-A +A
حسين شبكشي
في شهر أكتوبر من عام 2017، تعهد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بتدمير الفكر المتطرف، وإصراره أن السعودية لن تضيع 30 سنة أخرى من عمرها في التعامل مع هذا الفكر المنحرف، وصولاً إلى اليوم وبعد أربع سنوات مرت على هذا التصريح. ليأتي تصريح آخر منه لا يقل أهمية عن التصريح الأول، قال فيه إن المملكة استطاعت القضاء على مشروع التطرف الأيدولوجي الذي أعد خلال فترة 40 سنة، وانتشر فيها الإرهاب والتطرف في المجتمع السعودي مثل السرطان. وانتقلت السعودية خلال فترة قصيرة مدتها ثلاث سنوات إلى مرحلة التسامح والتعايش واحترام الآخر المخالف والاهتمام العملي بقيم الوسطية مع العالم بأسره من منظور إنساني وتعايشي. كانت هذه مرحلة تصحيحية حقيقية لجريمة ارتكبت بحق الدين الإسلامي الحنيف وسمحت لهذا الفكر المتطرف من احتلال المشهد واختطاف التحدث باسم الدين نفسه. هذا الفكر المتطرف المنحرف، وغير القابل للتعايش مع المسلمين أنفسهم وطبعاً ولا مع أصحاب الديانات الأخرى، أصبح مع الوقت عبئاً لا يمكن الدفاع عنه، وفرخ مع الوقت عشرات المتطرفين فكرياً، والذي كون بعد ذلك أرضية ملائمة لإنتاج الإرهاب، ناهيك أن هذا الفكر كان تربة للفتاوى والآراء الشاذة والغريبة، والتي قوبلت بالرفض التام والسخرية من سائر العالم الإسلامي بعلمائه وناسه. من الضروري التذكير المستمر والمتواصل، بنماذج كارثية كنا نعيش معها، وتسببت في محيط تلوثه الكراهية ويغذيه التعصب ويعيش على سوء الظن، وذلك منعاً أن يتسلل إلينا مرة أخرى مجدداً. كنا نعيش في كابوس مظلم وطويل، كنا نعتقد بأن لا نهاية له، كابوس أسود سلب منا متعة الحياة والابتسامة بدون الشعور بالذنب. من يعيد لنا ثلاثة عقود سرقت من عمرنا، باسم الكراهية والجهل والتعصب تحت شعار الدين؟ عزاؤنا أن أولادنا وأحفادنا لن يكونوا مضطرين للعيش مرة أخرى تحت خزعبلات ومظالم تمارس باسم الإسلام لم تقدم إلا خصوصية وهمية، وفكراً جاهلياً. لله الحمد والفضل أن منّ علينا أن نحيا لنرى مرحلة جديدة. مرحلة فيها احترام للعقل، وتعود لنا السماحة والبهجة وحق الابتسام وإحسان الظن. ذكروا أنفسكم وبلغوا أولادكم وشاركوا أحفادكم كيف كنا وكيف أصبحنا. هناك جيل عانى مر المعاناة، وخطفت منه الحياة، وخطفت منه سماحة دينه. بلغوهم حتى لا ينسوا ما حصل وما أصبحنا فيه من نعمة اليوم.

كاتب سعودي


hashobokshi@gmail.com