-A +A
علي محمد الحازمي
كثر الحديث هذه الأيام عن مستقبل العولمة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وكيف أثرت على الاقتصاد العالمي. عندما فتحت العولمة أبواب الاقتصاد العالمي، جنت كثير من الدول فوائد كبيرة، حيث زادت التجارة الدولية مما دفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى آفاق جديدة. أدى الاتجاه المستمر منذ عقود نحو العولمة إلى إنشاء اقتصادات أكثر ترابطاً وسهولة إنتاج للسلع والتوسع في سلاسل التوريد، وتحويل الإنتاج إلى البلدان النامية مع توسيع نطاق الرخاء ليشمل مئات الملايين حول العالم، وساهم في خلق ثروات هائلة للشركات القادرة على التنقل بين الدول العالمية.

شهد مطلع القرن الحالي أسرع مراحل نمو العولمة، حتى حلت الأزمة المالية العالمية في العام 2008 التي أدت إلى توقف صعوده السريع. في السنوات العشر الماضية تضررت موجة العولمة بشكل كبير بسبب الأحداث العالمية المتسارعة، حيث فشلت في العودة إلى مسارها السابق للنمو وخاصة بعد الأزمة المالية العالمية في العام 2008.


تباطأت العولمة بشكل كبير في العام 2018-2019 بسبب التوترات بين الولايات المتحدة والصين، تبعها بعد ذلك تفشي جائحة كورونا في العام 2020 والتي صنفت الأكثر فتكًا في القرن مما أدى إلى انخفاض حجم التجارة العالمية بنسبة 27٪ وفقًا لمنظمة التجارة العالمية. الآن مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية أوضحت منظمة التجارة العالمية في تقريرها الأخير تراجع النمو المتوقع في التجارة العالمية بنحو 50% خلال العام 2022.

في المجمل يبدو أن مستقبل العولمة على المحك، حيث تقودنا هذه الأزمات المتتابعة إلى نقطة تحول يمكن أن تؤدي إلى تغييرات كبيرة في إدارة سلسلة التوريد الدولية، ولكن الملاحظ أن التجارة العالمية لا تزال متداخلة مع العلاقات الدولية والأمن، وسوف تستمر في توفير قوة دافعة لإبقاء الأسواق مفتوحة.

العولمة بجانبها المشرق كان لها دور كبير في مضاعفة متوسط دخل الفرد ونجاة أكثر من 1.3 مليار شخص من الفقر المدقع، وارتفاع متوسط العمر المتوقع على مستوى العالم بنحو 10 سنوات، لذلك ما لم يتم التعامل مع الجانب المظلم للعولمة بشكل مباشر، فإن زيادة المخاطر النظامية وزيادة الضغط السياسي ستؤديان إلى تراجع العولمة. وهذا يعني أن التعاون متعدد الأطراف سيقل لمواجهة التحديات العالمية الحرجة وسيؤدي إلى عالم أكثر فقراً وأقل شمولاً واستدامة.