بعد التصعيد الأخير والخطير للمجلس الانتقالي، كان الكل ينتظر كلمة المملكة، وموقفها الرسمي العلني مما يحدث. شرّقت بعض التكهنات وغرّبت ممن لا يعرفون جيداً طبيعة تعامل المملكة مع الأحداث، لا سيما عندما تكون على تماس مع أمنها الوطني، واستقرار جوارها. المملكة كانت حاضرة منذ اللحظة الأولى، تعمل بدأب على إعادة الأمور إلى نصابها، واحتواء الموقف بالتفاهم مع الانتقالي وكل الأطراف. بل إنها، وكما يعرف العالم وأولهم الأشقاء في اليمن، حضرت بكل قوة في عاصفة الحزم لمنع تفتيت اليمن واختطاف حلم مواطنيه بالاستقرار تحت مظلة دولة معترف بها من دول ومنظمات العالم، ثم واصلت حضورها عبر إعادة الأمل من خلال المشروع الضخم المستمر لبرنامج تنمية وإعادة إعمار اليمن، وما زالت تبذل كل ما في وسعها وتسخر كل إمكاناتها لتجنيب اليمن مآلات لا تحمد عقباها.

وقد جاءت رسالة وزير الدفاع سمو الأمير خالد بن سلمان التي كان عنوانها «إلى أهلنا في اليمن»، محملةً بكل معاني الحرص على استقرار اليمن، والدعوة إلى تغليب العقل والحكمة والمصلحة اليمنية، لتكون فوق كل الاعتبارات، وأهم من كل الخلافات التي يمكن تجاوزها في إطار اليمن الواحد، وبذلك تؤكد المملكة أنها دائماً مع اليمن، وشعبه الذي يعاني أشد المعاناة منذ أكثر من عقد من الزمن، وأصبحت الأخطار الحقيقية تحيط به من كل جهة.

مشاريع الانفصال والتشرذم هي الخطر الأكبر الذي يهدد المنطقة الآن، وأي قيادات في أي وطن عربي تتحمل مسؤولية جسيمة أمام الشعوب وأمام التأريخ، إن هي سمحت بتنفيذ هذا المخطط المدمر الذي يتمناه ويحلم به أعداء الوطن العربي، ويجب أن يعتبر الجميع بدخول إسرائيل مؤخراً على خط الأزمات باعترافها بأرض الصومال كي تضع قدمها في منطقة إستراتيجية، ولتكون مدخلاً إلى غيرها، كما تحلم، عندما تعم الفوضى وتتشرذم البلدان وتغيب الدولة الوطنية الموحدة.

الأوطان ليست حقل تجارب للمغامرات مهما كانت الحسابات، وقضية الجنوب اليمني، كما أكدت المملكة ومعها الكثير من الدول، قضية عادلة يجب أن تُحل ضمن الإطار السياسي للملف اليمني بأكمله، وليس بالتصعيد الذي يضع اليمن على حافة الهاوية، ويهدد الأمن الإقليمي، ويعمّق مساحات الفوضى وانفلات الأمن.

رفقاً باليمن أيها المسؤولون عن شعبه وحاضره ومستقبله، فالساسة العقلاء لا يُقدمون على الانتحار السياسي بهكذا مغامرات، ولا يضيفون إلى أوطانهم وشعوبهم مزيداً من المتاعب والمخاطر. اسمعوا نداءات المحبين لليمن والمشفقين عليه، ولا تدعوا التأريخ يضعكم في قائمته السوداء.