-A +A
مي خالد
بالنسبة لإيران فكما نعلم أن الهدف من الثورة الإيرانية كان إنشاء جمهورية إسلامية ديمقراطية، وليس دولة ثيوقراطية أو سلطوية كما صار إليه المآل.

النقطة المهمة التي يجب فهمها هنا هي أن جميع الجمهوريات الديمقراطية هي بطبيعتها تقوم بموازنة سياسة الدولة بين المصالح والاهتمامات المختلفة.


على سبيل المثال في النموذج الأمريكي للجمهوريات الديمقراطية، والذي تحاكيه إيران، تنقسم السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية إلى فروع ظاهرية ومستقلة متساوية، ويمنع الاحتكاك بين هذه الفروع المنفصلة، لأن الاحتكاك يتسبب في انهيار الحكومة ويحولها إلى حكومة ديكتاتورية. (في ظني أن هذا التقسيم ظاهري فقط في أمريكا وغيرها).

ولأن إيران تهدف إلى أن تكون جمهورية ديمقراطية إسلامية، قاموا بتغييرات طفيفة على النموذج الأمريكي فقاموا بإنشاء فرع رابع مُنح سلطة الحفاظ والتمسك بالمبادئ الدينية الإسلامية. وبالتالي فإن لديهم مجلساً لصيانة الدستور، وهو المجلس الذي يعين وزراء معينين وله حق النقض (الفيتو) على التشريعات التي تعتبر مخالفة للمُثل الإسلامية الإيرانية. وهذا المجلس هو سبب مصائب إيران بدءاً من البطالة والفقر وضعف البنى التحتية وخراب الصحة والتعليم... وصولاً إلى انتشار كورونا.

فكرة هذا المجلس ليست جديدة لكن تطبيق إيران تسبب في مشاكل من الداخل وعلاقات مضطربة مع الخارج.

هناك أشباه لهذا المجلس في ديمقراطيات عريقة أحسنت توظيفه، ففي النظام البرلماني البريطاني هناك مجلس يسمى مجلس اللوردات، هو يهدف إلى حماية الأمة البريطانية ضد الانجراف الذي يمكن أن يحدث بسبب الشعوبية في مجلس النواب العموم.

وهناك أيضا المحكمة العليا في الولايات المتحدة التي وظيفتها الحفاظ على اتساق القواعد الدستورية، والتي تختلف بوضوح عن وظيفة المحكمة «القانونية» البحتة التي وظيفتها تقييم المسائل القانونية.

في الغالب قامت إيران بعد الثورة باقتباس هذين النموذجين الجيدين وحرفتهما تحت شعارات دينية تسببت في مأساتها ومكنت رجال الدين والمعممين من اضطهاد الشعب وتجهيله ثم قتله في المزارات الدينية بالأوبئة والأمراض وجعلت من رجال الدين المعممين لوردات وجنرالات حرب.