رحيل الفنان محمد السراج جاء عقب وداعه عالم الموسيقى والفنون قبل نحو عشرة أعوام عندما بدأ طريق العودة إلى بلده من هجرة طويلة الى مصر بدأت منذ منتصف السبعينات الميلادية حيث تزوج لأول مرة هناك. هجر السراج للفن كان بعد أن أعفى لحيته وقدم ألبوما للغناء والابتهال الديني بالدفوف فقط، حيث لحن هو وغيره هذه الأعمال بعنوان "توبتي" وكان من أشعار الامام الشافعي "محمد بن ادريس" وأشعار الداعية الاسلامي تاج الدين نوفل والشاعر القاضي محمد المقيرن، قدمت عن طريق الاتقان للانتاج الفني بمتابعة من المستشار أيمن السراج صاحب الاتقان للحج والعمرة، وهو صاحب الفضل في تشجيع الراحل على هذه الخطوة، وأعمال الألبوم كانت تحت مسميات "زحام الأجسام، الأسير، اسمعيني، توبتي" وغيرها.. وقد احتفت "عكاظ" بخطوته تلك آنذاك، وقدمناها بشكل يشجع السراج على خطه الجديد الذي اختاره لنفسه.
والسراج ابن أسرة من القصيم فوالده الشيخ ابراهيم المطوع رحمه الله الذي شجع ابنه محمد كثيرا في دخوله الوسط الفني صغيرا عندما كانت الأسرة تعيش في الطائف وقبل انتقالها للعيش في جدة في ستينات وسبعينات القرن الميلادي الماضي "جوار السفارة الأردنية في شارع المينا، امام قصر الملك سعود -خزام".. أي أن محمد السراج وشقيقه الملحن نجيب بطيش عاشا حياة القصيم والحجاز في نفس الوقت "جذورا ونشأة" وعند ظهور موهبة محمد السراج في الطائف اطلق عليه اسم "الطفل المعجزة" لأن ظهوره كان وسط حياة فنية حافلة لكبار نجوم الغناء في عصرهم الذهبي، طارق عبدالحكيم، عبدالله محمد، طلال مداح، محمد عبده، عبدالقادر حلواني، محمود حلواني وغيرهم.. حتى أن تاريخه الفني ارتبط بأسماء فنية عظيمة مثل الراحل عبدالحليم حافظ عندما قدمه صديقاه صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن منصور بن عبدالعزيز والموسيقار محمد شفيق لصديقهما المشترك عبدالحليم حافظ ليشاركه الغناء في احدى حفلاته "ولكن يومها لصغر سنه وعدم الخبرة والتجربة لديه استنكف ان يوضع اسمه كلاحق ببنط صغير في اعلانات الترويج لحفل عبدالحليم ورفض الغناء واضاع على نفسه فرصة ترمي باسمه الى قائمة كبار فناني العرب".
وحقق السراج نجاحا كبيرا نافس فيه عددا من نجوم ساحنة الغناء المحلي، وذاعت أغنياته بشكل ملفت منها "يا ناس من العذال" وغيرها وكان أكثر التصاقا رحمه الله مع الموسيقار محمد شفيق في فترة دراسته بالقاهرة والذي لحن له أشهر أعماله مثل "غدير البنات" من أشعار رائد كتابة الأغنية ابراهيم خفاجي والموسيقار سامي احسان.. والحان أخيه الأكبر نجيب السراج الذي كون معه ووالده الشاعر الراحل "أبو نجيب" ثلاثيا فنيا كبيرا وهاما هيمن على عطاء معين في الغناء الحجازي في فترة ما.. بدأت في نهاية الستينات الميلادية وبداية السبعينات الى مرحلة اعتزال السراج..
وعن الراحل يقول الموسيقار سراج عمر: السراج صديق عزيز وكان من أنقى شخصيات الوسط الفني بعد فوزي محسون.. وجمعتني معه أعمال عديدة لعل في الذاكرة منها (هذا القمر اللي تحبون) من اشعار سمو الأمير الشاعر محمد العبدالله الفيصل و (اسمروا والا سرينا) كلمات عبدالله الجار الله.. ويضيف سراج عمر: ان من يحبني يعزيني في الراحل محمد السراج الصديق الأقرب الى قلبي والفنان الذي لو تنبه لما يملكه من موهبة لاصبح وبصفة أكيدة ثالث اضلاع مثلث الاغنية في المملكة بعد طلال مداح رحمه الله ومحمد عبده.
وكثيرة هي الأعمال التي جمعت بين الموسيقار محمد شفيق والراحل السراج لعل من ابرزها (هذا جزاي) لسمو الأمير محمد العبدالله الفيصل و (انت ترى على بالي) من أشعار مصطفى زقزوق و (حماك الله) كلمات صالح جلال اما مع الشاعر الراحل محمد صالح نوار فمنها (اهلا بالخالد) وكانت عام 1980 بمناسبة عودة الملك خالد بن عبدالعزيز يرحمه الله من رحلة علاجية و(أي الطريق اقرب) و(سحابة صيف) و(درب الهوى) من اشعار غدير و(تكسر الموجة) و(اغلا بكرة) اشعار الأمير بدر بن عبدالمحسن و(السعودية بلادي) و(جدة) كلمات احمد قنديل - رحمه الله -. اما الموسيقار سامي احسان الذي رافق بدايات محمد السراج في جدة ولحن له بعض بدايات مشواره الفني منها اغنية (نجاح) من كلمات ابو نجيب فرأى ان السراج ظلم في حياته الفنية من بعض الذين كانوا حوله, حيث لم يدع هؤلاء طريقاً لغيرهم من الشعراء والملحنين الاقتراب منه وان يكتفي بإنتاجها, ويضيف سامي احسان: لولا هذه الفكرة غير السليمة لكان السراج واحداً من اكبر نجوم ساحة الغناء العربي.. لقد جُني على موهبته وصوته لأنه في تلك الفترة كان صاحب أشهر اغنية يقدمها مطرب في كل حفلاته حتى انها نافست لنا الله (يا ناس من العذال.. ايه قصدهم منا) من كلمات احمد عبدالغني بنونة والحان محمود عبدالعزيز لقد كنت آتي بنصوص ملحنة وجميلة لكل من سمو الأمير خالد الفيصل وسمو الأمير بدر بن عبدالمحسن واستاذنا ابراهيم خفاجي إلا ان هؤلاء كانوا يرفضون ذلك ويصر على ان يغني غيرها.. ومن هذه الأعمال كانت أغنية (زل الربيع) التي اعتبرت اضافة لعلي عبدالكريم عندما قدمها بصوته بعد رفض هؤلاء ان يغنيها السراج.. ويختتم سامي حديثه بالقول: كان محمد السراج ملتزماً وموهوباً وجاداً في فنه ومواعيده.. ثم انه كان يسرني بأن اعمالي والحاني تعجبه لكن الأمر ليس بيده فثمة من كان يرفض ذلك ولا يملك من الأمر شيئاً.
يشار الى ان للفقيد محمد السراج ولدا وبنتا هما ماجد وريهام وهو من مواليد 1374 هـ - 1954م.
ومساء اليوم السبت آخر أيام تلقي العزاء في دار صهره في شارع حراء بعد ميدان التاريخ غربا، المدخل الذي يلي صيدلية النهدي ثم ثالث مدخل يسار أو على هاتف شقيقه نجيب (0507445744).
أطلق عليه في الطائف «الطفل المعجزة » وارتبط اسمه بالعصر الذهبي
محمد السراج.. يودّع الحياة بعد «توبته »
3 أكتوبر 2008 - 20:18
|
آخر تحديث 3 أكتوبر 2008 - 20:18
تابع قناة عكاظ على الواتساب
علي فقندش، صالح شبرق- جدة