فريد المالكي
فريد المالكي
-A +A
أميرة المولد (الطائف) amerhalmwlad@
أكد مدير مجمع إرادة والصحة النفسية في الطائف الدكتور فريد حامد المالكي أن المرضى المشردين هاجس كبير لدى إدارة المجمع، إذ إن معظمهم لديهم ملفات بالمجمع وبعد استقرار حالتهم وخروجهم يرفضهم ذووهم ما يتسبب في تشردهم. والمجمع لا يعتبر دار إيواء وإنما مرفق علاجي. وهناك مرضى قدامى تمتد إقامات بعضهم إلى أكثر من ٤٠ سنة لعدة أسباب؛ ومن أبرزها عدم تعاون ذوي المرضى. وقال المالكي في حوار موسع مع «عكاظ» إنه لا يوجد سوء معاملة للمرضى ولا يسمح بذلك ويتم التعامل مع أي شكوى من المريض أو ذويه بشكل فائق الأهمية، وهناك كاميرات مراقبة داخل الأجنحة على مدار الساعة. وعن تقارير المرضى النفسيين أكد مدير مجمع إرادة حرصهم على خصوصية المرضى وعدم إفشاء معلوماتهم عبر آلية صارمة تمنع ذلك.

تقاريرنا سرية ومحصّنة


• التقارير الطبية النفسية لها آلية مختلفة عن التقارير الأخرى نظراً إلى خصوصية المريض النفسي ولحفظ حقوقه.. ما آلية إصدارها؟ وما الحالات التي يتم فيها إصدار تقرير طبي للمريض النفسي؟

•• نسعى دائماً للمحافظة على خصوصية المريض النفسي وعدم إفشاء أي معلومات تخصه، وتوجد آلية تمنع تسرب أي معلومة عن المريض لغير الشخص المعني حسب الأنظمة والتعليمات، علماً بأنه يتم التأكد من هوية طالب التقرير قبل قبول طلب إصدار التقرير وقبل تسليمه مع التوقيع على الاستلام.

وهناك تقارير تُطلب من الجهات الرسمية وتكتب من واقع الملف وتُرسل إلى الجهة الطالبة عن طريق البريد الرسمي وتقارير تستدعي العرض على اللجنة الطبية المدنية مثل (حضانة – ولاية – صلاحية عمل).

• ما حجم المشكلات النفسية في المحافظة؟

•• لا تختلف محافظة الطائف عن أي محافظة أُخرى في عدد وطبيعة المرضى النفسيين، إلا أنه، كما ذُكر آنفاً، خلال السنوات السابقة أدى كثرة انتقال المواطنين من القرى للمدن وزيادة الوعي لدى المجتمع بالأمراض النفسية، الناتج عن تكثيف الحملات التوعوية، إلى زيادة أعداد المراجعين.

لا سوء معاملة

• هناك من يؤكد تعرّض بعض النزلاء والنزيلات لسوء تعامل.. كيف يتم رصد ذلك لمنع وقوعه؟

•• لا يوجد سوء معاملة كما يتصوره البعض ولا نسمح بحدوث ذلك ويتم التعامل مع أي شكوى من المريض أو ذويه بشكل فائق الأهمية، وتُحال أي شكوى للتعامل معها بشكل رسمي، علماً بأن هناك كاميرات مراقبة داخل الأجنحة على مدار الساعة وتتم متابعتها بواسطة طاقم يقوم برفع تقرير عن سير العمل بالأجنحة.

• ما أبرز التحديات التي تواجهكم؟

•• في ما يخص البنية التحتية فإن مباني المجمع تم إنشاؤها منذ أكثر من 60 سنة ما أدى الى تهالكها بشكل كبير رغم تجديد بعضها إلا أنها تحتاج لعمل ترميم شامل لجميع مرافق المجمع. ومن التحديات التي تواجهنا في ما يتعلق بالمرضى عدم تجاوب بعض ذوي المرضى المنومين بأجنحة التأهيل في تجديد هوياتهم أو المساعدة في إصدارها، كما نعاني أيضاً من تأخر استلام بعض المرضى من قِبل ذويهم وذلك بعد قرار خروجهم من قِبل الفريق الطبي المُعالج ما يتسبب في عدم وجود أسرّة شاغرة في أجنحة الدخول.

• ماذا عن خطط التطوير وأبرز المشاريع المعتمدة؟

•• الطموح ليس له حد. وهناك بعض المشاريع القائمة حالياً مثل ترميم قسم الطوارئ وترميم أجنحة التأهيل. كما أن هنالك خططاً لتطوير الخدمات التي تقدم في المجمع ومنها على سبيل المثال إنشاء وحدة أرشفة إلكترونية تهتم بالملفات الطبية والعاملين. والتوسع في إنشاء مرفق خاص بجناح إرادة وتأهيل إرادة وبيت منتصف الطريق. أيضاً هنالك خطة لاستحداث قسم خاص بالأطفال أقل من عمر 13 عاماً، وتخصيص عدد من الأسرّة لهم. كما أننا نطمح الى زيادة عدد أسرة أجنحة الدخول الى (140). ومن المشاريع التي نسعى لتنفيذها استحداث البوابات الإلكترونية للأجنحة. ومن المشاريع التي ستحدث نقلة نوعية في مستوى الخدمات المقدمة للنزلاء هي وضع شاشات بمحطات التمريض مربوطة بكاميرات المراقبة كي يستطيع التمريض متابعة جميع أجزاء الجناح للتأكد من سلامة النزلاء على مدار الساعة. ونظراً للحاجة لتسهيل وسرعة تقديم عملية الغسل الكلوي للنزلاء المحتاجين لهذه الخدمة فإنه يتم حالياً البحث في إنشاء وحدة غسل كلوي.

• في ظل التطورات والتقدم التكنولوجي كيف تصف نظرة المجتمع للطب النفسي هل تغيرت أم ما زالت هي النظرة؟

•• سرعة التطورات التكنولوجية اضطرتنا لمواكبتها واستحداث الأساليب المناسبة لكل تقنية وهي بالتالي سهّلت لنا الوصول لجميع شرائح المجتمع وسهّلت وصول المعلومة بطرق مختلفة وبالتالي ساعدت في زيادة الوعي لدى المواطنين بأهمية الخدمات التي يقدمها المجمع وتوضيح فكرة أن المرض النفسي لا يختلف عن المرض العضوي، فأصبح هناك إقبال على طلب المساعدة الطبية والاستشارات النفسية.

مقهى بالمجان للنزلاء

• هل سنقف على تغيير في الخدمات يتناسب مع تغيير المسمى أم ستبقى الأحوال على ما كانت عليه؟

•• المجمع يقدم الخدمات في الطب النفسي وعلاج الإدمان، ويسعى منسوبو المجمع إلى تطوير الخدمات تماشياً مع توجيهات وزارة الصحة. وفي ما يخص المستفيدين من خارج المجمع، تم استحداث مركز اتصال يهتم بالتواصل مع المرضى الذين لم يتمكنوا من الحضور في مواعيدهم ومنحهم موعداً جديداً كي لا يضطروا للحضور للمجمع من أجل الحصول على موعد، ويتم بعد جمع البيانات إجراء دراسة لمعرفة أكثر الأسباب التي تمنع المرضى من الحضور، وإثر ذلك تتم معالجة أسباب الخلل. واستحدثنا أخيرا

عيادة للفئة العمرية من 13-17 سنة التي لم تكن ضمن مجال الخدمة وهذه الفئة لا يمكن استقبالها في مستشفيات الأطفال ولا مستشفيات الصحة النفسية فكان لزاماً علينا احتواؤها خصوصاً أنها مرحلة انتقالية تحتاج الرعاية النفسية المتزايدة بسبب تسارع المتغيرات الحياتية المسببة للضغوط النفسية.

أما في ما يتعلق بالمرضى المنومين في المجمع، فتم استحداث معامل للتأهيل مثل معمل الحاسب الآلي ومعمل للخياطة وصالون تجميل للنساء (كوافير وبدكير ومنكير) واستحداث مقهى يقدم منتجاته بالمجان للموظفين والنزلاء الذين يرغبون بالذهاب له مع أحد أصدقائهم من نفس الجناح. وفعلنا ذلك على سبيل الترفيه ومحاكات البيئة خارج المجمع. إلى جانب استحداث مركز للأبحاث الطبية، ونشر خلال الأعوام السابقة ٢٥ بحثاً تتعلق بالأمراض النفسية بعضها نشر في مجلات علمية عالمية.

مرضى المدن والمناطق

• المجمع يعاني من تكدس النزلاء والنزيلات.. ألا يتسبب ذلك في ضغط على الخدمة؟

•• المجمع كان هو المستشفى الوحيد على مستوى السعودية، الأمر الذي أدى إلى شغل كامل طاقته الاستيعابية في ما يتعلق بأجنحة التأهيل (المزمنين)، وقد حدث توسع في تقديم الخدمات النفسية في مناطق كثيرة وتم التنسيق مع وزارة الصحة ومستشفيات الصحة النفسية بالمناطق لنقل المرضى الى مناطقهم، وهذا ما قلل من حجم الضغط على أجنحة التأهيل بالمجمع. أما في ما يخص أجنحة الدخول، فالطاقة الاستيعابية الحالية ٧٠ سريراً تمت زيادتها الى ١٠٥ أسرة، وستتم زيادتها مستقبلاً إلى ١٤٠ سريراً بعد إتمام بعض أعمال الترميم بالمجمع. أما في ما يتعلق باستقبال المرضى من مدن ومحافظات أخرى فنحن في وزارة الصحة نعمل كمنظومة واحدة ولا نستطيع أن نتوانى عن المشاركة في تقديم الدعم لمستشفيات الصحة النفسية بمختلف مناطق المملكة ولعلمنا المسبق بمحدودية السعة السريرية لديهم.

• ما الخدمات العلاجية التي يقدمها مجمع «إرادة» غير مجال الأمراض النفسية، والإدمان؟

•• يقدم الخدمات الطبية الأخرى مثل الخدمة النفسية والاجتماعية وتخطيط المخ والطب الاتصالي، كما توجد خدمات أُخرى يتم تقديمها للمرضى المنومين فقط مثل التأهيل الطبي، عيادة الأسنان، الباطنة، العلاج الطبيعي، مكافحة التدخين، الأشعة، المختبر، الصيدلية وخدمة الاستشارات الدوائية، الرعاية المنزلية، التغذية والتثقيف الإكلينيكي.. ويقوم قسم الإعلام والتوعية الصحية بعمل مدروس ومتكامل لنشر الوعي بين فئات المجتمع المختلفة.

فحص اكتئاب ما بعد الولادة

• يقدم المجمع برامج وقائية وتأهيلية للمرضى والمراجعين.. ما مدى الالتزام بالخطط؟

•• خلال السنوات السابقة أدى انتقال المواطنين من القرى للمدن إلى زيادة أعداد المرضى فكان لزاماً وضع الآليات التي تربطنا بالمجتمع لإيصال البرامج التوعوية التي بدورها تزيد من مستوى الوعي وتكسبهم وقاية ضد زيادة المخاطر التي تترتب على الإصابة بالأمراض النفسية، ومثال على ذلك مبادرة فحص اكتئاب ما بعد الولادة ومبادرة الكشف النفسي ما قبل الزواج الاختياري والكثير من المبادرات الأخرى التي تستهدف الجانب التوعوي والوقائي. أما في ما يتعلق بالمرضى خارج المجمع، فإضافة الى عمل قسم الرعاية المنزلية المخصص لمتابعة كبار السن والمقعدين في منازلهم، يتم منح المواعيد لمرضى العيادات للحضور في مواعيدهم وتتم متابعة المتغيب عن الحضور منهم من خلال مركز الاتصال.

• العيادات الخارجية.. ما طاقتها؟ كم عددها؟ وما السعة السريرية للمجمع؟

•• تستقبل العيادات نحو 200 موعد للرجال والنساء من خلال 6 عيادات نفسية للرجال و5 عيادات نفسية للنساء وكذلك العيادة الافتراضية. أيضاً تم تخصيص يوم الثلاثاء من كل أسبوع لاستقبال مراجعي عيادة الإدمان. كما توجد هناك عيادة التغذية العلاجية وعيادة للاستشارات الدوائية وعيادة للتثقيف الأكلينيكي والخدمة النفسية والخدمة الاجتماعية والتغذية العلاجية، وتبلغ السعة السريرية للمجمع 670 سريراً.

• كم نسبة من يتعالجون داخل المجمع كنزلاء ونسبة من يتلقون العلاج وهم خارج المجمع؟

•• عدد المنومين بالمجمع تقريباً ٤٧٠ مريضاً (٣٦٠ رجلاً، و١١٠ نساء). كما يبلغ عدد المرضي الذين تتم متابعتهم في منازلهم بواسطة كادر طبي كامل من قسم الرعاية المنزلية بالمجمع ما يفوق ٥٠٠ مريض. ويبلغ عدد مراجعي العيادات ما يربو على ٢٠٠ مريض يومياً، حيث إن العدد الإجمالي للملفات النشطة بالمجمع أكثر من 70 ألف ملف نشط. ويقوم الكادر الطبي بالمجمع بالتعاون مع دار الرعاية الاجتماعية والتأهيل الشامل والسجن العام بمعاينة المرضى بشكل أسبوعي، كما تتم تغطية المستشفيات الطرفية بشكل دوري.

• حدثنا عن وحدة الطب الشرعي؟

•• يوجد قسم خاص لمناظرة المرضى المُحالين من الجهات القضائية ويتم إيداعهم من أجل ملاحظتهم في قسم الحماية المشددة تحت مسؤولية وحدة سجون المستشفيات وإشراف أطباء اللجنة النفسية الجنائية ليتم بعد انتهاء فترة الملاحظة الوصول الى التشخيص النهائي وتحديد المسؤولية الجنائية وإصدار تقرير بذلك.

• ماذا عن القسم الخاص بعلاج الأطفال؟

•• بالنسبة للفئة العمرية تحت عمر 13 سنة تتم مناظرتهم في مستشفى الأطفال بواسطة استشاري نفسي. أما الفئة العمرية من (13-17) سنة فقد تم أخيرا استحداث عيادة خاصة بهم كل يوم ثلاثاء.

المجمع علاجي.. لا دار إيواء

• هل للمستشفى آلية للتعامل مع المرضى الذين يتواجدون في الشوارع وماذا عن المرضى القدامى بالمجمع وكم تمتد فترة أقدم نزيل؟

•• بالنسبة للمرضى المشردين هم هاجس كبير لدى إدارة المجمع، إذ إن معظمهم مرضى ولهم ملفات بالمجمع ولكن بعد استقرار حالتهم وخروجهم من المجمع يرفضهم ذووهم مما يتسبب في تشردهم. والمجمع لا يعتبر دار إيواء وإنما مرفق علاجي

فلا يمكن إبقاؤهم بالمجمع إلا في حال أنه تبين أنهم يشكلون خطرا على المجتمع فيتم علاجهم حتى تستقر حالتهم ومن ثم يتم تسليمهم لمن قام بإحضارهم سواء كان أحد ذويهم أو بواسطة أقسام الشرطة.

أما بالنسبة للمرضى القدامى فبعضهم تمتد إقامته الى أكثر من ٤٠ سنة، وذلك لعدة أسباب منها اجتماعية، ومن أبرزها عدم تعاون ذوي المرضى في استلام مرضاهم، علماً بأن عدداً كبيراً منهم يستطيعون الحياة خارج أسوار المجمع بمساعدة ذويهم.

مريض جنائي.. كيف يتم التعامل معه ؟

عن الحالات التي يتم نقلها للمجمع عن طريق قسم الشرطة والتعامل معها، أوضح الدكتور المالكي أنه في حال عدم وجود قضية جنائية، يتم التعامل معها كمريض عادي وتقديم الخدمة الطبية اللازمة، وفي حال احتياجه للتنويم يتم ذلك، وعند استقرار حالته تتم إعادته لقسم الشرطة أو تسليمه لذويه بناء على طلب الشرطة. وفي حالة وجود قضية جنائية يتم التعامل مع الحالة حسب المطلوب بخطاب الجهة المرسلة، فإذا كان المطلوب تحديد المسؤولية الجنائية يتم تحويلها الى اللجنة الشرعية وأما إذا كان المطلوب الكشف والعلاج فيتم التعامل مع الحالة بالطوارئ.

آليات الشكاوى

وعن آلية تلقي الشكاوى، قال إن في المجمع إدارة مختصة لاستقبال الشكاوى تسمى إدارة (تجربة المريض) وهي الإدارة المسؤولة عن استقبال شكاوى المراجعين سواءً المقدمة منهم مباشرةً أو عن طريق مركز الاتصال الموحد (937)، ويتم إقفال البلاغات في حينه، علماً بأن المجمع حصل على المركز الأول على مستوى المملكة في نسبة الرضا لدى المرضى.