-A +A
عبده خال
- بين الهجين والأصيل عصا.

هي جملة قابلة أن تصبح مثلاً يسافر بين الألسن، وطرأت في بالي بهذه الصياغة من حقيقة واقعية مجربة لدى مربي الخيول.


فهؤلاء المربون إذا تجمعت لديهم خيول كثيرة، ولا يعرفون: أّياً منها خيل أصيل أو هجين؟ يعمدون إلى وضع تلك الأعداد داخل إسطبل كبير يتسع لكل تلك الأعداد، ويمنعون عنها الأكل والشرب حتى تصل إلى مراحل متقدمة من الجوع، وبعد ذلك يقومون بضربها ضرباً مبرحاً، لتأتي مرحلة الفرز بتقديم الطعام والشراب، هنا تنقسم الخيول بين مهرول طلباً للأكل والشراب، وبين خيول تحجم عن تناول الأكل والشراب.

ومن تلك التجربة يقوم المربون بمعرفة الخيل الأصيلة من الخيل الهجينة، فالخيل الأصيلة لا تأكل من يد ضربتها مهما اشتد بها الجوع والعطش، بينما الخيل الهجينة لا يعنيها أي يد ضربتها أو قدمت لها الأكل، ولهذا يمكن صياغة المثل (بين الهجين والأصيل عصا).

والدروس المستقاة من الحيوانات، هي دروس قديمة لجأ الإنسان إليها كدرس مطبق تطبيقاً يكشف كثيراً من السلوك المشترك بينه والحيوان الذي ظهر منذ بدء الخليقة كمعلم يكشف سوءة الإنسان، ويقوم بتورية تلك الأفعال إن كانت مشينة، فقصة دفن الغراب للغراب هي الدرس الأول للبشرية.

وتوالت قصص الحيوانات كأول جامعة تعطي دروساً حياتية سواء كانت تلك القصص في الكتب السماوية أو من خلال القص الأسطوري أو الشعبي، ولم يقف الإنسان على أخذ الحكمة من تصرف الحيوان وتحويل ذلك التصرف إلى حكمة أو قول يجري في نهر الزمن، بل استطاع الإنسان ملاحظة التصرف الحيواني ومحاكاته في التغلب على الظرف البيئي ونقل ذلك التصرف كمخترع فاد البشرية ونقلها من طور إلى طور.

وما زالت الدروس الحيوانية تقدم يومياً معرفة لم يتم استيعاب كل تلك الدروس، وأعتقد أن على الإنسان أن يعود إلى البيئة لاستخراج كنوز خافية لم يبح بها الحيوان إلى الآن.

الله عز وجل لم يخلق أي مخلوق عبثاً، والإيمان بتكامل الكون يمكن العين الفاحصة من التقاط الدروس الحيوانية التي لم نعرفها بعد.

الآن ونحن نقرأ هذه المقالة دعونا نطوف في معرفتنا وتجاربنا لإحصاء الكم المهول من المعارف التي استقاها الإنسان من ذلك العالم الذي نستهين به ونحول جملة (يا حيوان) إلى شتيمة، بينما ذلك الحيوان مدنا بمعرفة لم نكن لنصل إليها لولاه.

من الغباء الإنساني الفاحش أننا ما زلنا نكرر (يا حيوان) كشتيمة.

إذاً، لننشط مخيلتنا، ونتصور ماذا تقول الحيوانات عنا، هل تستخدم مفردة (يا إنسان) كشتائم متبادلة بينها؟