-A +A
علي محمد الحازمي
في بداية تعيينها تعهدت ليز تراس رئيسة الوزراء البريطانية بإعانات وتخفيضات حكومية كبيرة، تتمثل في دفع 50% من قيمة فواتير الكهرباء للمنشآت الصغيرة والمنازل دون استثناء طيلة الشتاء وإلغاء الرسوم الخضراء على فواتير الطاقة للأسر والشركات. علاوة على ذلك دعم شراء السيارات الكهربائية ودعم استبدال الغاز بالكهرباء في المنازل. كما أنها وعدت بإعفاءات ضريبية على مستوى الشركات والأسر. ما لبثت تلك التعهدات غير المدروسة التي ستكلف الخزانة مليارات الجنيهات الإسترلينية، إلا أن أطاحت بوزير المالية كواسي كوارتنج أقرب حليف سياسي لها، الذي طبّق رؤيتها في محاولة من تراس لإيجاد كبش فداء من أجل استعادة مصداقيتها السياسية والبدء في التراجع عن خطتها الاقتصادية.

من كان يراقب مشهد الانتخابات البريطانية والوعود التي قدمتها تراس أثناء ترشيحها يعلم يقيناً أن هذه السيدة إما أنها لا تفقه أبجديات الاقتصاد أو أنها تلعب لعبة سياسية كاذبة من خلال تضليل الناخبين. بعد تنصيبها استمرت تراس في خطتها التي لا تمتّ لواقع الاقتصاد العالمي بصلة فكانت النتائج وخيمة على الأسواق البريطانية لدرجة أن بنك إنجلترا اضطر إلى شراء سندات لإنقاذ الجنيه البريطاني الذي انهار في سبتمبر ووصل إلى أدنى مستوى له في التاريخ مقابل الدولار. حتى مدير صندوق المعاشات التقاعدية بنك إنجلترا كان على وشك الانهيار بعد الانهيار «غير المسبوق» في سوق السندات الحكومية. كيف لها أن تعد بتخفيضات ضريبية والتي تعتبر واحدة من أدوات السياسة المالية التوسعية في ظل معدلات تضخم وصلت إلى خانات عشرية في بريطانيا؟!


لا أحد يختلف أن الاقتصاد البريطاني يمر بواحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخه. ربما كانت الحرب الروسية الأوكرانية هي «القشة التي قصمت ظهر الاقتصاد البريطاني» لأن السبب الأكبر لهذه الربكة الاقتصادية يأتي من جرّاء ارتفاع أسعار الطاقة، والأدهى من ذلك أن لا مؤشرات في الأفق تدل على انفراجة في هذه الحرب التي قادت العديد من الاقتصادات العالمية الكبرى للهاوية. لسوء حظ تراس أنها أتت في هذا المكان والتوقيت الخاطئ، لذلك ربما يكون فصل الشتاء القادم هو الفصل الموعود بإقالة ليز تراس.