-A +A
أنمار مطاوع
قصة (الدراسة في رمضان) لهذا العام كانت -بالنسبة للمجتمع- أشهر من أي مسلسل تقدمه أي قناة.. في رمضان. وقد اشتهرت القصة لأنها رُوِيت بعدة سيناريوهات؛ بعضها متشابه، وبعضها مختلف.. وبعضها متناقض.

الأصل في رمضان المبارك عند المسلمين هو ما كان يفعله السلف الصالح: التوبة النصوح، الإكثار من قراءة القرآن، الإكثار من النوافل، الإيثار، إطعام الطعام.. وما إلى ذلك من فضائل يعرفها كل مسلم. وبالتالي، القيام بتلك الأعمال الصالحات يستوجب التفرغ لها؛ على سبيل المثال، كان الإمام مالك -رحمه الله- إذا دخل رمضان (.. يُقبل على القرآن من المصحف ويترك كل شيء.. حتى مُدارسة الحديث ومُجالسة أهل العلم). تلك هي المفردة الثقافية الأكثر تعلقاً برمضان في تاريخ المسلمين.. الإقبال والإكثار من العبادة.. حد التميّز.


(ولكن، ماذا بقي من تلك الأزمنة في الثقافة ككل؟ كثير من المفردات الثقافية تغيّرت بحكم الزمن والتطوّر الإنساني.. ومعها.. قدرات الناس.. أيضا تغيّرت. مما يعني أن المقارنة أو الارتكاز على ثقافة أخرى في حقبة زمنية أخرى ذات إمكانات مختلفة وطبيعة مختلفة.. لا يُعطي حق الحُجَّة والمطالبة بالمثل)، هكذا يُحاج البعض: ثقافة المجتمع تغيرت عما كانت عليه قبل (5) سنوات؛ وبالتأكيد تغيّرت عما كانت عليه قبل عقدين أو ثلاثة أو أربعة.. أيضاً بعض المفردات الثقافية تغيّرت.. ومن الصعب المطالبة بها. بالعودة لما كان يقوم به الإمام مالك، هل لو أعطي الطلبة إجازة في رمضان، سيقضونها في قراءة القرآن؟.

من المهم (جدّاً) لوزارة التعليم أن تعمل من الآن على ترتيب وتهيئة ذهنية المجتمع لـ(الدراسة في رمضان) إذا رغبت في استمرار هذه المفردة؛ بمعنى.. على الوزارة أن تعمل على إنهاء هذا الجدل مسبقاً.. قبل اقتراب رمضان القادم بوقت كافٍ.. وآلية التعلم والتعليم في رمضان المبارك يجب أن تكون واضحة كمفردة ثقافية لا تقبل النقاش.. ولا التجربة؛ بما في ذلك مراجعة بعض المعلومات التي تم بثها في وسائل الإعلام: مثل، نسب حضور الطلبة في المدارس.. ونسب التعليم والتعلم.. ونسب نجاح التجربة.. وما إلى ذلك من معلومات؛ كان أولياء الأمور يشككون في صحتها.. كثيراً.

إهمال مفردة (الدراسة.. في رمضان) لن ينتج عنها سوى مزيد من الضجيج في العام القادم.. وتكرار لقصص هذا العام بطابع.. يحمل النسخة (2).