-A +A
هيلة المشوح
منذ عام ٢٠١٥، والدولة حفظها الله تسعى لتغييرات شاملة في ملف المرأة، حتى أصبح هذا الملف اليوم من الماضي بعد أن تساوت في الحقوق والواجبات بالرجل (وعلى حد سواء).

نعلم جميعاً أن أي تغيير يحدث خصوصاً المتغيرات الاجتماعية، لا بد لها أن تمر بمرحلة من الرفض والممانعة من بعض الفئات في المجتمع، خصوصاً تلك الشريحة التي لم تخرج بعد من الأيديولوجيا الصحوية وعباءة السرورية المتشددة، ولأن الصحوة باتت فكراً مكشوفاً وهزيلاً أمام المجتمع فإن بعض المنتسبين إليها غيروا جلودهم واستبدلوا خطابهم المتشدد بآخر يتواءم ومرحلة الوعي الفكري التي يعيشها المجتمع، مما اضطرهم للجوء إلى أساليب أكثر دهاء لتمرير أفكارهم بالتفاف عجيب كالتفاف بعضهم على التشريعات الخاصة بالمرأة، فبعض المحامين منهم والعاملين في مجال القانون يحاولون بين فترة وأخرى تمرير بعض المسوغات القانونية التي في ظاهرها إرساء للتشريعات المتعلقة بالمرأة، وفي حقيقتها استلاب وتعطيل لتلك التشريعات كحصر قيادة المرأة للسيارة -مثلاً- ضمن شروط مؤطرة بموافقة طرف أو رفض طرف آخر وبحسب ما يوفره لها (الرجل) من وسائل المواصلات، أو حقه في منعها من السفر والتنقل دفعاً للضرر ومنعاً لعصيانها وبالتالي نشوزها.. وهذا في الواقع تحايل والتفاف على تشريعات الدولة التي هي في حقيقتها واضحة ولا تحتاج هذه المخاتلات ذات الأهداف الملتوية!


ومن جهة أخرى وفي السياق المتعلق باستغلال تشريعات الدولة ذاته، فإن هناك فئة أخرى وظفت هذه التشريعات بطريقة أبشع واستغلت هذه الحقوق في (اللاحقوق) بطريقة قميئة، بمعنى أن بعض الفتيات من ضعيفات النفوس استخدمن الأنظمة والتشريعات قنطرة للتمرد على الأسرة والتطاول على الآباء والأمهات وتقليل احترامهم وتهديدهم وكسر نفوسهم واستغلال جهلهم بمعايير هذه التشريعات وتفاصيلها أو ميلهم -أي الأهل- إلى الستر وتجنب نشر خصوصيات بيوتهم ومشاكلهم أمام الناس، وهذا بالمناسبة ليس إنكاراً لحالات العنف والتجاوزات الأسرية التي تواجهها بعض الفتيات والنساء بل إحقاق للحق الذي اختلط بالادعاءات الكاذبة والاستمراء في التجاوزات ضد الأهل بمسوغات باطلة وغير مقبولة في مجتمع تميز بالتماسك والعلاقات الأسرية القوية، فلا يزال بيت العائلة في المجتمع السعودي أيقونة التلاحم والتآلف بأبنائه ذكوراً وإناثاً وإن اصطدم (مؤقتاً) ببعض المهددات الجائرة من بعض الخبثاء والخبيثات!

كل تشريع ومهما تم استغلاله وتحريفه، ومن أي طرف كان، فإنه في نهاية المطاف تشريع ملزم وواضح خصوصاً في ما يتعلق بالمرأة، فالأنظمة وضعت لخدمتها وتسهيل حياتها، لا لتعقيد حياة غيرها وطمس مكانته وجلب المآسي له، أو الالتفاف عليها وتكييفها؛ بُغية برمجة المجتمع على الآراء الملتوية والمضيقة على المرأة وتمريرها كقوانين مسلم بها بينما جوهر هذه القوانين ينافي طرحهم بسعته ومرونته ومواءمته لاحتياجاتها.

أخيراً.. تحريف أو استغلال أي نظام شرعته الدولة -لأي شريحة كانت- هو خروج صريح على قوانينها وأنظمتها ولا يجب التساهل مطلقاً مع من يحاول تمرير الجهالات، والمسؤول الأول والأخير عن هذه التجاوزات هو المجتمع بوعيه وفطنته وصده لكل متلاعب مندس.