-A +A
مي خالد
تابعت الدكتورة هند الخثيلة في برنامج السطر الأوسط على قناة MBC، حدث لمرات قليلة أن أتابع شخصا في حوار تلفزيوني يروي طرفا من سيرته الذاتية بأسلوب الراوي العليم وعلى لسان الطفل الذي كانه، أتصور أن عددا كبيرا من المشاهدين مثلي وقعوا في غرام الطفلة هند.

أول ملمح نجحت الدكتورة في ترميزه هو الزي النجدي الأخاذ الذي كانت ترتديه. لنفكك معها -نحن المشاهدين- هذا الرمز الزاهي والمحتشم في آن. ونعرف على امتداد الحلقتين من هي المرأة خلف هذه الثياب، تلك المرأة المعتزة بسعوديتها وهويتها الثقافية. فهي ابنة أحد رجالات المغفور له الملك عبد العزيز، ولم تكن ابنة عادية بل كانت شخصية نادرة الظُرف والنباهة في الصغر وذات شخصية قوية وطموحة في الكبر.


حين جلست في مجلس فيه نساء سعوديات من أعمار مختلفة بعضهن أكبر مني سنا والبعض الآخر في مثل عمري، رحت مبتهجة أحدثهن عن متابعتي لحوار مع الدكتورة هند الخثيلة، وأنا أروي طرفا من مشاهداتي وأحلل بعض العبارات، وإذ بأغلب من يجلسن معي يعرفنها جيدا، إما كأستاذة قامت بتدريسهن أو عميدة للجامعة أو يعرفن امتدادها العائلي. بدت قريبة جدا من الرأي العام الذي قالت في البرنامج إنه (حز في نفسها) عدم افتقاده لها حين توقفت مقالاتها، هناك قوة غريبة في هذا الاعتراف. أن تكشف عن موقف (ضعف) مررت به على شاشة التلفزيون وأمام عدد كبير من الناس. موقف يحتاج إلى (قوة خارقة). حتى أن المذيع لم يستطع إلا أن يعبر عن اندهاشه. وفي ظني أن ذلك يرجع لتغير ظروف النشر وإقبال الناس في مطلع الألفية على منتديات الإنترنت وهجران الصحف.

والملاحظة الأخرى المهمة بالنسبة لي هي أن الدكتورة هند الخثيلة مختلفة عن كثير من الكاتبات الصحفيات في جيلها بحيث لم تحاول الظهور بمظهر المدافعة عن حقوق المرأة المهمومة بمشاكل السعوديات مع التيار الصحوي. رغم اصطدامها معه مراراً إلا أنها لم تضخم المسألة ولم تحاول الظهور بمظهر من عانت وانتصرت.

روت لي إحدى طالباتها قصة طريفة بهذه المناسبة: تقول إن الأجواء الفكرية في الجامعة تلك الأعوام كانت تصنف الأستاذات إما مسلمة أو علمانية، وطبعا كانت الدكتورة هند ضمن فئة العلمانيات، لكن المفاجأة حدثت حين أوقفت الدكتورة هند شرحها في إحدى المرات كي تقول بعفوية حين سمعت أذان الظهر: «مرحب يا ذكر الله» ليندهش الجميع من هذه المرأة العلمانية المؤمنة!