-A +A
إياد عبدالحي
«احتفظ برأيك لنفسك»

* عبارة عادة ما يتم استخدامها لكبح جماح (الملاقيف) أو قمع الآراء غير المستساغة فتختلف نبرتها ما بين استعلاء وعِداء ولا تأتي بهمس النُصح (الصادق) إلا نادراً وحينها تختلف صياغتها، إلا أن مضمونها يبقى هو هو.


* «احتفظ برأيك لنفسك».. لها الكثير من المرادفات كـ«خلّيك في حالك».. «نقِّطنا بـ سكاتك».. وما أقساها حين تأتي على صيغة الاستفهام المُخجل جداً: «أحَد طلب رأيك»..؟

* حسناً..

* هل جرّبتَ يومًا أن تقولها لنفسك..؟

* بالطبع..

* فمِن غير الممكن أنك لم تُمانع نفسك إدلاءَها برأيٍ طوال حياتك..

* أحياناً بدافع: (مو شغلي).. وأحياناً بمُبرر: (في ستين داهية).. وأحياناً بتمتمة: (خليني ساكت أحسن).. وأحياناً بتعليل: (مو وقته).. وأحياناً بمنطق: (شي ما أفهم فيه).. و.. و... و....

* فتصمت مرةً وتبتلع رأيك، ولا تقاوم في أخرى فتقول كل ما عندك.. فتشعر بالرضا مراراً، وتندم تكراراً.. وهكذا يستمر بك الحال ما بين مشاركةٍ بالرأي وامتناعٍ عن إبدائه مالكاً حق تصديره رافضاً مصادرته.

* كلنا هذا الشخص.. نعم.. بالإمكان تعميم قاعدة (الاحتفاظ بالرأي) على الجميع ولكن كما تعلمون لكل قاعدة شواذ..

* فثمة أشخاص من غير الممكن أن يحتفظوا بآرائهم لأنفسهم..! بقدرة مذهلة على تشكيل الرأي عن أي أمر.. وثقة مُبهرة بإطلاقه..!

* يحدث هذا باستمرار حتى في ما لا يعنيهم، وما لا يخصّهم، وليس من دائرة معارفهم، والبعيد كل البُعد عن أفلاكهم، وفي كل مشارب الدنيا ومآربها ومشارقها ومغاربها.. سياسة، اقتصاد، قانون، موسيقى، كرة قدم، طب، مسائل شرعية، طبخ، سينما، ظواهر كونية، بل وحتى في علم ما وراء الطبيعة..!

* عقل يتفتّق بالآراء، مفتول ومفلوت اللسان، تراه حول كل طاولة نقاش غير قادر على مقاومة الإدلاء برأي حتى وإن كان أعوجاً أو أخرقاً أو أفلجاً أو أحمقاً وغالباً لا يخرج وصفُهُ عن ما سبق..!!!