-A +A
حسين شبكشي
مع قراءة كلمات هذا المقال من المفروض بإذن الله تعالى أن يكون رائدا الفضاء السعوديان ريانة برناوي وعلي القرني من ضمن طاقم فضائي انطلق بصاروخ فضائي للوصول إلى محطة الفضاء الدولية والالتحام بها، ومن ثم الانضمام إلى كوكبة من رواد الفضاء من مختلف دول العالم، وبعدها تبدأ مرحلة تنفيذ المهام الموكلة لرائدي الفضاء السعوديين من قبل الهيئة السعودية للفضاء، والتي تشمل مهام علمية من ضمنها ١٤ تجربة علمية غير مسبوقة من قبل، ومهام تشغيلية وتواصلية مع الأرض والطلاب.

وهو مشهد جديد ومبهر من مشاهد السعودية الجديدة، مشهد تؤكد فيه السعودية أنها تطلق مرحلة الآراء الظلامية وتحتضن الحياة والعلوم.


ويأتي ذلك بالتزامن مع المشاركة المبهرة والمذهلة للمنتخب السعودي للعلوم والهندسة والمكون من الطلبة والطالبات من مختلف مناطق المملكة، والذي ترعاه مؤسسة موهبة بالمشاركة مع وزارة التعليم، في المؤتمر العلمي التعليمي الأهم في العالم والمقام في الولايات المتحدة الأمريكية آيسف ٢٠٢٣ والتي حقق فيها المنتخب السعودي نتائج رائعة وحصل على أكثر من عشرين جائزة.

وأيضا مع توالي الأخبار الطيبة عن تواصل التطور المهم في إعداد براءات الاختراعات المسجلة باسم السعودية واضعا إياها في مراتب متقدمة مقارنة بأعداد غير بسيطة من الدول.

لم يعد هناك «تحمل» أو «قبول» لأفكار ظلامية تحتضن الجهل وتحتقر البرهان العلمي مثل أن الأرض غير كروية وأن قيادة المرأة للسيارة مضرة بالمبايض وغيرها من الآراء العجيبة والمهينة للعقل والعلم.

العلم نور والجهل ظلام ولم يعد هناك أي عذر لعدم الانضمام لقافلة العلم التي تسير بقوة وبدون ذلك يكون الجهل اختياراً.

في يوم من الأيام كانت المرأة السعودية وموضوع قيادتها للسيارة هو القضية المفضلة للإعلام الدولي حين تغطيته للسعودية، وهي قضية سخيفة ومحرجة في آن، في هذا الوقت كان الذي يشغل بال المرأة السعودية مسألة سن أنظمة وتشريعات خاصة بالأسرة والعمل والحقوق والاعتماد على النفس وخيارات الغد، في هذا الوقت كان العالم يصور المرأة السعودية أنها قليلة الطموح لا يتجاوز طرحها إلا في مسائل ثلاث هي قيادتها للسيارة، وحقها في السفر، والحصول على وظيفة، وطبعاً نظام صريح وواضح للأحوال الشخصية.

ولذلك يحق للسعوديين أن يفركوا أعينهم جيداً وهم يتابعون بالكاد مصدقين ابنتهم الفتاة السعودية الشابة التي تجاوزت العقد الثالث من عمرها بفترة بسيطة من الزمن. وهي التي بدأت حياتها المهنية منذ فترة قليلة، ومن تاريخ قريب كانت ممنوعة من الجلوس خلف مقود سيارة للتنقل والذهاب لوظيفتها وهي نفسها التي كانت تستمع لسير وقصص الأمهات والجدات عن معاناتهم مع السائق والمقعد الخلفي والتنقل ووسائله وقبل ذلك قصص الهودج والتنقل التي حفرت في التاريخ والوجدان.

اليوم ها هي الفتاة السعودية ريانة برناوي، أول رائدة فضاء سعودية عربية مسلمة، تصبح جزءاً من طاقم فضائي في منطقة «وحدة الكوبولا» منصة رواد الفضاء التي يطلون من خلالها على الأرض كوكبنا الأزرق وهم يسيرون بسرعة تفوق الـ ٢٥ ألف كيلو متر في الساعة. كل حلم ممكن عندما تكون وراءه رؤية لا تعرف المستحيل. كل ذلك يبدو منطقياً وممكناً لمن يعيشون في قلب الحدث السعودي وهم يواكبون تطورات رؤية ولي العهد السعودي المذهلة والمدهشة لهم. السعودية الجديدة تعيش لحظة جميلة في علاقتها مع العلوم.