-A +A
عبده خال
في جيلنا، وما قبله لم تكن حساسية الإعاقة مانعة من تواجد الجميع في برحة الحارة، الكل يأتي: أعمى، أصنج، أعرج، مكسح، خفيف الفهم، مجنون، صحيح، ذكي، غني، فقير، كبير، صغير.. كلنا نجتمع، ونكون (سلطة) نتناولها في كل فترات الليل والنهار، (سلطة) متعددة التنوع من أطفال، وشباب، ورجال، وذوي الإعاقة، وكل يصمد إزاء ألسنتنا الحادة، متقبلاً كل أنواع السخرية، حتى أن (جلده ينحس) ولا تعود إعاقته إلا ميزة له، ومع الأيام يتحول لسانه إلى موس، الجميع يخشى تعليقاته، وسخريته.

ولم تكن هناك مسميات أو مصطلحات تطلق على ذوي الإعاقة، كل عاهة تذكر مجردة، وإن كان الكبار يستخدمون التورية، فيقال للأعمى مبصر، والأعور أبو عين كريمة، والمجنون خفيف عقل.. وكانت القاعدة (الكل يتقبل الكل). وبرع كثير من الأصدقاء ذوي الإعاقات ليتجاوزوا إعاقاتهم، وأصبحوا شيئاً يذكر في المهنة التي اتخذوها باباً للرزق، وإذا أبدع أحدهم، لا ينفك من السخرية حين نتحدث عن مهارته أو شطارته عندما نقول (كل ذي عاهة جبار).. ومع ظهور المصطلحات لهذه الفئة ظل المصطلح يشير إلى الإعاقة من غير أن تتزحزح عقولنا خارج المصطلح.


وفي زمن برامج التواصل، أصبحت الإعاقة مصدر رزق حين يتحول المعاق إلى شخصية مشهورة يتابعه الآلاف أو الملايين، وهذا يعني أن المعاق ليس لديه حساسية من إعاقته. نحن من ضخم ذلك وحولنا هذه الفئة إلى فئة نستدر السمعة الجيدة بأننا نشفق عليهم، ونمد لهم يد العون في كل شيء، بينما تكون هذه الشفقة أمام الكاميرا، ويظل ما في القلب في القلب.

الذي أغضبني أن بعض أهالي أو أصدقاء هذه الفئة أخذوا يتاجرون بالمعاقين، من خلال لقطات تبث لكسب المتابعين.

وفي هذه الحالة يكون المتاجر بهذه الفئة هو المعاق أخلاقياً ونفسياً.

ملاحظتي الأخيرة:

العادة أن الجمال تستخدمه النساء للشهرة مع رقة العقل، وصاحب العاهة يستخدم إعاقته بغير عقل.