أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/351.jpg&w=220&q=100&f=webp

حسين شبكشي

كيف سيطوّر الذكاء الاصطناعي القطاع الصحي..؟!

وأخيراً سيُحدث الذكاء الاصطناعي (AI) ثورة جذرية في القطاع الصحي من خلال تحسين الكفاءة، وزيادة دقة التشخيص، وتطوير خطط علاج مخصصة، وتقليل الأعباء الإدارية على الأطباء. ويمكن تلخيص تطوير الذكاء الاصطناعي للقطاع الصحي في مجالات رئيسية عدة:

في مجال التشخيص والعلاج الدقيق

سيعمل الذكاء الاصطناعي على تسريع ودقة عملية التشخيص والعلاج بشكل كبير وذلك بالأساليب المعتمدة، وأهمها:

تحليل الصور الطبية، فيمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي أن تفحص كميات هائلة من الصور التشخيصية (مثل الأشعة السينية، التصوير المقطعي، التصوير بالرنين المغناطيسي، والموجات فوق الصوتية) بسرعة فائقة، وبالتالي في زمن قصير جدّاً، وأيضاً تحديد الأنماط والشذوذات التي قد تتغاضى عنها العين البشرية، مثل العلامات المبكرة للسرطان واعتلال الشبكية المصابة بمرض السكري.

وهناك التشخيص المبكر والتنبؤ وذلك من خلال تحليل البيانات الضخمة للسجلات الصحية للمرضى والبيانات الجينية، يستطيع الذكاء الاصطناعي التنبؤ بخطر إصابة الأفراد بأمراض معينة (مثل أمراض القلب أو السرطان) قبل ظهور الأعراض، مما يتيح التدخلات الوقائية المستهدفة وتحسين فرص العلاج.

كذلك هناك أيضاً العلاج المخصص (الطب الشخصي) سيساعد الذكاء الاصطناعي في تحليل التركيب الجيني والتاريخ الطبي للمريض لتصميم خطط علاجية وجرعات دوائية مصمّمة خصيصاً له، مما يزيد من فعالية العلاج ويقلل الآثار الجانبية.

بالإضافة لما سبق ذكره هناك أيضاً أنظمة دعم القرار السريري: سيزود الذكاء الاصطناعي الأطباء بمعارف قائمة على البيانات وتوصيات علاجية مستنيرة، مما يمكّنهم من اتخاذ قرارات دقيقة وسريعة بشأن رعاية المرضى الفردية.

ولا يمكن إغفال نقطة اكتشاف الأدوية والتجارب السريرية، التي يقلل الذكاء الاصطناعي الوقت والتكلفة اللازمين لتطوير الأدوية الجديدة.

تسريع الاكتشاف سيمكّن الذكاء الاصطناعي من فحص واختبار ملايين الجزيئات والتركيبات الدوائية المحتملة في وقت قصير، وتحديد المرشحات الواعدة التي تتفاعل إيجابياً مع المرض المستهدف. وهنا سيكون توفير عظيم لعنصرَي الوقت والمال.

وطبعاً هناك عامل آخر لا يقل أهمية هو تحسين التجارب السريرية، فهو سيساعد في اختيار المرضى المناسبين للتجارب السريرية وإدارة وتحليل بياناتها بفعالية وكفاءة أكبر، مما يسرّع من عملية طرح الأدوية في السوق.

الجراحة الروبوتية والرعاية

يعزز الذكاء الاصطناعي من قدرات الجراحين ويوفر رعاية أفضل للمرضى:

الروبوتات الجراحية التي من المنتظر أن تطوّر آفاق الجراحة إلى مستويات هائلة غير مسبوقة ستُستخدم الروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي في الجراحة الدقيقة، مما يوفّر دقة متناهية ويقلل من نسبة الأخطاء البشرية ويسرّع من تعافي المرضى.

الرعاية عن بُعد والمراقبة التي ستعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي على مراقبة العلامات الحيوية للمرضى (خاصة المصابين بأمراض مزمنة) عن بُعد وإرسال تنبيهات فورية للأطباء عند اكتشاف أي تغييرات مقلقة، مما يعزّز المتابعة المستمرة.

الكفاءة الإدارية وتحسين سير العمل:

سيُساهم الذكاء الاصطناعي في تحرير وقت الأطباء والموظفين الإداريين بشكل عام، وذلك بتطبيق بعض الوسائل من ضمنها أتمتة المهام، التي ستعمل على أتمتة المهام الإدارية المتكررة مثل إدخال البيانات في السجلات الطبية الإلكترونية، ومعالجة المطالبات المالية، وإدارة الموارد البشرية وسلاسل الإمداد.

وكذلك تحليل البيانات الصحية، الذي سيساعد في ربط وتحليل كميات هائلة من البيانات الصحية المتباينة، مما يحسّن من إدارة السجلات الطبية ويسهّل جمع المعلومات ومشاركتها بشكل آمن.

الذكاء الاصطناعي يعد بالكثير من التطوير الإيجابي في القطاع الصحي وهو خبر لطالما طال انتظاره.

00:07 | 1-12-2025

المكاسب الاقتصادية للسعودية من زيارة الأمير محمد بن سلمان..

نالت زيارة الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة الأمريكية نصيباً استثنائياً، يليق بأهمية الحدث، من التغطية الإعلامية والتحليل السياسي، ونال الملف الاقتصادي نصيباً مميّزاً من الاهتمام، وكان من الطبيعي استحضار مشهد أول لقاء جمع ملكاً سعودياً الملك عبدالعزيز مع رئيس أمريكي فرانكلين روزفلت، الذي كان منذ 80 عاماً، وأسّس للعلاقة الاستراتيجية بين البلدين، وعرفت وقتها في كواليس السياسية بأنها علاقة النفط مقابل الأمن، اليوم العلاقة بين البلدين تأخذ شكلاً متطوّراً فيه لغة المصالح والفرص الاستثمارية.

تعتبر زيارة الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة محورية، وقد أسفرت عن مكاسب اقتصادية مهمة للمملكة العربية السعودية، تتركز بشكل أساسي على تنويع الاقتصاد، جذب التقنيات المتقدّمة، وزيادة الشراكات الاستثمارية.

أبرز هذه المكاسب والنتائج الاقتصادية:

من المفيد مراجعة أهم المكاسب الاقتصادية للسعودية.

رفع سقف الاستثمارات السعودية في أمريكا:

تعهّدت السعودية برفع خطط استثماراتها في الولايات المتحدة إلى تريليون دولار، بعد أن كانت تعتزم استثمار نحو 600 مليار دولار سابقاً.

تُعد أمريكا وجهة رئيسية لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، حيث تستحوذ على نسبة عالية من استثماراته العالمية (نحو 40%)، مما يعكس الثقة في قدرة الاقتصاد الأمريكي على الابتكار.

شراكات في قطاعات المستقبل والتقنية:

الذكاء الاصطناعي (AI): توقيع مذكرة تفاهم في هذا المجال، مما يمنح الرياض إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية المتقدّمة، ويُعد أساساً لمرحلة جديدة من الأمن الاقتصادي الشامل. وشمل ذلك شراكات مع شركات رائدة مثل إنفيديا (NVIDIA).

المعادن الحرجة والأرضية النادرة: توقيع إطار عمل لتوسيع التعاون في هذا القطاع، بهدف تنويع سلاسل التوريد وتعزيز المرونة. ومن ضمنها تأسيس مصفاة للمعادن الأرضية النادرة في السعودية بالتعاون مع شركة أمريكية وشركة معادن السعودية.

تعزيز التعاون في قطاع الطاقة:

الطاقة النووية المدنية: تم اكتمال المفاوضات بشأن اتفاق تعاون نووي، يمهّد لشراكة تمتد لعقود. ويهدف إلى إنشاء محطة طاقة نووية مدنية بتقنية أمريكية، والحد من الاعتماد على النفط في توليد الكهرباء، مما يزيد من إتاحة النفط للتصدير.

استثمارات أرامكو: أعلنت شركة أرامكو السعودية توقيع 17 مذكرة تفاهم واتفاقية جديدة مع شركات أمريكية كبرى بقيمة محتملة تزيد على 30 مليار دولار، مع التوسع نحو الغاز الطبيعي المسال والخدمات المتقدّمة.

الاستثمار وتوفير فرص العمل:

أكد ولي العهد أن هذه الاتفاقيات والمشاريع الاستثمارية الجديدة في قطاعات مثل الدفاع والطاقة والذكاء الاصطناعي والمعادن النادرة والقطاع المالي ستسهم في توطين وتوفير فرص وظيفية كثيرة في كلا البلدين، وتدعم النمو الاقتصادي في السعودية.

تعزيز الربط بين المنظومة الاستثمارية السعودية والجهات التمويلية الأمريكية لتسهيل تدفق الاستثمار وتمويل المشاريع.

صفقات تجارية واستثمارية ضخمة:

تم التوقيع على اتفاقيات لمشروعات استثمارية جديدة في قطاعات مختلفة بقيمة إجمالية ضخمة (تشير بعض المصادر إلى صفقات تجاوزت قيمتها الإجمالية 270 مليار دولار.

تم الاتفاق على الاعتراف المتبادل بالمواصفات الفيدرالية الأمريكية لسلامة المركبات في السوق السعودية، مما يسهل التجارة في هذا القطاع.

زيارة الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة الأمريكية زيارة تاريخية بالمعنى الدقيق للكلمة، وفيها نقلة كبيرة للعلاقات بين البلدين.

00:07 | 24-11-2025

الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة بشاير نفطية!

من المرجّح أن يؤدي الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة إلى زيادة غير مباشرة في استهلاك النفط، وذلك لأسباب تتعلق بزيادة الطلب الكلي على الكهرباء. فهناك علاقة بين التكنولوجيا والطاقة، الذكاء الاصطناعي (خاصةً النماذج التوليدية) وتعدين العملات المشفرة (مثل البيتكوين) هما عمليتان تستهلكان كميات هائلة من الكهرباء لتشغيل كل من:

مراكز البيانات الضخمة التي تدعم عمليات الذكاء الاصطناعي وتخزين البيانات.

أجهزة التعدين المتخصصة والمكثفة حاسوبياً للعملات المشفرة.

وتأتي هذه الزيادة في الطلب على الكهرباء بالتبعية من مصادر توليد الطاقة الحالية، التي لا يزال جزء كبير منها يعتمد على الوقود الأحفوري (مثل الفحم، الغاز الطبيعي، والنفط).

ولكن كيف يؤثر هذا على النفط؟

على الرغم من أن النفط ليس المصدر الرئيسي لتوليد الكهرباء عالمياً (الغاز الطبيعي والفحم يتصدّران عادةً)، إلا أن الزيادة في الطلب على الكهرباء تؤثر على استهلاك النفط من جوانب عدة:

توليد الكهرباء الاحتياطي: في بعض المناطق أو في أوقات الذروة، قد يتم استخدام محطات توليد تعمل بالنفط الثقيل أو الديزل لتلبية الزيادة المفاجئة والكبيرة في طلب شبكات الكهرباء، التي يُساهم فيها بشكل متزايد تشغيل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.

وهناك دعم البنية التحتية: النفط ومنتجاته (مثل الديزل) تُستخدم في تشغيل مولدات الطوارئ والتبريد في مراكز البيانات، وكذلك في نقل وبناء وتصنيع المكوّنات اللازمة لإنشاء هذه المراكز وأجهزة التعدين (مثل الرقائق والخوادم).

الطلب المتزايد على الطاقة بشكل عام، الذي تسببه هذه التقنيات، يشجع على استمرار الاعتماد على جميع مصادر الطاقة الرخيصة والمتاحة، ومن ضمنها النفط.

قدّرت وكالة الطاقة الدولية أن قطاعي الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة استهلكا حوالى 460 تيراواط ساعة من الكهرباء في عام 2022، وهو ما يعادل حوالى 2% من الإنتاج العالمي الإجمالي للكهرباء، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم بشكل كبير.

تجدر الإشارة إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يُستخدم أيضاً في تحسين كفاءة عمليات استكشاف وإنتاج وتوزيع النفط والغاز، مما قد يؤدي نظرياً إلى تقليل الهدر وتحسين الكفاءة التشغيلية في القطاع نفسه. ومع ذلك، فإن الزيادة الكبيرة في استهلاك الطاقة لتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي نفسها غالباً ما تطغى على هذه التوفيرات.

انتشار استخدام الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة كما هو متوقع ومنتظر سيكون له الأثر الإيجابي المتوقع على استهلاك النفط للدول المنتجة.

00:04 | 17-11-2025

«الاقتصاد العالمي الجديد والنظام العالمي الجديد!»

يشهد العالم تحوّلات عميقة ترسم ملامح الاقتصاد الجديد والنظام العالمي الجديد، وتتداخل فيهما العوامل الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية. والسؤال عن ملامح النظام العالمي الجديد (السياسي والاقتصادي) يبدو منطقياً..

يتجه النظام العالمي نحو مزيد من تعددية الأقطاب بدلاً من الهيمنة الأحادية، وتبرز فيه الملامح التالية:

تعدد الأقطاب وصعود القوى:

تحدي الهيمنة: تزايد دور قوى اقتصادية وسياسية صاعدة مثل مجموعة بريكس (BRICS) التي تسعى لتكوين محور اقتصادي يوازن مجموعة السبع (G7).

التنافس الدولي: احتدام التنافس الجيو-اقتصادي، خاصة بين الولايات المتحدة والصين.

إعادة تشكيل النظام المالي:

تراجع هيمنة الدولار: تزايد الدعوات والتوجهات نحو تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي في التجارة والاحتياطيات الدولية، والاتجاه نحو استخدام العملات المحلية أو إنشاء عملات جديدة للتكتلات الاقتصادية.

التوترات التجارية وسلاسل التوريد:

زيادة الحمائية وعدم اليقين: ارتفاع التوترات التجارية والشكوك بشأن السياسات المستقبلية.

إعادة هيكلة سلاسل التوريد: الانتقال من سلاسل التوريد العالمية المعقدة والهشة إلى سلاسل أكثر مرونة وقرباً (Nearshoring / Friend-shoring) لضمان أمن الإمدادات.

التهديدات العالمية المشتركة:

التغيّر المناخي: تزايد تأثير التغيّر المناخي على التوجهات الاقتصادية والتنموية للدول.

ارتفاع الدَّين العالمي: تداعيات الديون على خيارات التمويل المستقبلية والنمو.

ملامح الاقتصاد الجديد (الاقتصاد الرقمي).

يُعرف الاقتصاد الجديد في جوهره بأنه الاقتصاد الرقمي، وتتمثل أبرز خصائصه في:

الرقمنة والذكاء الاصطناعي (AI):

التحوّل الرقمي: دمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جميع الأنشطة الاقتصادية، مما يجعل الأعمال أكثر ديناميكية.

رأس المال البشري: التنافس على استقطاب المواهب البشرية المؤهلة القادرة على قيادة الابتكار والتطوّر.

الأتمتة والإنتاجية: زيادة الإنتاجية والكفاءة عبر أتمتة العمليات الصناعية والخدمية باستخدام الذكاء الاصطناعي والتحكم الآلي.

المعرفة كسلعة:

السلع غير الملموسة: إحلال الطاقات الذهنية والعلمية (الأفكار، التصميمات، البرامج) محل جزء من المادة الأولية. تصبح المعرفة هي المورد الأساسي.

الابتكار: يعد الابتكار محركاً رئيسياً للنمو، ويسرّع من عملية التحول الاقتصادي.

إزالة الحواجز المكانية والزمنية:

العولمة المتسارعة: تسهيل المعاملات والأنشطة الاقتصادية دون الحاجة إلى التحريك الفعلي للأفراد أو الأشياء، مما يسرّع من عولمة الأنشطة وتوحيد القوانين المنظمة لها.

التجارة الإلكترونية: تمكين منصات التجارة الإلكترونية وفتح المجال أمام الأسواق العالمية بتكاليف أقل.

الشفافية والعملات الإلكترونية:

العملات الرقمية: إمكانية إرسال واستقبال العملات الإلكترونية بشكل فوري.

الشفافية: توفير ميزة الإفصاح والحياد لجميع المعلومات الخاصة بالمعاملات الرقمية (في سياق العملات الرقمية وتقنية البلوك تشين).

إذا كنت مهتماً بجانب معين، هل تود التركيز على تأثير هذه التحوّلات على منطقة أو قطاع اقتصادي محدد؟

هذه التحوّلات في الاقتصاد والنظام العالمي الجديد لها آثار متوقعة عميقة ومتباينة على الصعيد الجيوسياسي والاقتصادي والاجتماعي. ويمكن تلخيص أبرز هذه الآثار في النقاط التالية:

الآثار الجيوسياسية والاقتصاد الكلي

تتجه القوى العالمية نحو إعادة ترتيب الأولويات، مما يخلق فرصاً وتحديات للدول:

زيادة عدم اليقين والمخاطر الجيوسياسية:

احتدام التنافس: يؤدي تعدد الأقطاب وصعود قوى مثل الصين وروسيا ومجموعة بريكس إلى زيادة حدة التنافس الجيوسياسي، ما يهدد بزيادة التقلبات في الأسواق العالمية وأسواق الطاقة.

الحمائية التجارية: قد يؤدي التوتر التجاري واستخدام سياسات الحماية (كالحرب التجارية والتعريفات الجمركية) إلى تراجع عالمي في الإنتاجية وتقويض سلاسل الإمداد، مما قد يدفع ببعض الدول نحو الركود أو تباطؤ النمو.

تغيّر في موازين القوى المالية:

تراجع هيمنة الدولار: تزايد التوجه نحو استخدام العملات المحلية في التبادل التجاري وتكوين احتياطيات بعملات غير الدولار، مما قد يقلل من النفوذ الاقتصادي للولايات المتحدة على المدى الطويل.

صعود اقتصادات الأسواق الناشئة: من المتوقع أن يظل النمو في الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية هو المحرك الأساسي للنمو العالمي، بينما قد يتباطأ نمو الاقتصادات المتقدمة.

التضخم والسياسة النقدية:

قد تواجه بعض البلدان مفاضلات أشد حدة بين السيطرة على التضخم وتحقيق الناتج المحلي، وقد تتطلب مواجهة ضغوط الأسعار الجديدة تشديداً قوياً للسياسة النقدية في تلك الدول.

الآثار على أسواق العمل والهيكل الاقتصادي

يُعيد الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي تشكيل أسواق العمل وهيكلة الأعمال:

التحوّل في سوق العمل:

فرص عمل جديدة: تظهر وظائف جديدة تتطلب مهارات متقدمة في البرمجة، والبيانات الضخمة، والأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي.

مخاطر الأتمتة: قد تؤدي الأتمتة واستخدام الذكاء الاصطناعي إلى تشريد العمالة في المهن الروتينية والمتكررة، مما يستلزم برامج شاملة لإعادة التدريب.

نماذج عمل مرنة: تزايد انتشار العمل عن بُعد والعمل المستقل (Freelancing) عبر المنصات الرقمية، مما يوفر مرونة أكبر ولكنه قد يزيد من التحديات المتعلقة بالضمان الاجتماعي والحماية العمالية.

تحسين الكفاءة والإنتاجية:

زيادة الكفاءة: يمكن للرقمنة وأتمتة العمليات أن تزيد بشكل كبير من إنتاجية المؤسسات وتُحسن دقة اتخاذ القرارات.

تجربة العميل: تحسين الخدمات، وتوفيرها على مدار الساعة، وتخصيص المنتجات والخدمات للعملاء بشكل أدق.

التحديات الاجتماعية والأمنية:

فجوة المهارات: اتساع الفجوة بين العمال ذوي المهارات الرقمية العالية والعمالة التقليدية.

أمن البيانات والخصوصية: تزايد مخاطر الجرائم الإلكترونية وانتهاك البيانات الشخصية للمواطنين والشركات نتيجة الاعتماد الكبير على التكنولوجيا.

اقتصاد جديد.. يصنع نظاماً عالمياً جديد.

00:05 | 10-11-2025

التجسيد الإداري...الفن الجديد!

إذا حضرت عشر محاضرات مكثفة تستمع فيها بتركيز وإنصات عن مهارات تعلم عزف آلة البيانو الموسيقية فإنك لن تستطيع ممارسة العزف فعلياً دون دروس عملية تشرح ذلك. لأن اليد والأصابع كما توضح لنا العلوم، بالأدلة والبراهين، لها ذاكرة عميقة تسترجع التجارب وتستحضر الأوامر الصادرة لها. وهنا نستحضر الآية الكريمة التي تقول: «يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون» وهي تؤكد لنا بشكل قطعي وجود ذاكرة لتلك الأعضاء في جسد الإنسان. وفي علم الإدارة يطلقون على علم استحضار الحواس في التجارب علم التجسيد الإداري.

التجسيد في الإدارة (al-tajseem fi al-idara) يشير إلى عملية تحويل الاستراتيجيات والأهداف إلى ممارسات وسياسات فعلية داخل المنظمة. يتضمّن التجسيد تطبيق المفاهيم والأفكار على أرض الواقع لتحقيق النتائج المرجوة.

بمعنى آخر، التجسيد في الإدارة يعني ترجمة الخطط والرؤى إلى إجراءات وعمليات يومية، مما يساهم في تحقيق الأهداف المؤسسية بشكل فعّال.

بالطبع، إليك بعض الأمثلة على التجسيد في الإدارة:

1- تطوير ثقافة الشركة: عندما تريد شركة تعزيز ثقافة الابتكار، يمكنها تجسيد ذلك من خلال تخصيص ميزانية للبحث والتطوير، وتشجيع الموظفين على تقديم أفكار جديدة، ومكافأة الابتكارات الناجحة.

2- تطبيق معايير الجودة: يمكن لمنظمة ما تجسيد التزامها بالجودة من خلال تطبيق معايير الجودة العالمية، وتدريب الموظفين على أفضل الممارسات، ومراقبة الجودة بشكل دوري.

3- تحسين تجربة العملاء: يمكن لشركة تجسيد تركيزها على العملاء من خلال تطوير قنوات اتصال متعددة، وتحليل احتياجات العملاء، وتقديم خدمات مخصصة لهم.

4- تعزيز الاستدامة: يمكن لمنظمة تجسيد التزامها بالاستدامة من خلال تقليل استهلاك الطاقة، واستخدام مواد صديقة للبيئة، وتطوير برامج لإعادة التدوير.

هذه الأمثلة تظهر كيف يمكن للمنظمات تجسيد استراتيجياتها وأهدافها من خلال إجراءات وممارسات محددة.

هناك العديد من الشركات العالمية التي تطبق التجسيد في الإدارة، ومنها:

- أبل: تعتبر أبل من الشركات الرائدة في مجال الإدارة، حيث تتميّز بقدرتها على تنظيم العمليات الداخلية للشركة بفعالية عالية.

- قوقل: تتميّز قوقل بأسلوب إداري مبتكر وبثقافة عمل تحفز على الإبداع.

- تويوتا: تبرز تويوتا واحدةً من الشركات الرائدة عالمياً في مجال الإدارة، حيث تتميّز بنهج إداري مثالي يركز على جودة المنتج والابتكار.

- أمازون: تعتبر أمازون واحدة من أكبر الشركات العالمية في مجال الإدارة، حيث تتميّز بطريقة تسويق مبتكرة وإدارة فعّالة للمخزون.

- مايكروسوفت: تحتل مايكروسوفت مكانة بارزة في مجال الإدارة العالمية، حيث تعتمد على إجراءات محددة وواضحة في إدارة عملياتها وتحقيق أهدافها.

كما تطبّق شركات أخرى مثل فيريوس وسيسكو وBouygues Construction التجسيد في الإدارة، حيث تركز على الابتكار وتحقيق الأهداف الاستراتيجية.

أهم كتاب في مجال التجسيد في الإدارة هو «فن الإدارة المفقودة» للكاتب بيتر دركر، حيث يعتبر من أفضل الكتب في مجال الإدارة ويتناول المفاهيم الأساسية للإدارة.

أهم الكتب في مجال الإدارة:

- فن الإدارة المفقودة: يتناول المفاهيم الأساسية للإدارة ويعتبر من أفضل الكتب في مجال الإدارة.

- حياة في الإدارة: يعتبر سيرة ذاتية عملية ويتناول تجربة الكاتب في مجال الإدارة.

- حقيقة القيادة: يتناول مفاهيم القيادة الفعّالة ويقدّم نصائح عملية للقادة.

- 21 قانوناً لا يُقهر في القيادة: يقدم مفاهيم القيادة الفعّالة ويتناول أهمية النمو الشخصي.

- الذكاء العاطفي للقيادة: يتناول أهمية الذكاء العاطفي في القيادة الفعّالة.

- كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس: يتناول مفاهيم العلاقات الإنسانية والتأثير الإيجابي.

أهم الكتب في مجال التجسيد الإداري:

- Materiality in Institutions: Spaces, Embodiment and...: يتناول مفاهيم التجسيد الإداري ويقدم نظريات حول الإدارة الحديثة.

- الإدارة: الأسس العلمية والتوجهات المستقبلية: يتناول مفاهيم الإدارة الحديثة ويقدّم نظريات حول التجسيد الإداري.

هذه الكتب تعتبر من أهم الكتب في مجال التجسيد الإداري وتقدم مفاهيم ونظريات حول الإدارة الحديثة والقيادة الفعّالة.

التجسيد الإداري فن جديد لتحسين كفاءة وفعالية المنظومة الإدارية، وهي مسألة تستحق الاهتمام والاحترام.

00:01 | 3-11-2025

هل انتهى عصر العولمة..؟

كانت نهاية التسعينات حقبة التبشير بولادة عصر جديد مفاده أن هناك عهداً جديداً يطلق عليه العولمة يعد بحرية التجارة الدولية وحرية انتقال الأفكار والأموال والبشر، إلا أن الواقع الجيوسياسي والجيواقتصادي اليوم يظهر العكس تماماً.

فهناك العديد من المؤشرات التي تشير إلى تراجع أو نهاية عصر العولمة بصيغتها التي سادت بعد الحرب الباردة، ويُشار إليها أحياناً باسم «تفكيك العولمة» (De-globalization) أو التحوّل إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب ومتشظٍ.

أبرز علامات نهاية عصر العولمة تشمل:

1- عودة الحمائية وتفكك سلاسل التوريد

تصاعد النزعات الحمائية: اتجاه الدول الكبرى لفرض قيود على التجارة والاستثمار الأجنبي، مثل الحروب التجارية والتعريفات الجمركية المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين.

تأمين سلاسل التوريد (Reshoring/Friend-shoring): تحوّل الشركات والحكومات من هدف «تحسين سلاسل التوريد» (لتحقيق أدنى تكلفة) إلى هدف «تأمينها» وتقليل الاعتماد على الأنظمة الاستبدادية أو الدول المنافسة جيوسياسياً.

تراجع التجارة العالمية: تباطؤ نمو التجارة العالمية ونسبة الصادرات العالمية إلى الناتج الإجمالي العالمي بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008 وجائحة كوفيد-19.

2- التوترات الجيوسياسية واستخدام الترابط الاقتصادي كسلاح

تزايد التنافس الجيوسياسي: خاصة بين الولايات المتحدة والصين وروسيا، مما أدّى إلى تقسيم الاقتصاد العالمي إلى تكتلات متنافسة وجزر متباعدة يسودها القلق والشك والخوف والغيرة.

تسليح الاقتصاد: استخدام الطاقة، أشباه الموصلات، والمواد الخام والمعادن النادرة كأدوات للقوة الجيوسياسية والضغط على الدول الأخرى (مثل العقوبات الاقتصادية والتعاريف الجمركية المبالغ فيها).

تراجع أهمية المؤسسات الدولية: ضعف دور منظمات مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة التجارة الدولية في ظل تراجع التعاون العالمي وانعدام الثقة بين الدول.

3- تنامي الشعبوية وعدم المساواة

تنامي السخط الشعبي والإحساس بالظلم وغياب العدالة: ازدياد خيبة الأمل لدى شرائح واسعة من السكان نتيجة ركود الأجور وتفاقم التفاوت في توزيع الثروة، حيث تراكمت مكاسب العولمة بشكل متزايد لصالح رأس المال المتوحش على حساب حقوق العمال.

صعود الحركات الشعبوية والقومية الاقتصادية: ظهور حركات سياسية تناهض العولمة وتدعو للتركيز على المصالح الوطنية أولاً (مثل تصويت البريكست وصعود تيار الماجا الترامبية).

كل هذه المؤشرات تشير إلى أن العولمة بصيغتها المعروفة السابقة «تحتضر»، لكن هناك عدد غير قليل من الخبراء يرون أنها قد تتخذ أشكالاً جديدة كـ «عولمات متوازية» أو نظام عالمي متشظٍ بدلاً من أن تنتهي تماماً.

00:06 | 27-10-2025

انكشاف وفضح اللوبي الإسرائيلي في أمريكا.. بول فيندلي رائداً..!

يمكن القول إن أحداث غزة الأخيرة (في عام 2023 وما تلاها) أدت إلى فضح جوانب من نفوذ اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، ليس بسبب ضعف اللوبي نفسه، بل بسبب حدة ووضوح المواقف الأمريكية الرسمية في ظل المأساة الإنسانية، مما أدّى إلى تصدعات وانقسامات غير مسبوقة في الرأي العام الأمريكي والسياسي.
تجلت عملية «الفضح» أو الكشف عن تأثير اللوبي في عدة جوانب:
1- الكشف عن قوة الضغط المالي والسياسي
الكشف عن التمويل: زادت التقارير التي تكشف عن حجم التمويل الذي يقدمه اللوبي (مثل لجان العمل السياسي التابعة لـ AIPAC وغيرها) لأعضاء الكونجرس. هذا ربط بشكل أكثر وضوحاً بين الدعم العسكري والسياسي غير المشروط لإسرائيل والأموال التي يتلقاها السياسيون.
عزل الأصوات المعارضة: سُلط الضوء على جهود اللوبي لإسقاط أو تهميش السياسيين الذين ينتقدون إسرائيل أو يطالبون بوقف إطلاق النار أو ربط المساعدات بضوابط، مما كشف عن استخدامه المكثف للقوة الانتخابية والمالية لإخماد أي معارضة داخل الكونغرس.
2- تآكل الإجماع التقليدي في الرأي العام
صدمة الصور: ساهم النقل المباشر والمكثف للصور والمقاطع من غزة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام البديل (بعيداً عن سيطرة الإعلام التقليدي) في تغيير الرأي العام، خاصة بين الشباب (جيل الألفية والجيل Z ) والناخبين الديمقراطيين.
تراجع التعاطف: أظهرت استطلاعات الرأي تراجعاً حاداً في تأييد الأمريكيين، لا سيما الليبراليين، للسياسات الإسرائيلية، وزيادة التعاطف مع الفلسطينيين. هذا يشير إلى أن الجهود الإعلامية للوبي لإبقاء صورة إسرائيل كـ «الضحية» أو «الحليف الديمقراطي الوحيد» قد بدأت تفقد فعاليتها لدى قطاعات واسعة من الجمهور.
الخلاف داخل المجتمع اليهودي: ظهرت أصوات يهودية أمريكية معارضة وناقدة للسياسات الإسرائيلية ودور اللوبي التقليدي مثل AIPAC، مما أظهر أن اللوبي لا يمثل جميع اليهود الأمريكيين، وزاد من تشتيت رسالته.
3- انقسام داخلي في الساحة السياسية
انقسام الديمقراطيين: تفكك الإجماع التقليدي الداعم لإسرائيل داخل الحزب الديمقراطي. حيث بدأت مجموعة من الأعضاء التقدّميين في الكونغرس (مثل «السكواد») بالجهر بالانتقادات، وتزايد عدد المصوّتين ضد المساعدات غير المشروطة.
انتقادات غير مسبوقة: ظهرت انتقادات علنية غير مألوفة من شخصيات بارزة في القيادة الأمريكية، مثل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، الذي انتقد علناً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ودعا إلى انتخابات إسرائيلية جديدة. كما أعرب الرئيس السابق دونالد ترامب عن اعتقاده بأن إسرائيل «تفقد السيطرة على الكونغرس» بسبب الحرب.
إظهار الصلابة في دعم الإدارة: على الرغم من الضغط الشعبي، استمرت الإدارة الأمريكية ورئيسها في تقديم الدعم العسكري والسياسي المطلق لإسرائيل، متجاوزين الكونغرس في بعض الحالات، وهو ما اعتبره النقاد دليلاً على أن نفوذ اللوبي لا يزال هائلاً على المستويات التنفيذية العليا.
باختصار، لم تتمكّن أحداث غزة من «تدمير» اللوبي، لكنها كشفت بوضوح عن:
صلابته السياسية والمالية في حماية الدعم المطلق لإسرائيل داخل أروقة الحكم (الكونغرس والبيت الأبيض).
هشاشة روايته الإعلامية وتأثيره على الرأي العام، الذي بدأ يميل نحو التعاطف مع الفلسطينيين، خاصة بين جيل الشباب.
هناك كتابان حول موضوع تأثير اللوبي الإسرائيلي (أو الصهيوني) على السياسة الأمريكية الخارجية والداخلية.
الكتابان هما:
«اللوبي الإسرائيلي والسياسة الأمريكية الخارجية» (The Israel Lobby and U.S. Foreign Policy):
المؤلفان: جون ميرشايمر وستيفن والت (John Mearsheimer and Stephen Walt)، وهما أستاذان بارزان في العلاقات الدولية.
يصف الكتاب اللوبي بأنه تحالف واسع من الأفراد والمنظمات التي تعمل بنشاط لتوجيه السياسة الأمريكية الخارجية باتجاه مؤيد لإسرائيل، ويركز على تأثيره السلبي على مصالح أمريكا (وإسرائيل نفسها في بعض الأحيان). أثار الكتاب جدلاً واسعاً عند صدوره.
وقبل ذلك كان الكتاب الأجرأ والأول «من يجرؤ على الكلام: الشعب والمؤسسات في مواجهة اللوبي الإسرائيلي» (They Dare to Speak Out: People and Institutions Confront Israel›s Lobby):
المؤلف: بول فيندلي (Paul Findley)، وهو عضو سابق في الكونجرس الأمريكي.
صدر الكتاب عام 1985، ويسلط الضوء على القوة والنفوذ الذي يتمتع به اللوبي الصهيوني وجماعات الضغط اليهودي داخل الولايات المتحدة، وكيف يؤثر على صنّاع القرار. يعرض فيندلي أمثلة على هذا التأثير، بما في ذلك تجربته الشخصية وكيف واجه اللوبي الإسرائيلي. ودفع الثمن سياسياً ورفضت معظم دور النشر طباعة الكتاب حتى تبنته دار نشر مغمورة،
كلاهما من الكتب المهمة التي تتناول موضوع اللوبي الموالي لإسرائيل في الولايات المتحدة وتحليله لدوره في تشكيل السياسة الأمريكية.
خاتمة المقال: أحداث غزة أحدثت انقساماً غير مسبوق في كتل سياسية متطرفة كانت تعرف بدعمها المطلق لإسرائيل ولكن اتضح لها أخيراً أن هذا الدعم بات غير أخلاقي ولا يمكن الدفاع عنه خصوصاً أنه على حساب مصالح الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.
00:11 | 20-10-2025

أسرار صعود الذهب!

الارتفاع الهائل لأسعار الذهب بات موضع استفسار الكثيرين خصوصاً أن الأسعار مرشحة للاستمرار في الصعود، يرتفع سعر الذهب لأسباب وعوامل رئيسية عدة، تتنوع بين الاقتصادية والجيوسياسية، ويُنظر إلى الذهب تاريخياً على أنه ملاذ آمن، مما يعني أن الطلب عليه يزداد في أوقات عدم اليقين.

أما أبرز الأسباب التي تؤدي لارتفاع أسعار الذهب فهي:

التضخم: عندما ترتفع معدلات التضخم وتفقد العملات الورقية قيمتها الشرائية، يلجأ المستثمرون إلى الذهب كونه وسيلة للحفاظ على قيمة ثرواتهم.

زيادة الطلب على الذهب كأداة تحوّط ضد التضخم تدفع سعره للارتفاع.

التوترات الجيوسياسية والأزمات الاقتصادية:

في أوقات الحروب، الصراعات السياسية، أو عدم الاستقرار الاقتصادي العالمي، يتزايد لجوء المستثمرين للذهب بوصفه أصلاً آمناً ومخزناً للقيمة، مما يزيد الطلب ويرفع السعر.

ضعف الدولار الأمريكي:

يتم تسعير الذهب عالمياً بالدولار الأمريكي. هناك علاقة عكسية بين قوة الدولار وسعر الذهب في الغالب.

عندما يضعف الدولار، يصبح الذهب أرخص لحاملي العملات الأخرى، فيزيد الطلب عليه عالمياً، مما يرفع سعره.

السياسات النقدية وأسعار الفائدة:

انخفاض أسعار الفائدة: عندما تخفّض البنوك المركزية أسعار الفائدة، يقل العائد على الأصول التي تدرّ فائدة مثل السندات والودائع المصرفية. هذا يجعل الذهب، الذي لا يدرّ عائداً ثابتاً، أكثر جاذبية مقارنة بتلك الأصول، فيرتفع الطلب عليه.

التيسير الكمي/‏ طباعة النقود: عندما تتبع البنوك المركزية سياسات نقدية تزيد من المعروض النقدي، يزداد الخوف من التضخم وضعف العملة، فيلجأ المستثمرون للذهب.

العرض والطلب في السوق:

زيادة الطلب العالمي: ارتفاع الطلب من قبل المستهلكين (للمجوهرات)، أو المستثمرين (السبائك والصناديق المتداولة في البورصة)، أو البنوك المركزية (لزيادة احتياطياتها النقدية) يؤدي إلى ارتفاع السعر.

انخفاض العرض: أي تراجع في إنتاج الذهب من المناجم نتيجة ارتفاع التكاليف أو نضوب الموارد يقلل المعروض ويدفع الأسعار للصعود.

ارتفاع أسعار الذهب ليس مجرد مؤشر مالي، بل هو ظاهرة لها آثار واسعة ومتعددة الأبعاد على الاقتصادات، المستثمرين، والمستهلكين. هذه الآثار متوقعة كنتيجة مباشرة للأسباب التي أدّت إلى ارتفاعه (مثل التضخم وعدم اليقين).

وأبرز الآثار المتوقعة لاستمرار ارتفاع أسعار الذهب هي:

أولاً: الآثار على الاقتصاد العالمي والأسواق المالية

مؤشر على انخفاض الثقة الاقتصادية:

يُعتبر ارتفاع الذهب غالباً مؤشراً على أن المستثمرين قلقون بشأن قوة العملات الورقية (خاصة الدولار) واستقرار الأسواق المالية التقليدية (مثل الأسهم والسندات)، مما يدفعهم للبحث عن الملاذات الآمنة.

تأثير على أسعار العملات:

بما أن الذهب يُسعّر بالدولار، فإن استمرار ارتفاعه غالباً ما يتزامن مع ضعف الدولار الأمريكي مقارنة بالعملات الأخرى.

هذا يمكن أن يؤثر على الميزان التجاري للدول، حيث تصبح الواردات المقوّمة بالدولار أكثر تكلفة في الدول ذات العملات الضعيفة.

تغير سلوك البنوك المركزية:

ارتفاع الذهب يشجع البنوك المركزية حول العالم على زيادة احتياطياتها من المعدن الأصفر كتحوط ضد التضخم أو ضعف الدولار، مما يزيد الطلب بشكل أكبر ويقوي الاتجاه الصعودي.

تأثير على الأسهم والسندات:

قد تكون هناك علاقة عكسية، فارتفاع الذهب قد يشير إلى أن رؤوس الأموال تخرج من أسواق الأسهم والسندات بحثاً عن الأمان، مما يضغط على هذه الأسواق.

ثانياً: الآثار على المستثمرين (الأفراد والمؤسسات)

حماية القوة الشرائية (المستفيدين):

المستثمرون الذين يمتلكون الذهب (سبائك، عملات، أو صناديق متداولة) يرون زيادة في قيمة ثرواتهم، مما يحمي مدخراتهم من التضخم وضعف العملات.

تحقيق أرباح رأسمالية (للمضاربين في سوق الأسهم):

ارتفاع السعر يتيح للمستثمرين الذين اشتروا الذهب بأسعار أقل تحقيق أرباح كبيرة عند بيعه.

ارتفاع تكلفة الفرصة البديلة (الجانب السلبي):

الذهب لا يدرّ عائداً ثابتاً (مثل الفائدة على السندات أو الأرباح على الأسهم). ارتفاع أسعاره قد يعني أن المستثمرين يفوّتون فرصاً في أصول أخرى لو كانت تدر عائداً مرتفعاً في ظل انخفاض الذهب.

ثالثاً: الآثار على المستهلكين والصناعة

تراجع الطلب على المجوهرات:

مع ارتفاع سعر الذهب الخام، ترتفع أسعار المجوهرات بشكل كبير، مما يؤدي إلى تراجع في الطلب الاستهلاكي عليها، خاصة في الأسواق الكبيرة مثل الهند والصين.

تأثير على الصناعة والتكنولوجيا:

يُستخدم الذهب في الصناعات التكنولوجية (خاصة الإلكترونيات والذكاء الاصطناعي). ارتفاع سعره يرفع تكلفة المكونات الإلكترونية والمنتجات التي يدخل في تصنيعها، مما قد يساهم في زيادة التضخم في هذه القطاعات.

زيادة جاذبية الاستثمار في التعدين:

الأسعار المرتفعة تجعل عمليات التنقيب والتعدين أكثر ربحية، مما قد يشجع الشركات على زيادة الاستثمار في استكشاف واستخراج الذهب، وهذا قد يزيد المعروض على المدى البعيد.

باختصار، الارتفاع المستمر في أسعار الذهب هو سيف ذو حدين؛ فهو ملاذ آمن وحماية للمدخرات في زمن الأزمات، ولكنه في الوقت نفسه مؤشر على بيئة اقتصادية غير مستقرة ويزيد من تكلفة السلع الاستهلاكية والمجوهرات.
00:06 | 13-10-2025

المنافسة بين معارض الكتاب في العالم العربي!

وأخيراً مع انطلاقة فعاليات معرض الرياض للكتاب يتوجّه المهتمون بشأن الكتاب والنشر إلى الرياض؛ لزيارته، إذ تحوّل مع الوقت إلى إحدى أهم الفعاليات من نوعها في العالم العربي. والجدير بالذكر أن السعودية تستضيف معارض أخرى للكتاب في جدة والمدينة المنورة والظهران. تعد معارض الكتاب في العالم العربي مواسم ثقافية مزدهرة وساحات تنافس حيويّة، حيث تسعى كل مدينة لاستقطاب أكبر عدد من الناشرين والزوّار والمفكرين، لتؤكد ريادتها الثقافية. هذه المنافسة، وإن بدت في ظاهرها تنافساً بين دول، إلا أنها تدفع في النهاية إلى إثراء المشهد الثقافي العربي وتطوير صناعة النشر.

الأقطاب الرئيسية للمنافسة

تتركز المنافسة بين معارض محورية تاريخياً وحديثاً، أبرزها:

معرض القاهرة الدولي للكتاب: يتميّز بتاريخه العريق (تأسس عام 1969) والإقبال الجماهيري الهائل الذي يصل إلى الملايين سنوياً، مما يجعله من أقدم وأكبر معارض الكتاب في المنطقة والعالم. ويُعتبر الحدث الثقافي الأهم في العالم العربي من حيث عدد الزوّار.

معرض الرياض الدولي للكتاب: تطوّر بشكل كبير ليصبح أحد أكبر وأهم المعارض في الوطن العربي، ويشهد مشاركة واسعة من دور النشر العالمية (أكثر من 2,000 دار نشر في بعض دوراته). كما يركز على دعم اقتصاد الثقافة والإبداع من خلال استقطاب الوكالات الأدبية وتوفير منطقة أعمال متخصصة.

معرض الشارقة الدولي للكتاب/‏ معرض أبوظبي الدولي للكتاب: تبرز معارض الإمارات كقوى فاعلة، حيث يُعرف معرض الشارقة عالمياً، بينما يركز معرض أبوظبي على دعم الترجمة من خلال مشاريع مثل «كلمة»، ويسعى لتوفير دعم كبير للناشرين العرب والعالميين.

أوجه المنافسة

لا تقتصر المنافسة على الحجم أو عدد الزوّار، بل تتسع لتشمل محاور عدة:

الجاذبية الاقتصادية لدور النشر: تتنافس المعارض على توفير أفضل التسهيلات والخدمات لدور النشر، لخفض تكاليف التشغيل وجذب أكبر عدد ممكن منها. كما تتباين تكلفة الطباعة والنشر بين الدول، مما يؤثر على خيارات الناشرين.

البرامج الثقافية الموازية: لم تعد المعارض مجرد أسواق لبيع الكتب، بل تحولت إلى مهرجانات ثقافية متكاملة. وتتنافس على استقطاب أبرز الأدباء والمفكرين العالميين والمحليين، وتنظيم الندوات والمناقشات الثرية والفعاليات الفنية، لتعميق الوعي الثقافي.

الدعم الرسمي والتنظيم: تلعب الهيئات الحكومية دوراً محورياً في دعم المعارض وتنظيمها، وتتجه بعض المعارض نحو تبني رؤى وطنية تهدف إلى تعزيز ريادة الدولة في صناعة النشر (مثل رؤية 2030 في السعودية)، مما يزيد من زخمها وقدرتها التنافسية.

المنافسة غير الصحية والتحديات: في بعض الأحيان، تشوب المنافسة صراعات فكرية أو سياسية تعيق التبادل الثقافي الحر (حجب أو إقصاء بعض دور النشر أو الكتب)، وهي تحديات تسعى المعارض الكبرى لتجاوزها لضمان الشمولية الثقافية.

في المحصلة، يمثّل التنافس بين معارض الكتاب العربية ظاهرة صحية تدفع بعجلة الثقافة والنشر قدماً، وتحوّل هذه الفعاليات إلى منصات رئيسية لتبادل المعرفة والاطلاع على أحدث الإصدارات العربية والعالمية.
23:51 | 5-10-2025

ألف سؤال في تصنيف الأجيال !

منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وبدايات السلام في العالم الغربي عموماً وفي الولايات المتحدة الأمريكية تحديداً لجأت شركات الدعاية والإعلان والتسويق إلى إطلاق مسمى جيل أطفال الطفرة على نتاج هذا الجيل، وهو شكّل أكبر كثافة وأهم كتلة سكانية كان لها التأثير الاستهلاكي الأهم والأعظم ساهم في تحديد وتغيير أنماط الاستهلاك في السيارات والمنازل والمواد الغذائية والملابس والموسيقى والرياضة. وأسّست هذه السابقة قاعدة جديدة في تسمية كل جيل عقب ذلك ومحاولة تشريح هوية هذا الجيل على كافة الأصعدة الممكنة سواء أكان ذلك على الصعيد الاجتماعي أو الاقتصادي أو الثقافي.

وقد مكّنت تلك التصنيفات لكل جيل متتالٍ من أن يكون لكل منها هوايتها وبالتالي خدماتها ومنتجاتها المختلفة، مما أدى إلى تعظيم المبيعات ورفع الأرباح وزيادة التأثير. وعلى الصعيد المحلي كانت هناك أشكال مختلفة، ولكنها جديرة بالاهتمام والتمعن في تصنيف الأجيال، وإن كان هذا التصنيف مبنياً بشكل أساسي على قدر غير بسيط من العاطفة والشجن والحنين. ولعل أبرز تلك التصنيفات المستخدمة هو تصنيف جيل الطيبين الذي يميل إلى الحنين إلى «الماضي الجميل» و«الزمن الجميل»، واعتبار أن كل ما مضى كان أفضل وأجمل وأصدق. وهي ثقافة قديمة متجذرة وشديدة التأثير والفعالية.

وهناك تصنيف آخر عادة ما يتسلل في مقارنات اقتصادية واجتماعية متنوعة ومختلفة ويطلق عليه «جيل الطفرة»، والمعني فيها الجيل الذي حضر وشهد أولى طفرات النفط الاقتصادية التي شكّلت ثروات للناس بشكل مفاجئ وقياسي وكان لها الأثر الكبير على حياة الناس، وكان ذلك في بدايات فترة السبعينات الميلادية من القرن الماضي.

وبعدها جاء تصنيف صريح آخر هو جيل الألفية، الذي يشمل جيلاً جديداً له علاقة بالعولمة والفضائيات التلفزيونية وعالم الإنترنت اللا محدود. وهو جيل عابر للحدود يتأثر بالثقافات العالمية وذائقته حساسة جداً لما هو سائد في أرجاء المعمورة في مجالات الموضة في الملابس والموسيقى والأفلام والرياضة والطعام ووجهات السفر والسيارات والكتب. وهو جيل شكّل إلى حد كبير كتلة واحدة من ناحية الشكل والتأثير.

والآن هناك تصنيف جديد وهو جيل زي، أو حرف Z باللغة الإنجليزية، وهو جيل شديد التأثير على الصعيد الاستهلاكي، وهو نتاج عالم وسائل التواصل الاجتماعي بامتياز، يتبع سياسة القطيع في قراراته ورأيه مستمد من مجموعة من المشاهير يطلق عليهم وصف المؤثرين ويتبعهم على مواقع التواصل الاجتماعي مئات الآلاف من الناس بمختلف الميول والأهواء ويأخذون بتوجيهاتهم بشكل مطلق. التغيير سنّة الله في الكون لأن دوام الحال من المحال، ومعرفة أسباب التغيير وهوية كل جيل تفكك شيفرات الغموض وطلاسم التعجب وتجعل من الممكن التعامل مع كل جيل تربوياً واجتماعياً واقتصادياً بشكل فيه الحد الأدنى من التكافؤ والاحترام.
00:04 | 29-09-2025