-A +A
عبداللطيف الضويحي
أينما وجهت، فأمامك مشكلة مياه، فرداً كنتَ أو مؤسسة أو دولة. وكل خلاف تاريخي سياسي أو طائفي أو قبائلي، إلا ويحمل في طياته بذور الخلاف على المياه ويدور حول مشكلة مياه. كل صراع وجودي مستقبلي، ستكون المياه محركه وبوصلته وربما أيقونته.

بكل ألم وأسف، تعد الدول العربية كلها (رغم تفاوتها)، من دول العالم الفقيرة مائياً، فحتى دولنا ذات الأنهار تتعرض لتحديات وجودية بسبب أطماع القوى الإقليمية غير العربية المجاورة، ناهيك عن مشكلات الهدر وسوء إدارة المياه وغياب ما يسمى الإدارة المتكاملة للموارد المائية وهو ما يعني ماكينزم تعكس جملة من مصالح الأطراف الـ5 المعنية، بما فيها التوازن البيئي والاستهلاك المباشر والزراعة والصناعة والتجارة والبيئة بما يحفظ المياه ويحافظ على ديمومتها واستمراريتها.


جميع الحروب التوسعية الاستعمارية التي تشنها تركيا وإسرائيل وإيران على دولنا العربية على اختلاف عناوينها، تأتي المياه من بين أهم أولوياتها في العلن تارة وتارة في الخفاء، وسواء كانت من خلال سرقة ومصادرة مباشرة للمياه والتحكم بمصادرها، أو من خلال استخدام المياه كسلاح في المعارك ولحروب ضد الدول العربية التي تقع تحت هيمنة أو نفوذ تلك الدول الاستعمارية، رغم كل ما تعانيه الدول العربية من شح في موارد المياه، ورغم قسوة الموقع الجغرافي لدولنا، والطبيعة الصحراوية لأغلب دولنا.

ويجب ألا نغفل التحدي الأثيوبي لدولتين عربيتين تشتركان معها بنهر النيل، من خلال إصرار أثيوبيا على بناء وتعبئة سد النهضة بشكل أحادي ودون التنسيق مع بقية الطرفين العربيين المتضررين من عدم التزام أثيوبيا بالاتفاقات التي تحكم هذا الخلاف، وإصرار أثيوبيا على عدم مشاركة معلومات فنية وتقنية عن إنشاءات سد النهضة وعن ملئه مع الجانبين السوداني والمصري.

تكاد تكون قضية المياه عربية بامتياز، أو هي كذلك، رغم أنها مشكلة تعاني منها وتتضرر بها العديد من دول العالم بنسب متفاوتة، ولكن وبسبب تزايد الحروب التي يشنها جيراننا الطامعون ببلداننا العربية، من القوى الإقليمية الأربعة، والتي تعد قضية المياه واحدة من أبرز دوافع حروبهم في بلداننا وعليها، أرى أن تكون الخطوة الأولى للمجموعة العربية وبقية دول العالم المهددة بالعطش السعي لتأسيس محكمة دولية للمياه.

فلعلنا نحتفل في الذكرى القادمة لليوم العالمي للمياه، بتدشين وإطلاق المحكمة الدولية للمياه، ولعل مقر هذه المحكمة يكون إسبانيا والسبب هو أن أول محكمة مياه في التاريخ أسسها الخليفة عبدالرحمن الناصر لدين الله عام 960م (كما تذكر كثير من المصادر) هي محكمة بلنسية في إسبانيا، وقد أدرجتها منظمة اليونسكو ضمن أهم معالمها الأثرية التي يجب الحفاظ عليها.

كاتب سعودي

Abdullateef.aldwaihi@gmail.com