-A +A
علي خالد الغامدي
اطلعتُ على ما كتبه رئيس تحرير «عكاظ» المجدد الزميل العزيز جميل الذيابي عن (جدة غير بحاجة أمين غير) وأثار المقال شجوني.

فمدينة جدة أول مدينة يتم تصويرها من الجو والبر والبحر لتفادي مشاكل نموها، وأول مدينة يقترح الخبراء لها أنفاقا تحت الأرض، وأول مدينة يقترح الفنيون ربطها بالحزام الأخضر، ليزيح عن وجهها الغبار، وأول مدينة تشهد افتتاح مكتب لتخطيط المدن، من أجل عينيها فقط.


ولعل الأمناء (نزيه نصيف، وعبدالله المعلمي) أوشكا بعد الأمين الأول محمد سعيد فارسي على استيعاب أماكن القبح ومكامن الجمال، فقلبها التاريخي يحتاج إلى عملية جراحية، وقلبها التجاري يحتاج إلى تنظيم يعيد لها اسم (مستودع تجارة العالم) كما كانوا يطلقون عليها.

فهل ينطبق عليها مثلها الشهير (تحتار المقيّنة في الوجه الغِلس)؟ وكيف تستعيد العروس توازنها؟ خصوصاً أن سكانها يؤكدون أنها كلما تقدمت خطوة للأمام أفرزت المزيد من الأحياء العشوائية، والعروس تحتاج آلية ماليزيا للتخلص من التلوث، وشجاعة اليابان لفك الاختناقات المرورية، وحس سنغافورة لتحسين أعمال النظافة، وفزعة خبراء لحل إشكالية العشوائيات.

منذ نصف قرن وما يحدث لجدة غير، وشيء عجيب يقفز بها خطوات إلى الأمام وسنوات إلى الخلف، بينما الخطوات يفترض أن تقفز بها عشرات السنوات إلى الأمام، فما تكاد تتقدم في جهة حتى تعود للوراء في موقع آخر، ما يفوت عليها الاستفادة من المشاريع التطويرية، والتجميلية، والتحسينية.

وكلما قام فيها حي جديد وانتقل الناس إليه فسرعان ما يتحول إلى عشوائي، يتوالد فيصبح أحياء، تتماسك وتتنامى وتغدو حديث إصلاح وتطوير وخطط قصيرة وطويلة المدى.

سكان محافظة جدة يؤكدون أنه مع كل أمين جديد تستجد الأحياء العشوائية، وكأنما الأحياء العشوائية أبناء غير شرعيين رغم الاعتراف الرسمي بهم من خلال استعداد وإصرار ورغبة كل رئيس بلدية على تبني الأبناء الجدد.

وأرى أن إمداد الأحياء المخططة والمنظمة وشبه الراقية للسكن بالخدمات والمرافق يحفظ عليها شعبيتها ويلحقها بركب الأحياء المتطورة، ويحقق الانطلاقة الكبرى التي أعلن عنها الأمين الخامس لإحداث النقلة الحضارية.

وتشير الأرقام إلى أن الأحياء العشوائية تصل إلى 55 حياً تنافس الأحياء المنظمة وغير الفوضوية ما يجعلنا نقدر أن عدد الأحياء يفوق المائة حي نصفها فوضوي. وعدم التحرك للمعالجة سيضاعف أرقام العشوائية ما يعسّر حصرها ومعالجتها كونه حتى الآن لم يتحوّل حي عشوائي إلى حي حديث.

وأقترح إنشاء مجلس طوارئ من الأمناء السابقين يجتمعون دورياً لمتابعة أزمات العروس التي غدت تقلق عشاقها وأهلها، ولا مانع من الاستفادة من المثقفين، فقبل هذا سمعت عن شخصية ثقافية طلبت ترشيحها لمنصب الأمين على أساس أن يكون للمثقفين دور في تجميل مدينتهم وتخليصها من أزماتها المزمنة عوضاً عن (الرغي) الكثير دون طائل.

وإذا كان مقال رئيس تحرير «عكاظ» الشيّق يطالب بأمين غير، فإنني أرى أن تتولى أمانة مدينة جدة سيّدة، كون لدينا كفاءات نسائية في ذات التخصص ونفس المجال، ومن باب خوض التجربة، ولربما تحقق الأمينة ما عجز عن تحقيقه الأمين.

* كاتب سعودي