-A +A
حسين شبكشي
كنت مؤخراً في دعوة غداء مع صديق قديم وشقيقه الأصغر وهو باحث متعمق في علوم الشريعة الإسلامية، وكان معنا أيضاً ابن صديقي الراحل الشقيق الأكبر لمضيفنا الذي يعمل في المجال الهندسي، ودخلت علينا بعد الغداء ابنة صديقي الراحل، وهي التي تسكن مع عمها الآن، ولم أكن قد رأيتها منذ فترة طويلة، سلّمت علينا بعد وصولها من السفر فهي بحسب ما فهمت من عمها تعمل في منصب رفيع في إحدى الدول العربية. بعد تناول مقدمات الحديث المعهودة والتقليدية، طلبت الابنة أن تطرح علينا مسألة تشغل تفكيرها وتؤرقها، فبدأت بقولها إنها الأسبوع الماضي كانت جزءاً من قصة مؤثرة للغاية حدثت مع إحدى أقرب صديقاتها في البلد الذي تعمل فيه، وذلك عندما توفي والدها وكانت تقود سيارتها وبجوارها صديقتها الحزينة وتوصلها إلى المقبرة لحضور مراسم الدفن والعودة لزيارة قبر والدها والدعاء له. وكانت الصديقة تقول لها إنك لا تعلمين حجم الراحة النفسية الهائلة التي أشعر بها بعد زيارة قبر والدي والدعاء له. وسؤالي هو لماذا تمنع النساء من زيارة المقابر وخصوصاً بعدما بحثت وتأكدت أن ذلك أمر مسموح ومباح في دول العالم الإسلامي. وتدخل شقيقها ولكنه ممنوع عندنا، فقالت أعلم ذلك، ولكن ما هو الدليل؟ فالرسول صلى الله عليه وسلم كان قد منع زيارة القبور ثم سمح بها كما هو معروف في الحديث الشريف، ونظرت إلى أخيها وقالت أنا أتمنى أن أزور قبر أبي مثلك تماماً يا أخي وأن أدعو له هناك والسلام عليه. نظرت متسائلة باتجاه عمها المتخصص في العلوم الشرعية فقال لها: يا ابنتي وجهة نظرك تحترم وتستحق البحث، فالدليل الشرعي يرجح وجهة نظرك هذه. أضافت الابنة كل ما أعلمه ومتأكدة منه أننا في السعودية الجديدة أصبحنا نزيح الرأي الأحادي المتطرف الذي كان يمنع تعليم المرأة وعمل المرأة وقيادة المرأة السيارة ويعطّل حقوقها المدنية بالحصول على الطلاق والحضانة والنفقة وغير ذلك، وبالتالي كلي ثقة أن هذه المسألة ستلقى هي الأخرى الاهتمام المنشود من القيادة في الدولة.

التفسير الذي يراعي فقه المصالح يلقى دائماً القبول الأكبر والأعرض؛ لأنه يراعي الصالح العام بلا تمييز ولا تحيّز ولا محاباة.


بلادنا تشهد تغييرات إيجابية ومعها يأتي التفاؤل بالمزيد.