-A +A
عبدالرحمن الطريري
عندما خرج المتظاهرون اللبنانيون في السابع عشر من أكتوبر، كان الجميل تجاوزهم الشعارات الطائفية، حيث أدركوا أن سياسات النخبة المتشاركة في السلطة هي ما أودت بهم إلى هذا الحال الاقتصادي المتردي دون أي تمييز طائفي، وكانت سهامهم مصوبة بشكل رئيس إلى وزير العهد جبران باسيل.

وربما شعروا بأن عدم مهاجمة سلاح حزب الله، قد يعني سلامة المظاهرت من أي هجوم من ناحية الضاحية، ويحقق ربما انتخابات برلمانية مبكرة، قد تغير التشكيل البرلماني الحالي، وما نتج عنه من حكومات وأداء اقتصادي باهت، وتعثر في ملفات الكهرباء والنفايات.


لكن مظاهرات تشرين (أكتوبر) كانت عن غير قصد تهاجم حزب الله، لأن الحزب هو الحاكم الحقيقي، وهو فعليا صاحب العهد، فهو من أتى بميشيل عون للرئاسة بعد تعطيل لأكثر من عامين، وحتى جبران باسيل هو نتيجة حكم حزب الله والمحاصصة السياسية معه، وحتى قاسم سليماني كان قد صرح مبتهجا بالانتصار البرلماني الذي حققه الحزب وشركاؤه.

اليوم مع انطلاق الموجة الثانية من المظاهرات في السادس من يونيو الجاري، والتي تعتقد أن الحزب اتخذ من كورونا ذريعة لأن تصبح حكومة حسان دياب والتي تعنون بأنها حكومة أخصائيين مستقلين أمرا واقعا، فإن الأمر الذي يدعو للسخرية تلويح أكثر من طرف بسحب وزارئه من الحكومة، فعل ذلك نبيه بري وسمير فرنجية، للتأكيد على اللا استقلالية للحكومة.

الجديد في مظاهرات يونيو أنها لم تتوجه إلى جبران باسيل (النتيجة)، بل توجهت إلى حزب الله (جذر المشكلة)، وبالتالي رفعت شعار تطبيق قرار الأمم المتحدة 1559، والذي يدعو إلى نزع سلاح الميليشيات اللبنانية، والذي صدر في سبتمبر 2004، والذي يعتقد أن رفيق الحريري دفع حياته ثمنا لهذا القرار.

من العام 2006 واتفاق مار مخايل بين حزب الله والتيار الوطني الحر، رسم حزب الله خيارات الساسة اللبنانيين، بين اقتسام الكعكة أو تجرع السكين، فقائمة الاغتيالات الناجحة والفاشلة طويلة، والمكاسب الاقتصادية للتيار الوطني ولرئيسه السابق وصهره واضحة للعيان، وبالتالي شكل ذلك تطبيعا إجباريا مع سلاح الحزب.

وإذا ما أضفنا لذلك غزوة القمصان السوداء، التي كانت رسالة واضحة للمستقبل والاشتراكي، بأن السلاح قد يستخدم في الداخل، إذا شعر طرف ما أن بإمكانه المساس بهذا السلاح، حتى الثورة السورية ثم المشهد اليمني، حيث عبر حزب الله عن الوظيفة الإقليمية لهذا السلاح، مما يجعل السلاح حسب تصريح سعد الحريري مشكلة أكبر من لبنان.

وبالتالي تجد في الحوارات التلفزيونية اللبنانية نفسا يشير إلى أن الحديث عن نزع سلاح حزب الله، كما صنعت باقي الميليشات بعد الحرب، وحصر السلاح في يد الجيش اللبناني أمرا غير واقعي، ويتم التعاطي مع السلاح كمسلمة لا فكاك عنها.

والحقيقة أن كل المشاكل اللبنانية من النفايات إلى الكهرباء، مرورا بمكافحة الفساد والمعابر المفتوحة على مصراعيها مع سوريا، لا يمكن حلها جميعا إلا بنزع سلاح حزب الله، حيث لا يمكن أن يكون لدى الجميع كتلة تمثيلية، ولدى الحزب كتلة وسلاح يعدل به القرارات كيفما شاء، مرة بثلث معطل، ومرات متعددة بالتعطيل.

كاتب سعودي

Twitter: @aAltrairi

Email: me@aaltrairi.com