جونسون بعد نتيجة التصويت. (وكالات)
جونسون بعد نتيجة التصويت. (وكالات)
الباحثون سيفسرون تأثير تقصير الأسبوع على الصحة العقلية والرضا الوظيفي وساعات النوم. (وكالات)
الباحثون سيفسرون تأثير تقصير الأسبوع على الصحة العقلية والرضا الوظيفي وساعات النوم. (وكالات)
-A +A
ياسين أحمد (لندن) OKAZ_online@
نجح فايروس كورونا الجديد في إحداث شرخ خطير في حزب المحافظين البريطاني، الذي يظل يقوم بأدوار كبيرة في التاريخ السياسي البريطاني منذ قرون. فقد نجا زعيم المحافظين رئيس وزراء حكومتهم بوريس جونسون ليل الإثنين من أخطر تحدٍّ تواجهه زعامته؛ بعدما طالب 148 نائباً محافظاً بسحب الثقة منه. غير أن 211 نائباً محافظاً قرروا التصويت لمصلحة استمرار الثقة بزعامة جونسون. وهكذا فإن كوفيد-19 لم يقتصر أذاه على المنظمة الصحية، والتجارة والاقتصاد؛ بل تعدى ذلك كله ليحاول إعادة صياغة زعامة بريطانيا، في وقت تواجه فيه تحدياتٍ جمَّة، في صدارتها تبعات الغزو الروسي لأوكرانيا، وما نجم عنها من ارتفاع في كلفة المعيشة، وتهديد لأسعار الطاقة.

وجاءت مساعي الإطاحة بجونسون بسبب مخالفته القوانين التي استنتها حكومته لتنفيذ الإغلاق، لمكافحة تفشي فايروس كوفيد-19؛ بإقامته حفلات خاصة في شقته الحكومية لإحياء عيد ميلاده، على رغم تدابير الإغلاق. واستدعى الأمر اضطرار رئيس الحكومة إلى تشكيل لجنة للتحقيق برئاسة موظفة الخدمة المدنية المرموقة سو غراى. كما تمسكت الشرطة البريطانية بحقها في القيام بتحقيق منفصل، أسفر عن توقيع غرامات مالية على جونسون ونحو 51 شخصاً من وزراء حكومته وقادة حزبه وموظفي هيئات الحكومة الذين حضروا ما بات يعرف في بريطانيا بـ «حفلات غيت». ويعني تصويت 148 نائباً محافظاً على حجب الثقة عن جونسون أن أكثر من 40% من نواب حزب المحافظين الحاكم سعوا إلى الإطاحة برئيس الوزراء، ما أدى بدوره إلى فضح الخلافات التي تعصف بالحزب العريق. وهو ما اعتبرته صحيفة «الغارديان» أمس (الثلاثاء) أسوأ حكم من حزب حاكم على رئيس وزراء على رأس عمله خلال العقود الماضية. وكانت النتيجة أسوأ كثيراً مما تعرضت له رئيسة الوزراء المحافظة السابقة تيريزا ماي حين تم التصويت على حجب الثقة عنها. وقد أقرّ عدد كبير من كبار نواب المحافظين بأنه على رغم أن نتيجة التصويت تعد «فوزاً مريحاً» لجونسون، إلا أن من الواضح أنها تمثل «بداية لنهاية زعامته». وتعهد عدد من النواب الذين سعوا لإقصاء جونسون بمواصلة مسعاهم إلى حين تحقق هدفهم، وتعهدوا على وجه الخصوص بممارسة أقصى قدر من التشدد ضد جونسون أثناء التحقيق الذي سيبدأ في غضون أسابيع لمعرفة ما إذا كان رئيس الوزراء قد قام بتضليل البرلمان (مجلس العموم) حين أنكر أي انتهاك لقوانين مكافحة كوفيد-19 أمام أعضاء البرلمان. ومن الحقائق المهمة في هذا الشأن أن عدد النواب الذين حاولوا إطاحة جونسون (148 نائباً) يفوق عدد الغالبية البرلمانية التي ينفرد من خلالها جونسون بالحكم، وهي 75 نائباً. وأجمعت صحف لندن أمس على أن أولئك النواب المترددين على زعامة حزبهم سيجعلون الحكم مسألة صعبة بالنسبة إلى جونسون، من خلال تكتلاتهم في ما يتعلق بمجموعات الضغط التي تمرر القوانين أو تعرق إقرارها في مجلس العموم.


وقال مراقبون في لندن أمس، إن كوفيد-19 أضحى مثل «صندوق الشرور» Pandora Box الذي انفتح في وجه جونسون. فقد أدت حفلاته العابثة في أتون الإغلاق والإصابات والوفيات إلى شعور عام بإخفاق الحكومة في مكافحة الوباء العالمي، الذي أدى إلى أكبر عدد من الوفيات في القارة الأوروبية (178866 وفاة حتى أمس الثلاثاء). وجاءت فوق ذلك كله الأزمات الاقتصادية المتأتية عن تدابير الإغلاق والقيود الصحية الرامية لمكافحة وباء كورونا، وما نجم عنها من ضوائق الغلاء، ومضاعفات الحرب في أوكرانيا، والشقاق الذي أثاره قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، والاتفاق الذي أبرمته الحكومة مع رواندا لإبعاد طالبي اللجوء السياسي إليها. وهي عوامل حَدَتْ باقتصاديين كثر إلى التكهن بأن حكومة جونسون في طريقها لأن تعلن أكبر أعباء ضريبية خضع لها المواطن البريطاني منذ عهد رئيس الوزراء الراحل كلمنت أتلي. ولا تنبع مخاوف النواب المتمردين من نزعات إلى الزعامة، أو إلى مناصب وزارية؛ بل من خوفهم من خسارة مقاعدهم في مجلس العموم نتيجة رفض الناخبين لسياسات زعامة الحزب.

وقد طغت أحداث «الليلة الرهيبة» في مجلس العموم في لندن على العناوين الرئيسية للصحف البريطانية الصادرة الثلاثاء، على النحو التالي:

• الغارديان: رئيس الوزراء يتشبّث بالسلطة بعد تصويت مُذلٍّ

• الديلي تلغراف: نصر أجوف مزّق المحافظين إرباً

• الديلي ميرور: «الحفلة» انتهت يا بوريس !

• صحيفة «ميترو»: «الحفلة انتهت يا بوريس»

• ذا صن: «ليلة السكاكين الشُّقر»

• التايمز: المنتصر المُثخن بالجروح

• صحيفة آي: جريحٌ.. وفي خطرٍ

أجر 100 % لـ 80 % من ساعات العمل

بدأ في بريطانيا أمس الأول تنفيذ مشروع ضخم لتغيير نمط العمل في الشركات والقطاع الخاص؛ إذ أضحت ساعات العمل في نحو 70 من كبريات شركات المملكة المتحدة لمدة أربعة أيام فقط خلال الأسبوع، من دون مساس بالأجر المعتاد. ويعتبر المشروع نتيجة طبيعية للتغيرات العميقة التي أحدثها وباء فايروس كورونا الجديد في الحياة في بريطانيا وغيرها من دول المعمورة. وجاء المشروع ثمرة لحملات قوية نفذتها جماعات ضغط مؤثرة، فيما تأمل الشركات المخدّمة بأن يكون الأسبوع القصير الجديد فرصة لتحفيز الموظفين والعمال على زيادة إنتاجيتهم. وسيشرف على التجربة أكاديميون من جامعتي كامبريدج وأكسفورد وكلية بوسطن الأمريكية، بالمشاركة مع مؤسسة «أوتونومي» للدراسات. وقال مديرو شركات مشاركة إن الوباء العالمي جعل كثيرين يفكرون في تغيير نمط العمل، وتحسين جودة حياة موظفيهم وعمالهم، وأن تصبح شركاتهم جزءا من تغيير تقدمي يسود العالم كله بهدف تحسين الصحة العقلية ورفاهية العاملين. وأقروا بأن المشروع لن يخلو من تحديات كبيرة، أبرزها أن يقوم العمال بحجم الإنتاج نفسه ولكن خلال 4 وليس 5 أيام. وأجمع عاملون على أن إعطاءهم يوم راحة إضافياً سيحفزهم على إنتاجية أفضل، وبذل جهد أكبر في أشغالهم. وقالت الباحثة المشرفة على نشر نظام أسبوع العمل الذي يتكون من 4 أيام في أنحاء العالم بكلية بوسطن الأمريكية جوليت سكور، إن التمسك بنظام عمل قديم مستمر منذ قرون لن يكون مجدياً. وأضافت: يمكنك أن تكون منتجاً بنسبة 100% خلال 80% من ساعات العمل المعتادة. وتوقعت أن يؤدي أسبوع الأيام الـ 4 إلى تقليص عدد حالات الإجازات المرضية، وتقليل عدد الموظفين الراغبين في البحث عن وظائف أخرى.