-A +A
ماجد قاروب
تعارض المصالح مصطلح قانوني ذكر في عدة مواقع وصدرت له لائحة مؤخراً وكثرت التساؤلات حيال كيف نفهمه ونطبقه ونتجنب مخالفته، خصوصا أنه من نوع العسل المسموم، ولذلك سأدخل في الشرح مباشرة من خلال بعض الأمثلة.

بنك من البنوك أو لنقل جميع البنوك لديها قاعدة من الملاك وكبار التنفيذيين من رئيس ومديري أقاليم وإدارات عامة وبالطبع لديها فروع، ولنتحقق من شبهات تعارض المصالح في موضوع قرار استئجار تلك الفروع، علينا أن نتحقق هل تلك المواقع لفروع البنوك وكبائن الصراف، مملوكة لأحد ملاك البنوك أو كبار المساهمين أو كبار التنفيذيين أو حتى كبار العملاء، أو أن ملكيتها تعود لشركاتهم أو شركائهم أو أقاربهم إلى الدرجة الرابعة، وهنا يأتي ما يسمى الإفصاح الذي يستوجب معه لكل من لديه شبه تعارض مصالح بمعنى الاستفادة المشبوه أو المشكوك في نزاهتها أن يعلن ويفصح أن رغبة البنك في استئجار موقع معين هو في الواقع ملك لي أو لإحدى شركاتي أو شركائي، أو بمعنى أن الأمر ليس فقط الزوجة والأبناء والأحفاد بل حتى الأقارب والأنساب حتى تبرئ إدارة البنك ذمتها من سوء استخدام الإدارة والنفوذ؛ وذلك لحماية البنك والاقتصاد وصغار الملاك وحملة الأسهم من سوء استغلال الأموال، وأن قراراتهم لمصلحة المؤسسة والمساهمين وليس للملاك والمديرين، لأنه ببساطة في وقت ينتظر حملة الأسهم ربح ربع ريال عن كل ربع سنة أو قفزة في أسعار الأسهم ليبيع ويتاجر في الأسهم وتكون أرباح البنك متدنية أو مصاريف الإدارة والتشغيل عالية، نجد هؤلاء الملاك وكبار التنفيذيين أو المودعين الكبار حققوا أرباحهم من تأجير عقاراتهم ورفع ثمنها ومعها مجمعاتهم التجارية والسكنية والفندقية ومخططاتهم وأراضيهم بعشرات أو مئات الملايين في العام تعادل ما يكون قد حققه البنك من أرباح توزع على المساهمين وحملة الأسهم.


بطبيعة الحال الكيانات التي يغلب عليها السيطرة العائلية عادة ما تكون ضعيفة الحوكمة، وبالتالي يمكن أن يمارس فيها تغليب المصلحة الشخصية للعائلة والملاك على حساب الكيان القانوني، بل يعتبر هو أساس القرار الاقتصادي.

كمثال آخر يمتد إلى الوظائف فتجد القيادات وكبار التنفيذيين من أبناء تلك العوائل وأقاربهم وأنسابهم حيث تطغى العشوائية وضعف الرقابة والمحاسبة ونفوذ العلاقات والواسطة والمحسوبية وانعدام الشفافية والحوكمة ومن ثم تجد التوظيف للأقارب والأرحام والأنساب في المقام الأول، وهذا يسري على جميع التعاقدات التجارية للبنوك والشركات المساهمة في توريد الأثاث والمعدات وكل احتياجات الإدارة والتشغيل وليس فقط التوظيف أو استئجار العقارات لفروع ومكاتب البنوك وحتى في اختيار المكاتب الاستشارية في القانون والإدارة والمالية والمحاسبة.

مبدأ تعارض المصالح الذي يبدأ بالحوكمة ويحتاج إلى الإفصاح والرقابة والشفافية يجب أن يكون مفهوما، ولعل للمصرف المركزي بالتعاون مع هيئة السوق المالية العمل على مراجعة هذا المبدأ الهام لضمان الاحترافية والشفافية والكفاءة على جميع الشركات المدرجة بالسوق المالية بداية من البنوك وشركات التأمين ومعهم وزارة التجارة لمراجعة شركات المساهمة المغلقة وكبرى الشركات المحدودة؛ حماية للاقتصاد ودعماً لمبدأ الاستدامة وتعزيز النزاهة والشفافية لقطاع الأعمال والاقتصاد.