-A +A
علي محمد الحازمي
أدت جائحة كورونا إلى إحداث تغيير جذري في العديد من السياسات الاقتصادية لكثير من دول العالم، حتى الأزمة المالية في عام 2008 لم تُحدث تلك التغيرات. لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن هذا التحول في السياسات الاقتصادية وإن حدث، إلا أنه غير مكتمل ونجاحه ليس مضموناً على الأقل في المدى القريب، لذا فقد حان الوقت للتفكير في آثاره والتحديات المقبلة.

ضربت هذه الجائحة العالم بشدة فلم تبق ولم تذر. ففي مارس من العام الماضي، تم إغلاق الاقتصاد العالمي الذي تتجاوز قيمته أكثر من 80 تريليون دولار للحفاظ على سلامة الناس وحماية المستشفيات من إثقال كاهلها بقاتل غامض. استعانت الحكومات بعلماء الاقتصاد في العديد من دول العالم وخاصة الدول المتقدمة للعمل معهم جنباً إلى جنب لتقييم آثار السياسات الاقتصادية المتبعة، لهذا كان لدى صانعي السياسات في الحكومات معلومات أكثر مما كانت عليه في الأزمات السابقة لصياغة سياسات اقتصادية فعالة قائمة على الأدلة. أظهرت أزمة (كوفيد19) مرة أخرى حجم العبء الفكري الذي تحمله مهنة الاقتصاد.


منذ البدايات تنبأ العديد من خبراء الاقتصاد الكلي بحدوث أول ركود حقيقي في جانب العرض والطلب معاً، وخلصوا إلى أن سياسات الطلب في فترات الركود، مثل التوسع في ضخ الأموال داخل الاقتصاد، كانت غير مفيدة وستؤدي إلى نقص وإهدار في الإنفاق بالعجز وارتفاع التضخم، لأنهم يؤمنون بفكرة الإغاثة الموجهة فقط للأشخاص الأكثر تضرراً مثل العاطلين عن العمل والإنفاق على قطاع الصحة العامة.

تقدم استجابة السياسات الاقتصادية خلال جائحة COVID- 19 أربعة دروس رئيسية: أولاً، تختلف سمات أزمة فايروس كورونا عن الأزمات السابقة. ثانياً، يجب التركيز على الدروس المستفادة من السياسات الاقتصادية في هذه الأزمة للتحضير لأي ركود مستقبلي. ثالثاً، تتطلب السياسات الجيدة إدارة جيدة، والتي كانت مفقودة في العديد من الدول خلال أزمة فايروس كورونا، لأن السياسة الجيدة لا قيمة لها إذا لم يتم تقييم الوضع الاقتصادي بشكل يتناسب مع حجم الكارثة التي حدثت. أخيراً، حان الوقت للاقتصاد الكلي لترقية أدواته ونماذجه، وإدخال أفكار جديدة وإلغاء بعض الأفكار القديمة التي لا تتناسب مع طبيعة الاقتصاد العالمي في الفترة الحالية، لذا من الأفضل أن يكون لدينا نماذج قوية قائمة على الأدلة لتوجيه السياسات الاقتصادية الجديدة.