مؤرخ قريتي الراكب والظبية.
مؤرخ قريتي الراكب والظبية.
-A +A
عبد الرحمن شار (صبيا)shar131@
كيف كانت طقوس رمضان ولياليها في الظبية والقرى القريبة منها قبل 60 عاما.. وما هو المناح الذي كان يتناوب عليه الأهالي؟

يحدثنا مؤرخ قريتي الراكب والظبية في صبيا موسى العقيلي عن تلك الأيام، ويقول: قبل حلول الشهر بأيام كان الطلب يكثر من الفقراء على الحليب ويطلب الجار من جاره والصديق من صديقه شاة يرعاها ليشرب حليبا هو وأطفاله بصفة العارية المرتجعة وتسمى (المناح) يمنحها المقتدر للفقير شهرا أو شهرين أو سنة، وذلك لعدم مقدرة الفقير على شراء شاة لحلبها والانتفاع بها، وإذا جاء وقت الإفطار أخرج الصائمون صحافهم الخشبية السوداء المطلية بالقطران وملأوها بالماء ومعها حبات التمر الأسود أو الأحمر أو اللبن فإذا شرب من صحفته تنسم منها رائحة المستكا.


وعن طريقة حفظ الأطعمة يشرح العقيلي، لم تكن هناك ثلاجات والناس كانوا يستخدمون القرب والشنان، إذ تعلق في الظل وتعرض للهواء، وقبل أذان المغرب بربع ساعة يتجمع الصبيان حول منازلهم لسماع الأذان ويجتمع الرعيان على أطراف القرية ويرددون الآذان، وقبل الإفطار تجهز ربات البيوت الطعام، المكون من خمير الذرة أو الدخن ومغش اللحم الذي تفوح رائحته قبل أن تراه من تنوره من على بعد 100 متر ومن لم يجد لحما كان يستبدل ذلك باللبن الرائب أو القطيب أو السمن والسليط ويتبادل الجيران أطباق الفطور والسحور ومن كان موسرا ذهب بفطوره إلى المسجد القريب ليفطر معه المسافر والغريب، وفي بعض الأيام يفطر الصائمون على الدجرة ومرقتها ويضاف إليها الحلبة البلدي وتخلط بالسليط، ومن كان يمتلك زبدة أو سمنا فيعتبر إفطاره شهيا. وعن العادات الرمضانية لكبار السن يقول العقيلي: كنا نمسك عن الأكل والشرب وقت سماع المؤذن ونمنع الصغار من الإفطار حتى ينتهي المؤذن ظنا منا أن الصيام غير مقبول لو أفطرنا قبل إتمام المؤذن للأذان. وكان المؤذن بخبرته يعرف الغروب وبعضهم كان يحمل ساعة سويسرية تسمى الصليب لا يلبسها في يده، وإنما يضعها تحت صدره ويخرجها لوقت الغروب العربي، فهي مؤقتة على العداد العربي لا التوقيت الزوالي.

ثم ينطلق كبار السن إذا سمعوا نداء العشاء مع التراويح فيصلي الإمام مع المصلين صلاة التراويح قرابة نصف ساعة وبعد الانتهاء من التراويح يسمر الجار مع جاره والشباب مع بعضهم مدة ساعتين بعدها يتهيأ الجميع للنوم عند منتصف الليل، وكانت مساكنهم ومساجدهم من القش وإذا جاء وقت السحور يوقظ الجيران بعضهم بعضا من خلال النداء البعيد عند الساعة الثانية ليلا، فتقوم ربة المنزل بطحن حبوب الذرة أو الدخن ثم خبزه في التنور وإخراجه بعد ساعة من طحنه وخبزه وتقوم بهرسه بالحلبة والسمن مع السكر أو العسل وعندما يتم الانتهاء من وجبة السحور ينطلق من كان قارئا إلى مسجد القرية يقرأ القرآن حتى تقام الصلاة، وكانت المصاحف توضع في زنابيل وتعلق بداخل المسجد الذي تقدر مساحته بـ20 مترا مربعا تقريبا وبعد الفجر ينطلق الجميع نحو الحقول والمزارع ورعي الأغنام حتى وقت القيلولة فيدخل الصائم في عشة أو عريشه أو شجرة باردة مبللا ثوبه بالماء ليطفئ حرارة الشمس.