-A +A
ريهام زامكه
أعتقد أن المجاملة والنفاق وجهان لعملة واحدة، وكون أن تضطر لمجاملة أحدٍ ثقيل دم (غثيث) وتعرف كيف (تنفخه) وتنافق له قليلاً و(تُطبل) فهذا يعني أنك فنان، وتعرف جيداً كيف تلعب بالبيضة والحجر، وصاحب بال وسيع (كذمتك)، لأنك تعرف كيف تُساير أمورك بقليل من (الكُذيبات) التي لا تُسمن ولا تغني من جوع!

وبصراحة أنا لا أحب المجاملات، لكن مواكبةً لظروف هذا الزمان وانطلاقاً من مبدأ «ادهن سيرك» سأفعل، وقد بدأت فعلاً بالنفاق والتطبيل منذ ليلة البارحة، حيث التقيت بزميلة دراسة إن قلت عنها غثيثة فهي غثيثة، وإن قلت عنها كاذبة فهي كاذبة، وإن قلت (ما عندها سالفة) فهي كذلك!


التقيت بها في أحد الصالونات (المهايطية) عند سيدة ثقيلة بالدم و(الوزن) أيضاً، وبدأت أختنا في الله حديثها (بأرانب) وكذيبات واحدة تلو الأخرى، وكان الجميع مُستغرباً من كمية المبالغة في حديثها، إلا أنا كنت مبتسمة أهز رأسي لها وأقول (بكل نفاق) نعم نعم صدقتِ، وفي قرارة نفسي أعلم أنها كاذبة وما عندها ما عند (ستّي) لكن (للمجاملات أيضاً أحكام)!

ثم انتقل الحديث لأخرى كانت في منتهى السذاجة والتفاهة، تزعم أنها تهتم بالأزياء والمكياج وآخر صيحات الموضة ويتابعها الآلاف، و(الذوق العام) يصيح في الزاوية من شدة أناقتها ومكياجها ومبالغتها فيه وفي رموشها الصناعية التي تصل إلى حواجبها!

تحدثت كثيراً عن الجمال والأناقة وهي في الواقع لا تمت لهما بصلة على الإطلاق، لكني قلت لها: أناقتك يا (فُلانة) تُدرّس ومكياجك (يهبل) هل أنتِ مُودل أو فاشينيستا؟ ففرحت (العبيطة) والمشكلة أنها صدقتني!

وبعد الحديث عن الموضة قاطعتنا إنسانة عرّفت نفسها بأنها شاعرة، مرهفة الحِس ورومانسية وقصائدها دائماً موزونة، وطلبت منّا السكوت لتلقي علينا قصيدة بعنوان: (وينك حبيبي)، (فانطمّينا) جميعاً وسمعنا قصيدتها غير الموزونة كإلقائها مُرغمين، ولكنها وبعد أن انتهت كنتُ أول المصفقين لها، وقلت: ما هذه الدُرر والقصائد الرائعة يا خليفة نزار قباني في عهده، فقالت لي: (أنا أشهد إنك سنافية)، فشكرتها وأنا أعرف أنها تطبل لي أيضاً.

وأخيراً قالت إحداهن أنا صوتي جميل يا جماعة، وقررت أن أدخل المجال الغنائي من أوسع أبوابه وأنافس فنان العرب وعبدالمجيد عبدالله وغيرهما من الفنانين، فقلنا لها: طيّب سمعينا صوتك، والظاهر إنها ما صدقت على الله، فغنت لنا وليتها ما غنّت، فصوتها نشاز ومشابه كثيراً لأنكر الأصوات، لكني قلت لها فور انتهائها من وصلتها الغنائية، إيه الحلاوة دي؟ (عظمه على عظمه يا سِت).

على كل حال؛ إن تحدثنا بالواقع، أنا بصراحة لا أحب المجاملات، وأكره النفاق كثيراً ويبدو أنني لن استمر طويلاً في ذلك، لكن بصراحة أنتم أجمل قراء مرّوا عليّ طوال مسيرتي الصحفية، لم أرَ مثلكم بشراً، ولا أرضى بغيركم بديلاً، مثقفون، رائعون، أحطكم على (المقال) يبرى.

حقيقةً يا حظي بكم، ويا حظكم بي، ويا حظ من سيقابلني هذه اليومين لأني (سأنفخه) كبالونة، فمنسوب المجاملة في أعلى مستوياته، ويجري في دمي مع كُرياتي البيضاء والخضراء والصفراء.