-A +A
ريهام زامكه
كنت قبل عدة أيام (منثبرة) في غرفة الانتظار لإحدى عيادات الأسنان التي أزورها باستمرار -مجبرة لا بطلة- وهذا لأطمئن على صحة وسلامة قواطعي، وأنيابي، وأسناني، وضروسي، وخصوصاً «ضروس العقل» منها.

وفجأة دخلت علينا إنسانة (متلحفة بالسواد) تماماً من رأسها حتى أخمص قدميها، لا شيء يظهر منها بتاتاً ولا أدري حقيقةً كيف كانت ترى طريقها -عيني عليها باردة-!


وفي الواقع استغربت في البداية، لكني قلت هذا شأنها ولا علاقة لي لا من قريب ولا من بعيد بمظهرها وطريقة حجابها.

لأني لستُ مسؤولة عن حُريات وتصرفات الآخرين، ولكن لو كنت مسؤولة عن ذلك المكان لتحفظت على دخولها أساساً لعدم تأكدي من أن التي تحت تلك العباءة هي امرأة أصلاً.

عموماً ومن (قرادة حظي) جلست تلك الإنسانة (الملقوفة) بجانبي ثم التفتت عليّ، وبدون سلام أو مقدمات قالت لي بالحرف الواحد و«بكل وقاحة»:

يا أختي.. هل أنتِ راضية عن نفسك؟

بصراحة.. تفاجأت جداً من (وقاحتها) ودارت السنوات العُجاف في رأسي من سؤالها وطريقة حديثها التي عادت بي لزمن (الصحوّنج) الغريب!

فالتفت نحوها بعد سؤالها لي: هل أنتِ راضية عن نفسك؟

وأجبتها وأنا مبتسمة: نعم جداً، وفخورة بنفسي أيضاً.

فقالت لي: ولكن يا أختي أنتِ غير محجبة ويفترض أن لا يرى وجهك إلّا زوجك ومحارمك!

مع العلم (فوق لقافتها) كان صوتها عالياً وهي تحدثني.

واسترسلت في نُصحي وقالت لي فكري بكلامي، فقاطعتها واعتذرت منها قائلة: اعذريني، لا وقت لدي لأفكر بكلامك لأن الطبيب ينتظرني، ولم أقل لها: (مالك دخل أو مو شغلك) من رحمة الله بها ولأن غزالتي كانت رايقة يومها، فقط انصرفت عنها و(اعطيتها مقفاي).

مع الأسف؛ البعض ممن يُسمون أنفسهم «غيورين على الدين» ملاقيف، ويجعلون من مسألة الحجاب قضية دينية مُسلّمة ومن ينكرها فهو ينكر الدين!

فتراهم يدسّون أنوفهم ويتدخلون فيما لا يخصهم أو يعنيهم، ويلبسون هذا التطفل واللقافة (لباس الخير) وكأنهم أوصياء على الناس!

ويعتقدون إننا معشر الكَاتبات بالذات، ليبراليات علمانيات هدفنا الوحيد هو الانسلاخ عن الدين والقيم، والحجاب لديهم هو المقياس الوحيد لمدى عفتنا وأخلاقنا وسلوكنا.

ويكفي أن نعرف نظرتهم للمرأة التي تكشف وجهها لتكون (فاسقة) في نظرهم، رغم أن هذا ليس بمقياس!

ومع الأسف أغلب هؤلاء البشر ليس لديهم أي إلمام أو معرفة بأحكام الحجاب وتفصيله، وأن لا علاقة له بعفة المرأة ولا بأي بعد أخلاقي لها إطلاقاً.

على كل حال؛ عزيزي الملقوف، عزيزتي الملقوفة:

انشغلوا بأنفسكم ولا تتدخلوا في شؤون الآخرين بارك الله فيكم، وهذا لسبب وحيد وبسيط جداً وهو أنه:

(مالك دخل) والله.