-A +A
مي خالد
يقول مايكل هدسون وهو اقتصادي أمريكي كرّس حياته العلمية لموضوع القروض: (يسعى هذا النظام الإمبراطوري القائم على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى مديونية الدول الأضعف وإجبارها على تسليم السيطرة على سياساتها إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

يؤدي إطاعة «النصيحة» النيوليبرالية المناهضة للعمالة لهذه المؤسسات إلى أزمة ديون تجبر سعر الصرف الأجنبي للبلد المدين على الانخفاض، ثم «ينقذهم» صندوق النقد الدولي من الإفلاس على أساس «المشروطية» ببيعهم للملك العام وتحويل الضرائب من الأثرياء «خاصة المستثمرين الأجانب» إلى العمالة).


هذا يحدث بالفعل في سيريلانكا حيث يضطر الفقراء إلى المعاناة الشديدة، بينما يستمر الأغنياء في الحصول على البضائع المستوردة.

لقد أجرت سريلانكا تعديلات من صندوق النقد الدولي حتى من دون الحصول على أي أموال منه، ومع ذلك انهار اقتصادها بشكل غير مسبوق.

أعجبني تعبير النظام الإمبراطوري لدى مايكل هدسون وهو نظام يسعى لنهب المستعمرات السابقة ودعم طبقة الريع المالي، وكما يتحدث هدسون فإن سيريلانكا تخضع للاستعمار المالي، هذا عدا أنها مستعمرة إلى حد كبير من قبل الشركات الخاصة.

وكما يقول هدسون: (اتبعت الولايات المتحدة مساراً مشابهاً للتجاوز الإمبراطوري على حساب اقتصادها المحلي. لقد أدى إنفاقها العسكري في الخارج من عام 1950 فصاعداً إلى إبعاد الدولار عن الذهب في عام 1971. وكان لهذا التحول فائدة غير متوقعة تتمثل في الدخول في «معيار الدولار» الذي مكّن الاقتصاد الأمريكي ودبلوماسيته العسكرية من الحصول على رحلة مجانية في بقية العالم، عن طريق زيادة الديون بالدولار إلى البنوك المركزية في الدول الأخرى دون أي قيود عملية).

الدول الضعيفة التي لم تتحكم في اقتصاداتها انتهى بها الأمر إلى الاستعمار المباشر، لكن البلدان التي صنعت بالفعل (وهو أمر لم يموله صندوق النقد الدولي أبداً) تمكنت من الحصول على بعض الاستقلال. وهذا الاستقلال الاقتصادي هو ما تسميه الإمبراطورية بازدراء الاستبداد، مثل تقسيم العالم إلى عالم أول وعالم متوحش، باستخدام الدين العلماني للديمقراطية (وهي كذبة). كما يقول هدسون الذي سنكمل مناقشة بعض أفكاره في المقال القادم.