-A +A
بشرى فيصل السباعي
تقول الأخبار إن الملياردير «بيل غيتس» مؤسس مايكروسوفت اشترى أكثر من 100 كيلو مترمربع في ولاية

أريزونا وشرع ببناء ما وصفها بالمدينة الذكية عليها وأطلق عليها اسم «Belmont- بيلمونت»، وأعلنت الشركة الأم لجوجل «ألفابيت» عن إنشائها مدينة ذكية في كندا باسم «Quayside- كوايسايد»، وأيضا الملياردير «إيلون ماسك» شرع ببناء مدينة ذكية أسماها «Starbase- ستاربيز» في ولاية تكساس الأمريكية، والملياردير «جيف بيزوس» مالك شركة أمازون شرع في إنشاء مدينة ذكية في فيرجينا بأمريكا أسماها «National Landing –ناشونال لاندنج»، والملياردير الأمريكي «مارك لور» بدأ بإنشاء مدينة ذكية سيبلغ عدد سكانها 5 ملايين شخص وستتكلف حوالى 500 مليار دولار أسماها «Telosa- تيلوزا»، وشركة «تويوتا» شرعت بإنشاء مدينة ذكية عند سفوح جبل فوجي باليابان، وأطلقت عليها اسم «-Woven City - ووفن سيتي»، وأيضا عدد من الحكومات حول العالم بدأت في إنشاء مدن ذكية مثل كوريا الجنوبية ومدينتها الذكية «سونغودو» على الساحل الشمالي الشرقي لكوريا الجنوبية، لكن بلا منازع الصين هي رائدة بناء المدن الذكية؛ فحسب تقرير لمؤسسة البيانات الدولية (IDC) سيصل الاستثمار العالمي المتصل بتكنولوجيا المدن الذكية إلى 189.46 مليار دولار أمريكي عام 2023. والصين تضم حوالى نصف المدن الذكية التي يبلغ عددها حوالى 1000 مدينة ذكية قيد الإنشاء حالياً في أنحاء العالم، وحجم إنفاق الصين على المدن الذكية في 2023م سيصل إلى 39 مليار دولار. وحسب تقرير لشركة (RWR) الاستشارية الأمريكية تعمل الشركات الصينية على إقامة 116 مدينة ذكية لصالح الحكومات في غرب وجنوب أوروبا، وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا، والمدن الذكية التي تتبع للشركات لا يمكن التشكيك في جدواها الاقتصادية؛ لأن سكنها مضمون من قبل منسوبي الشركة، لكن الأمر مختلف بالنسبة للمدن الذكية التي تبنيها الحكومات كالصين؛ لأنها لا تمثل بيئة جذابة ثقافياً يمكنها اجتذاب الفئات المستهدفة تقليديا بالمدن الذكية وهم المستثمرون الأجانب والأثرياء والخلاقون تكنولوجيا مثل نظيراتها في أمريكا الشمالية خصوصاً مع المخاوف حول الخصوصية المعلوماتية، لأن العيش بالمدن الذكية أشبه بالعيش داخل جهاز كومبيوتر كبير يحصي على الإنسان أنفاسه، مع وجود حافز إضافي لتفضيل المدن الذكية بأمريكا؛ لأنها تصلهم بدائرة أثرى أثرياء العالم الذين يملكونها وحرفياً يديرون الحضارة البشرية بالأرض والفضاء عبر شركاتهم؛ ولذا حتى الآن ما أنجزته الحكومات من هذه المدن الذكية في آسيا توصف بأنها مدن أشباح كما في كوريا الجنوبية، ماليزيا والصين ومصير مشابه ينتظر 20 مدينة ذكية بأفريقيا بتكلفة 100 بليون دولار، لعدم نجاح تسويقها للفئات المستهدفة بها؛ ولذا يمكن التفكير خارج صندوق التصور السائد عن أوجه توظيف المدن الذكية لصعوبة المنافسة مع جاذبية المدن الذكية بأمريكا الشمالية، وبدل الفئات المستهدفة تقليدياً بالمدن الذكية التي تفضل المدن الذكية بالغرب، فيمكن أن تستهدف المدن الذكية فئات تحتاج بيئة اصطناعية تكنولوجية ذكية لتحسين جودة حياتهم ولا يوجد من وفرها لهم، مثل إقامة مدينة ذكية للمصابين بإعاقات جسدية من أنحاء العالم ومنهم علماء وأثرياء ومشاهير وخلاقو تكنولوجيا ويكون كل شيء فيها مصمم لمساعدتهم آليا بكل أنواع التكنولوجيا، وبوجودهم يمكن أن تتحول مدينتهم الذكية إلى مركز عالمي لتطوير التكنولوجيا المساعدة لأصحاب الاحتياجات الخاصة وهذه أيضاً لا منافس فيها، وأيضا يمكن إقامة مدينة ذكية تكون مسقوفة بالكامل بمواد عازلة لمن يعانون من أمراض جينية تجعلهم ممنوعين من التعرض للشمس مثل المصابين بمرض ألبينو/‏ المهق وهو مرض وراثي يعاني فيه الإنسان من نقص الخلايا الصبغية التي توفر حماية من أشعة الشمس، وأيضاً مرض «جفاف الجلد المصطبغ - Xeroderma pigmentosum»، والمصابون به لا يمكن لأجسادهم إصلاح الضرر الجيني الذي ينتج عن أشعة لشمس، ولذا فكلا المرضين يضطران المرضى لقضاء حياتهم مختبئين في بيوتهم، وهذا يعطلهم عن التعليم والعمل والحياة العامة الطبيعية، ومع هذا يموتون بسن الشباب بسبب السرطان الناتج عن أشعة الشمس فهم يحتاجون لقياس نسبة الضوء بجهاز عند إرادتهم الخروج خارج البيت بالمساء، وأيضاً المتعايشين مع سرطان الجلد، ويمكن إقامة مدينة ذكية بتكنولوجيات بديلة لفئة من يعانون مما تسمى بالحساسية الكهرومغناطيسية (EHS) Electromagnetic hypersensitivity وهي مجموعة من الأعراض التي تجعل أصحابها في حال إعياء ومرض دائم ولا علاج لها سوى بأن يسكنوا في أماكن خالية تماماً من أي نوع من الإشعاعات والمجالات الكهرومغناطيسية، وأيضاً يمكن إنشاء مدينة ذكية خاصة بالعلاج الطبي بكل مجالات الطب الحديثة والبديلة والطبيعية والتكميلية والتجريبية، فهناك أعداد ليست بالقليلة من العلماء والأطباء الذين لهم تجارب ودراسات تؤكد جدوى أنواع من العلاجات البديلة والتجريبية لكنها مدفونة لعدم تبني شركات الصناعات الطبية لها؛ لأنها تؤدي للشفاء الكامل بتكلفة قليلة فعلى سبيل المثال تكلفة علاج الإدمان للفرد بالسعودية حوالى مائة ألف ريال لمدة شهرين فقط بينما هناك علاج رخيص يسمى «Ibogaineــ ايبوجاين» يستخرج من جذر شجرة بغرب أفريقيا وأثبتت الدراسات والتجارب أنه من جرعة واحدة فقط بجلسة واحدة يفقد المدمن رغبته بالتعاطي ويشفى من الإدمان من المخدرات والكحول بشكل نهائي وبلا أي أعراض انسحابيه وبلا حاجة لأدوية مساعدة كتلك التي تعطى عادة للمدمن التي بحد ذاتها قد يدمنها الشخص، ولم تتبنه شركات الأدوية لأنه غير مجدٍ مالياً بالنسبة لها، فبالعلاج التقليدي نسبة العائدين للإدمان بعد التعافي 60% «الجمعية السعودية للطب النفسي» ويحتاجون لفترات علاج مطولة متكررة ومكلفة، ويمكن إنشاء مدينة ذكية تابعة لها مخصصة للنقاهة والاستجمام بعد العمليات والعلاج ويمكن جعلها سكناً دائماً للذين يعانون من هشاشة صحية إما بسبب التقدم بالسن أو المرض؛ لأن كل ما هو فيها مسخر لرعاية صحة الإنسان، ويمكن إنشاء بنية تحتية صناعية وزراعية كاملة خاصة بها لإنتاج الأغذية العضوية والعلاجات البديلة والتجريبية، بالإضافة لمنشآت بحثية وتعليمية مخصصة لإكساب العملاء والسياح ثقافة الحياة الصحية والمتكاملة، ومثل هذا النوع من السياحة لا يمكن أن تؤثر عليه سلباً أي عوامل عالمية كالانهيارات الاقتصادية والحروب والأوبئة كما هو الحال مع السياحة العادية؛ لأنه قائم على الاضطرار وليس شكلاً من الرفاهية. ولا توجد منافسة من المدن الذكية بكل العالم في مثل هذه المجالات؛ ولذا نجاحها مضمون مسبقاً، وستسجل الريادة والسابقة التاريخية للسعودية بتوظيف تكنولوجيا المدن الذكية لأهداف إنسانية وليس فقط اقتصادية.