-A +A
إبراهيم عقيلي
في ليلة أسطورية من ليالي ألف ليلة وليلة، جمع فيها الموسيقار الدكتور طلال عمالقة الفن تحت قبة الأوبرا المصرية، لم تغب الرياضة حينها بحضور أسماء بارزة في الساحة الرياضية، فالمتذوقون لعبقرية اللحن هم أنفسهم المتذوقون لجنون الكرة المستديرة. فلا شيء يدعو للغرابة، خصوصا أن العلاقة بين الفن والرياضة علاقة أزلية، فكلاهما فن يدعو للاستمتاع بروعة الإبداع.

حضر الرياضيون في الصفوف الأولى لأن الفن في أمسية طلال فن راق بكل المعاني لحنا وكلمة وصوتا، فالكبار قد اجتمعوا في الليلة الكبرى، طلال ومحمد عبده وأنغام. ومن نفس زاوية العشق الكروي تذوقوا حفلة الأوبرا. حضر الرياضيون لأن متعة الفن حاضرة فاللمسة الأخيرة عزفت وكتبت وغنت فهي ليلة من الكبار وللكبار فقط.


حضر الرياضيون لأن كل شيء يدعو للدهشة، فليلة طلال ذاب فيها صوت فنان العرب بألحان الموسيقار فخرج الفن الأصيل إلى مسامع الحاضرين لتفرض فيها الأغنية الراقية نفسها على الساحة رافضة عبث الأغنية السريعة، بغثها وسطحيتها، ليقول لنا إن الفن الأصيل باق مهما حاولت أيادي العابثين التشويش على مسامسع الجمهور. ومهما تسللت الأغنية السريعة في الساحة.

سمعنا فيها اللغة الرصينة والكلمة الراقية واللحن الشجي، الذي أعادنا إلى ساحة الغناء العربي الأصيل، غنى فنان العرب للراحل نزار وغنت أنغام أغنية للفنانة الكبيرة نجاة. غنى فنان العرب ألوانا من اللحن السعودي وغنت أنغام باللون المصري الشجي، وكان طلال هو القاسم المشترك بين اللونين، صاغهما بحس الموسيقار وبحس الفنان النادر الذي يجمع الكبار على إبداعه الفني.

ورغم التعاون القديم بين طلال وفنان العرب والذي استمر لقرابة 29 عاما مبتدئين أعمالهم بالأغنية الخالدة «هلا بالطيب الغالي»، إلا أن قوة اللحن مازالت مستمرة، فهو نهر موسيقي لم ينضب، فرض نفسه على الساحة الجديدة بنفس القوة والمتانة التي ابتدأها.

وكما تؤمن كرة القدم بالثنائية في الأداء الجماعي، الثنائي الذي سجله تاريخ الكرة بين الكثير من عمالقة الرياضة، سجل الفن والموسيقى ثنائيا كبيرا بين عملاقين كبيرين هما طلال ومحمد عبده قدما من خلالها أجمل الأعمال الفنية بهوية سعودية ليكونا سفيرين للأغنية السعودية في العالم، وعلى مدى ثلاثة مواسم شهدت الأوبرا المصرية نجاح ذلك الثنائي ليتربعا معا على منصة الفنون.

ليلة الأوبرا كانت استثنائية ونادرة طمأنتنا كثيرا، وأكدت للجميع أن الفن الأصيل لا تهزه رياح التغيير مهما كانت شدتها، وأن أصالة العمل لم تكن في أرشيف الفن بل هي حاضرة يقودها كبار الساحة الفنية. ليقدموا للجيل الجديد فنا راقيا وكبيرا.

فاصلة:

فوقي جسر وان عبرته فاحفظ أوصافه

ما تكره اليوم يمكن تعشقه باكر