-A +A
أنمار مطاوع
عندما تأتي كلمة (إبداع)، نميل كثيرا إلى ربطها مباشرة بالفن وأهله.. فقط.. مثل: الموسيقى، التمثيل، الإنتاج الأدبي والفلسفي. علما أن واقع الحال وحسب طبيعة وتعريف الإبداع.. المفهوم أكبر وأوسع وأشمل من ذلك بكثير. ملخص كل الدراسات يقول: (كل شخص.. إما أن يكون مبدعا فعلا.. أو أنه مبدع لم يكتشف نفسه بعد).

أحد أهم تعاريف الإبداع أنه: (.. التعامل مع الأشياء المألوفة بطريقة غير مألوفة)، وتعريف: (.. دمج الآراء المتعددة في صورة جديدة.. أو تطوير وتكييف تلك الآراء). مما يعني أن الإبداع يمكن أن يكون فكرة مادية أو ثقافية أو اجتماعية أو أدبية - أيا كانت - يتم تطويرها في (المخيلة) لرؤية المألوف بطريقة غير مألوفة. بل يذهب طريق الإبداع في نهايته إلى اتجاه أن من أهم صوره (القدرة على حل المشكلات بأساليب جديدة مثيرة للإعجاب).


لهذا، في الوقت الراهن، أصبح أصحاب العمل يطلبون من الموظف أن يكون مبدعا؛ (في الحياة العملية، الإبداع جزء من عمل الموظف). تشير إحدى الدراسات المتخصصة إلى أن (94%) من مديري التوظيف يرون أن (من المهم مراعاة الإبداع عند تقييم مرشح الوظيفة).. بل أصبح نقطة تضاف في إعلانات الوظائف.

المطلوب من الموظف ليس أداء العمل المطلوب منه حسب التوصيف الوظيفي فقط - هذا مفهوم قديم -، بل عليه أن يُعمل عقله ليُنتج شيئا جديدا؛ بدءا من خطوات عمل جديدة وانتهاء بإضافة مفردة ثقافية تزيد من أصالة المنشأة التي يعمل بها. مقولة (موظف بلا إبداع.. هو مجرد جهاز آلي يمكن استبداله في أي وقت.. مهما كانت طبيعة عمله) ليست مقولة خاطئة في سوق العمل الحالي.. فالبقاء في عالم سريع ومتغير، يجعل الإبداع مطلبا وليس ترفا. الجميل هو أن الإبداع ليس صعبا أو مستحيلا - كما يجادل بعض الموظفين - .. وليس مقتصرا على مجموعة محددة بعينها - كما يجادل كثير منهم - .. كل موظف قادر على أن يكون مبدعا.. يقول آينشتاين: (الإبداع هو رؤية ما رآه الآخرون.. والتفكير في ما لم يفكر فيه أي شخص آخر).. والسر هو التعمق في الموضوع - أيا كان - ومعرفة كافة تفاصيله، فذلك بالضرورة.. يُنتج طريقة تفكير مختلفة.

الإبداع في مكان العمل هو طريقة تفكير.. تجمع بين الموارد المتوفرة فعليا والخروج بطرق جديدة للقيام بالعمل بطريقة أفضل؛ بما في ذلك وضع حلول لتحديات أو عقبات حالية، أو فهم الطرق القديمة وإنتاجها في صورة جديدة، أو حتى التعامل بطريقة غير مألوفة مع الأشياء المألوفة. الإبداع قد يكون في صورة بسيطة: تنظيم الأفكار الحالية وإظهارها في بناء جديد.. بهذه البساطة.

قناعة الموظف بقيمة الإبداع تساعده وتساعد منشأته على تخفيف ظاهرتي: عدم الرضا الوظيفي والدوران الوظيفي. ومن الناحية العقلية، تشير دراسة بريطانية إلى أن (الإبداع مفيد للصحة العقلية) ويساعد كثيرا على التأقلم والتكيف مع التغيير بمرونة وسلاسة؛ والتغيير هو سمة واضحة من سمات سوق العمل الحالية.

(الإبداع) ليس ملكة موجودة أو غير موجودة في الفرد.. هو آلية تفكير.. فقط عليك ألا تقاومها خوفا من الرفض أو لامبالاة الآخرين.. ركز جهودك على آليات عرض إبداعاتك وأفكارك الجديدة بدلا من وأدها.

كبت الأفكار الإبداعية يورث الإحباط.. لا محالة، في حين أن مشاركتها مع الآخرين بالطرق الصحيحة يفتح آفاقا واسعة لفرص لا محدودة تجعلك في أفضل حالاتك الذهنية.

ابدأ.. ابدع.. وشارك إبداعك.