-A +A
أريج الجهني
«وجهك أصفر»؛ «شكلك تعبان» عبارات تتردد كثيرا على مسامعنا حين نكون مرهقين بالفعل؛ بقدر ما تكون مزعجة أحيانا بقدر ما تكون تنبيها أو حتى علامة تقدير واهتمام (مفهومة في سياقنا الثقافي والاجتماعي)، حيث نهتم بالآخر ونظهر قلقنا على صحته حتى إن لم تكن تربطنا علاقة وطيدة؛ ويسود هذا السلوك في المجتمعات الوظيفية بشكل أوضح. بالتأكيد أن صحة الإنسان أغلى ما يملك وأن الشحوب والتعب غالباً ما تكون مؤشرات لوجود حاجة للذهاب للطبيب أو حتى السكون للراحة قليلا. مع سرعة نمط الحياة وضغط التنافسية ونشوء أنماط جديدة من الوظائف فإن المملكة لم تنس نصيب مواطنيها من معايير الصحة والسلامة، بل في خلال هذا الشهر عقد مؤتمر نوعي على مستوى محلي ودولي يهتم بهذا الجانب.

المؤتمر السعودي الدولي للسلامة والصحة المهنية الذي انطلق من حرص ورعاية دائمة من لدن قيادتنا الحكيمة وبتنظيم من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وعقد في مدينة الرياض بتاريخ ١٥ نوفمبر لمدة ثلاثة أيام ضم متحدثين عالميين ومحليين وبرعاية رئيسية من أرامكو وعدد من الشركات الوطنية العملاقة؛ ليعكس السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية ويغذي المنظومة الوطنية للسلامة والصحة المهنية؛ بهدف تحقيق الاستدامة في بيئات العمل وسلامة وصحة العاملين ليست الجسدية فقط بل النفسية والعقلية، وهو تحول نوعي كنا نناشد به وننتظره منذ عقود.


تقييم الخطر في مكان العمل في القرن الواحد والعشرين وتحمل عبء الأمراض والإصابات المرتبطة بالعمل، وتعزيز الصحة الصناعية من أبرز المحاور التي تناولها بجانب عرض نماج ومقارنات دولية والتركيز على ذوي الإعاقة في مكان العمل. أيضا لم يغفل محور الصحة العقلية والنفسية في مكان العمل وفي انتظار سماع التوصيات التي بالتأكيد ستنعكس على المواطنين وتساهم في تحويل السياسات لواقع وممارسات. إجراءات الفحص الطبي لما قبل التوظيف خطوة مهمة أيضا ولعلها موجودة سابقا، لكن بالتأكيد تكريسها والتركيز عليها يعزز أهميتها فهي لا تقل أهمية عن فحص ما قبل الزواج إن لم تكن أهم.

لعلنا تأخرنا كثيرا في تعزيز مفاهيم (الاستدامة) في الأعمال، لكن أن تصل متأخرا خير من أن لا تصل؛ ولأننا كمواطنين سعوديين نستحق الأفضل ولا يليق بنا إلا العمل المؤسسي الجاد؛ فإن الوزارة أمامها مسؤولية كبرى في تمهين هذه الممارسات ووضع محكات ومؤشرات لقياسها وهذا أيضا قد يكون أحد المخرجات المتوقعة للمؤتمر. وجميل أن ترى حضور خبرات عالمية بجانب أبناء وبنات الوطن الذين نفخر ونعتز بهم دائما.

أخيرا؛ نحن البشر نعيش ونتفاعل ولعل أبرز أوجه تفاعلنا يظهر في الجانب المهني؛ بل تعلمت من الإنجليز الكثير وممتنة لهم دائما في وضع الخلافات جانبا والعمل كفريق وتقديم الدعم للجميع لمن استسيغ ومن لا أظن أنهم يفهمون رسالتي؛ وبمناسبة الرسالة: فإن كل وجه يمر بنا في حياتنا خلفه قصة ويحمل ألف هم وهم فلنكن لطيفين بمن حولنا ورحيمين بهم وبأنفسهم وأدام الله علينا وعليكم الصحة والعافية ومبارك لنا هذا المنجز الوطني المهني الذي ينضم لروزنامة مفاخر الوطن في ظل رؤية ٢٠٣٠ وقبل هذا كله في فضل الله -عز وجل- ثم حكمة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، وعبقرية سيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الذي ندين له بالكثير والكثير، متعه الله بالصحة والسعادة والتوفيق.