى إزالته من جسم الانسان ولكن مع مرور الزمن قللت من ذلك الحرص رغم ملازمته لي حتى الآن.
ومسألة أنني رائد في التعامل مع هذا الجهاز اعتبر ذلك فخرا لي فكل الحقائق تشير الى أن ذلك هو الواقع فالجميع وبالذات الذين يتولون تسجيل الأحداث يعرفون أن انطلاق ثورة العلاج بجهاز الليزروف كانت على يد البرفسور لازروف الروسي وكان ذلك في عام 1980 ثم وصلت إلينا هنا في عام1991ومع ذلك هذه المسألة لا تهمني كثيرا لأن الذي يهمني هو أن أرى مرضاي وقد منّ الله عليهم بالصحة والعافية وان أرى انتشار هذا الجهاز خاصة ان الذين يعملون فيه هم قلة وهم معدودون على الأصابع رغم الحاجة التي تتطلب أن يكون لدينا مركز متخصص في علاج أمراض العظام بواسطة هذا الجهاز وذلك لفاعليته في الكسور المستعصية التي تنجم عن الحوادث والتي عادة ما تكون مهشمة بسبب السرعة الزائدة.
وهذا ما يجعلني في بعض الأيام اضطر للبقاء داخل المستشفى لساعات طوال بالإضافة إلى شعوري أن من الواجب علي أن أقف مع الحالات التي لا تستطيع أن تتلقى العلاج في بعض المستشفيات فبعض العمليات وبالذات تطويل العظام مكلفة ماديا وقد تصل إلى مئات الآلاف ريال وأنا تذوقت اليتم ما يجعلني اشعر بمعاناة الآخرين وهذا هو السبب الحقيقي لوجودي داخل المستشفى لساعات طويلة فالجراح لو اعتقد في ذات نفسه انه ملزم بساعات دوام محددة لن ينجح بتاتا لأنه جعل مهنة الطب مهنة يقتات منها ونسي أنها في المقام الأول مهنة إنسانية تتطلب التواجد والتدخل في جميع الأوقات.
وعلى الطبيب الا ينتظر من الآخرين أن يشكروه أو يجاملوه بل ينتظر الجزاء من الله وهذا هو ردي على من يعتقد أنني كرائد في جهاز الليزروف لم أجد التقدير أو التكريم ناسين أنني في كل يوم اقدر وأكرم من قبل مرضاي الذين يرفعون أيديهم للسماء داعين الله لي بالكثير من الخير وهذا يكفيني حتى عن إدارة قسم العظام بالمستشفى لأني أؤمن أن الإدارة أو العمل المكتبي سوف يأخذني من معشوقتي فانا لا أجد نفسي سوى داخل غرف العمليات والإدارة ستحرمني من تلك المتعة التي جعلتني ارفض الكثير من المغريات وبالذات العقود التي وصلتني من داخل وخارج المملكة وجميعها اعتذرت منها لارتباطي الأسري والاهم من ذلك حرصي على خدمة أبناء مجتمعي لوطن أعطاني الكثير وجعلني أصبح محاضرا في جامعات أمريكا والتي من حين لآخر تستدعيني لإلقاء بعض المحاضرات والتدريب فيها أثناء المؤتمرات التي تقيمها والتي كانت آخرها قبل عامين وقد انبهروا بكفاءة الطبيب السعودي خاصة عندما علموا أن عدد الحالات التي أجريت بواسطة جهاز الليزروف أكثر من 2000 حالة وهو عدد كبير وان جميع نتائجها كانت مشجعة.
الجميع يعرف أن جهاز الليزروف يعود إلى مبتكره الروسي البروفيسور لا زروف وهو مسجل باسمه ولا خلاف على ذلك ولكن هذا لا يعني أن نهضم حق الآخرين الذين عملوا بعض الاضافات وهذا يفعله كل جراح اذا استدعت الحالة لاضافة بعض الحلقات او الاعمدة لكن هذا لا يعني أن ندعي انهم هم من ابتكروا هذا الجهاز.
نواوي رائد العلاج بـ«الليزروف»:
في ألمانيا تعلمت الكثير من أسرار العظام
6 مارس 2008 - 22:39
|
آخر تحديث 6 مارس 2008 - 22:39
تابع قناة عكاظ على الواتساب
محمد الهتار -جدة