ثمة مؤسسات تنظر إلى «إدارة المخاطر» بأنها عبء تنظيمي يستهلك الوقت والميزانية، ويبطئ عملية اتخاذ القرار، وغالباً ما ترجع هذه النظرة إلى عدة أسباب، منها:

ـ التعقيد الزائد في النماذج المستخدمة.

ـ تكاليف التدريب والتقنيات في المدى القصير.

ـ المقاومة الداخلية من بعض الموظفين الذين يرونها قيداً على مرونتهم.

ومع غياب الرؤية الإستراتيجية؛ تتحول إدارة المخاطر إلى إجراء شكلي لا يترك أثراً حقيقياً، لكن الواقع يثبت عكس ذلك تماماً. ففي السنوات الأخيرة؛ شهد العالم أزمات كبرى واجهتها مؤسسات عالمية بسبب ضعف إدارة المخاطر، وكان بالإمكان تفاديها لو طُبقت أساليب فعالة. وقد تكبدت شركات تكنولوجية كبرى غرامات بمليارات الدولارات نتيجة عدم الامتثال لقوانين حماية البيانات، مما تسبب في خسائر مالية ضخمة وضرر كبير بالسمعة.

لقد أظهرت تقارير عام 2025 أن غياب الرؤية الواضحة في إدارة العلاقات مع الأطراف الثالثة (Third-Party Relationships) يؤدي إلى زيادة احتمالية الاختراقات القانونية والتقنية.

وهناك دراسات أكاديمية بينت أن الجمع بين إستراتيجيات التنويع والتحوط، واستخدام التقنيات الحديثة مثل «البلوك تشين» (Blockchain) يعزز قدرة المؤسسات على التنبؤ بالمخاطر، وتحسين الشفافية والامتثال.

وأظهرت دراسة أجرتها «جامعة ويسكونسن» عام 2024 أن تطبيق ممارسات فعّالة في إدارة المخاطر المؤسسية (ERM) يحقق خفضاً في التكاليف وزيادة في الإيرادات.

وعلى مستوى الحوكمة والامتثال؛ أصبح الاعتماد على منصات (GRC) ونماذج النُضج المؤسسي المدعومة بالذكاء الاصطناعي توجهاً رئيسياً في المؤسسات الحديثة، لما له من دور في تقليل مخاطر السمعة وتعزيز الثقة مع المستثمرين والعملاء.

وبالتالي؛ فإن الاعتراضات التي ترى إدارة المخاطر عبئاً تنبع غالباً من ممارسات تقليدية غير فعالة. والحل يكمن في:

ـ تبسيط الأدوات باستخدام التقنية، ودمجها في القرارات الإستراتيجية بدلاً من عزلها.

ـ نشر ثقافة مؤسسية تعتبرها وسيلة للتمكين لا عائقاً وربط النتائج بمؤشرات (KPIs) لإبراز قيمتها الفعلية.

وهكذا؛ تتحول إدارة المخاطر من عبء إداري إلى أداة إستراتيجية تمنح المؤسسات قدرة حقيقية على النمو والتطور. وعند إدارتها بفعالية تصبح إدارة المخاطر أداة إستراتيجية تدعم النمو، وتمنح المؤسسات مستقبلاً أكثر استقراراً وثقة.