-A +A
حمود أبو طالب
عبّر المجتمع السعودي عن صدمته من الخبر الذي أعلنته وزارة الدفاع عن تنفيذها حكم الإعدام في أشخاص من منسوبيها بعد إدانتهم بالخيانة العظمى، وقد نجد مبرراً مفهوماً ومعقولاً لهذا التفاعل، فهذا المصطلح «الخيانة الوطنية العظمى» غير مألوف في الاستخدام الرسمي، وربما لم يرد سابقاً كتوصيف لجريمة تستحق عقوبة الإعدام، فقد اعتدنا على توصيفات ومبررات محدودة ومكررة، لكن الآن يبزغ هذا المصطلح كإعلاء لقيمة ومعنى الوطن، والتأكيد على أن خيانته خصوصاً من المؤتمنين على أسراره الحساسة، الذين أقسموا على صونها، جريمة لا تغتفر.

الخيانة الوطنية موجودة منذ بدأ تأريخ الأوطان والدول، لا يوجد مجتمع بلا مرضى في ضمائرهم ونفوسهم الضعيفة التي تبيع ما لا يوجد ثمن له كالوطن بثمن لا يساوي ذرة من ترابه مهما ارتفع وعلا وغلا الثمن. والواجب أن نمقت جميعاً من يرتكبون هذه الخيانة ونشد على يد الدولة وهي تطبق العقوبة العادلة عليهم، ولكن الحذر الحذر من الجهلة والمندسين وخفافيش منصات التواصل الذين يوظفون مثل هذه الأحداث لتعميم الإساءة على المناطق والقبائل التي ينتمي إليها كل من أخطأ بحق الوطن، مثلما لاحظنا في الحادثة الأخيرة. فلا العقل ولا المنطق ولا الأخلاق ولا معايير المروءة وموجبات وضوابط المواطنة تقبل مثل هذا التعدي الذي يستهدف النسيج الوطني، ولكن هذا ما يسعى إليه المتربصون بالوطن، الذين يحاولون بشتى الوسائل ضرب وحدته ولحمته وتصالحه وتضامنه.


لقد عُرف المجتمع السعودي بتصديه لكل محاولات النيل منه ووأد الفتن في مهدها، وأفضل وسيلة لدحر المتربصين هي الانتباه لنواياهم وأهدافهم المشبوهة، وعدم إعطائهم أي قيمة بتداول سمومهم ونشرها، أو تمكينهم من استفزاز بعض المجتمع على بعضه أو الإيهام بوجود تمايزات بين مكوناته. أهملوا هذه الكائنات الضارة وانتبهوا للوطن بكل ما فيه ومن فيه.