جانب من الندوة.
جانب من الندوة.
-A +A
علي فايع (الرياض) alma3e@
رفض صحفيون وأدباء، شاركوا في الندوة الحوارية التي أدارها الشاعر والإعلامي موسى محرق، تحت عنوان (الصحافة الثقافية.. هل هي قائدة للمشهد الثقافي أم تابعة له؟)، تبعية الصحافة الثقافية للساحة وقيادتها، وشارك في الندوة الدكتور إبراهيم التركي وهاشم الجحدلي وعبدالله الحسني، إذ رأى الدكتور إبراهيم التركي، الذي رأس الشؤون الثقافية في صحيفة الجزيرة لأكثر من أربعة عقود، أنّ الصحافة الثقافية لم تكن قائدة ولا تابعة وإنما هي انعكاس للمشهد. وأضاف: الحديث عن تراجع الصحافة الثقافية فيه خلل كبير، لأنّ الثقافة جزء من كل، وهذا الكلّ المتمثل في الصحافة تهاوى.

وأكد التركي، أنّ الصحف تعاني، وعلينا البحث عن معاناة الصحف قبل بحثنا عن معاناة الثقافة. وطالب التركي وزارة الثقافة بإعادة الثقافة وصحافتها للواجهة، لأنها معنية بذلك. فيما رأى نائب رئيس تحرير صحيفة «عكاظ» السابق هاشم الجحدلي، أنّ عنوان الندوة والتعامل معه كأمر واقع، كمن يسألك «ماذا تفعل أمس؟».


وأضاف: واقع الصحف يحتضر، وعلينا ألا نسأل عن الصحافة الثقافية وماذا تقدم. ورأى الجحدلي أنّ الصحافة الثقافية تمثل في خارطة العالم العربي والعالم جزءاً أصيلاً من هذا العالم، وهي حيّة ولها متلقوها، واستشهد بصدور طبعة أولى جديدة من روايات سيلين في باريس قبل أسابيع وطبع منها 200 ألف نسخة، حيث تسابقت عليها الصحف بالعرض والنشر. وأشار الجحدلي إلى أنّ وسائل التواصل لدينا تحولت لمصادر أخبار تأخذ بضاعتها من الصحف ومن أفواه الناس، لكن لا يمكن الرهان عليها، لأن الصحافة الثقافية التي نتكلم عنها هي الصحافة الثقافية التي نعرفها والتي شاركت في المشهد الثقافي منذ التأسيس، ونشر المثقفون فيها بمقابل، وصار المقابل جزءاً من دور هذا المثقف قبل أن يختفي هذا المقابل، في ظلّ تضرر هذه المؤسسات الصحفية.

وأكد الجحدلي أنّ الحل الوحيد أمام الصحافة الثقافية أن تتحوّل، لأنّ الصحف الثقافية لها تأثير حتى على ترجمة الكتب، ودور النشر والحاجة للصحافة الثقافية ملحة وضرورية. واستشهد الجحدلي على غياب الصحافة الثقافية بمعرض الكتاب قبل خمس سنوات، إذ كنا نجد أكثر من 100 صحفي داخل المعرض ينشرون الأخبار والقضايا والأحداث، ونظراً لضعف الكفاءة المادية وقلة الدعم داخل هذه المؤسسات الصحفية قل هذا الدور وربما يختفي، ولم يعد أمام المثقف والأديب إلا وسائل التواصل أو الاستضافات أو عن طريق المنتج الثقافي والأدبي.

وأكد الجحدلي، أنّ المفهوم الآن للصحافة الثقافية أنها تتعامل مع النخبة باعتبارها فرداً، فيما الثقافة في دول العالم صناعة وليست تجارة وما يصرف عليها في العالم مهول، والواجب علينا أن نقدم للثقافة الدعم وفي مقدمة المدعومين الصحافة الثقافية. أما مدير تحرير الشؤون الثقافية في جريدة الرياض عبدالله الحسني، فقد هاجم منصات التواصل، التي قال إنها أعطيت أكثر من حقها، ولا يمكن أن تقدم هذه المنصات ثقافة، وهي وسائل وقنوات لا يعول عليها في تأسيس وعي ثقافي. وأكد الحسني أنّ المزاج العام تأثر بهذا التغول لشبكات التواصل التي جهّلت الإنسان وسلّعته وساهمت في هشاشته، كما قال. وعدّ تحميل صفحات الثقافة مسؤولية التراجع الثقافي اتهاماً لا يصح، لأنّ الصحافة الثقافية تقدم ثقافة، وأيّ غياب في التأثير الواجب ألا تحمل الصحافة الثقافية وزره بل علينا مساءلة المزاج العام. ورأى الحسني، أنّ شبكات التواصل أوهمت كثيرين بكتابة نصوص أدبية لا رقيب عليها، فيما كانت الصحف تفرز هذه النصوص فلا تنشر إلا ما يستحق النشر. واتهم الحسني بعض المثقفين بالتبسط في وسائل التواصل، في ظلّ غياب القارئ الجاد، وأنّ جلّ ما يدور في شبكات التواصل من جدل هو انعكاس لما يدور في الصحف الورقية.

وفي المداخلات، أكد الدكتورعبدالله السلمي، أنّ تسويق ضعف الثقافة في الصحف أعطى انطباعاً سيئاً عنها، وأنّ التعويل على الحالة الارتدادية للمجتمع مطلب، وكذلك مهارة الصحافة في صنع معارك تعيد النظر إلى الثقافة.

فيما رأى الدكتور زيد الفضيل، أنّ العنوان لم يفكك بشكل جيد لكي نصل إلى إجابة، وأكد أنّ الصحافة التي قادت المشهد في الثمانينات فقدت دورها بشكل أو بآخر. فيما حمّل علي الألمعي المثقفين مسؤولية ضعف الصحافة الثقافية وتراجع دورها، لأنّ المثقف قبل شبكات التواصل كان شغوفاً بالمعرفة والثقافة، فيما بات اليوم شغوفاً في شبكات التواصل بالرتويت والإعجاب!