الكسرة من الالوان الشعبية الشهيرة في منطقة الحجاز ويرى الدكتور عبد الله المعيقل أن التسمية تعود إلى إنكسار الصوت فيقول: «واسم الكسرة مأخوذ من طريقة تنغيم الصوت أو انكسار الصوت الذي تغني به في ألحان الرديح». ويرى آخرون أن الاسم مأخوذ من تكسر الموج عند ارتطامه بالصخور ، ويرى غيرهم أنها سميت كذلك لأنها تكسر حواجز البوح أو الكتمان عند تفجر المعاناة المكبوتة للتعبير عن القلوب الجريحة الكسيرة ، ومنهم من يقول سميت كسرة لأنها كسرت قاعدة القصيدة من الطول إلى الإيجاز. ويقول الباحث عبدالرحيم الاحمدي: إن تكسر الأنغام والألحان من طبيعة الغناء وليس وحدها ، وإن الكسرة تولد شعراً ويتناقلها الناس وقد يتغنى بها أو لا يتغنى بها ، وتظل كسرة ، والأصل في الكسرة الشعر ، أما تنغيم الصوت أو انكساره في الرديح ، فإن تنغيم الكسرة منقول إلى ساحة الرديح مصاحباً للكسرة ، وتكسر الأنغام يحدث حينما تغنى الكسرة في الرديح أو في أي مكان آخر ، وانكسار اللحن في الرديح يعني انتهاء حوار ولحن ، تمهيداً لبدء حوار آخر وبلحن آخر. واضاف الاحمدي :أما القلوب الكسيرة فإن الشعر بعامة للقلـوب الكسيرة دور في انبعاثه ، ولـه تأثير عليها وليست الكسرة وحدها الشعر الذي له هذه الميزات. وفي المجالس والملتقيات يأتون بجديد الكسرات ، ويشدون إليه الأنظار ، بأن كسرة وردت وانتشرت فأين الشعراء لتكسيرها أي تفسيرها وتحليلها ؟ وهذا ما دعا بعضهم لتسميتها فسرة ، ورد التسمية إلى التكسير.
وعلى أية حال فإن المجال متسع للبحث ، ورحب للطرح ، وإذا لم نكتف برد التسمية إلى النزر القليل كما جاء في تاج العروس ، فإن كل الأسباب المثارة يمكن الأخذ بها للدلالة على كل كسرة بعينها ، فما كان منها تساؤلاً أو استفساراً كان العامل فيه التكسير ، وما كان مقطعاً من حوار كان العامل فيه الجزئية والجزئية تكسير وما كان مثيراً للألم والعواطف رددناه إلى تكسير الجوانح والخواطر ، ولكن الدلالة الشاملة تتمثل في الجزئية والنزر القليل ويليها التكسير للتحليل والتفسير ، وتكسر الألحان يتصل بغناء الكسرة لا بالكسرة شعراً.
والنشأة والمنشأ والتسمية والموطن إنما هي من هموم الباحثين والمؤرخين وما يعني المبدع والمتلقي إنما هو الإبداع بذاته ، فلم يشغل الناس أنفسهم بهذه الأمور التي سيكون الزمن كفيلاً بجلائها ، وبالمناسبة فإن المجتمع الحضري في مكة وجدة وربما المدينة المنورة ، وبخاصة المجتمع النسائي فإنهم يسمون الكسرة «فرعى» وجمعها «فراعن» ، ولقد اجتهدت في كتابي «ألف كسرة وكسرة» ونسبت الفرعى إلى منطقة الفرع ، ثم تبين لي فيما بعد أن أهل الطائف يسمون الكسرة فرعى ، بل وضعها الأديب محمد سعيد كمال ـ رحمه الله ـ تحت لحن «الفن» ، والفرع جزء من شيء ، وجزء من الشجرة ، ومثله «الفن» أو « الفنن» ، وهذه دلالة على جزئية الكسرة ، ومما أورد «كمال» تحت مسمى لحن الفن قول الشاعر محمد القاضي وهو على وزن الكسرة:
ياذا الحمامة عليك النوح
وانا علي التفانيِن
ما دامي اكتب بطلح اللوح
فاسجع بلون من التيِن
واوضح الاحمدي ان منشأ الكسرة لم يحسم بعد ، لا سيما أنها شعر يحاكي المثنيات الشعرية في الشعر العربي من حيث عدد الأبيات والمضمون الفكري ، وأن لها نظائر في الشعر الدارج من ذي البيتين تماثلها في الوزن والقافية وعدد الأبيات.
وقال إن موطن الكسرة على امتداد الساحل الشرقي للبحر الأحمر وما جاوره من أودية ومدن وقرى ، وقد تجاوزت الكسرة اليوم هذا المدى إلى مناطق أخرى قريبة منه وبعيدة ، وأجد أن منطقة ما بين المدينة المنورة والبحر الأحمر أكثر المناطق احتفاء بالكسرة واهتماماً بها.
انتشرت على امتداد الساحل الشرقي للبحر الأحمر
الكسرة تثير الاختلاف بين الباحثين
6 يوليو 2007 - 22:07
|
آخر تحديث 6 يوليو 2007 - 22:07
تابع قناة عكاظ على الواتساب
عكاظ (جدة)