أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/255.jpg&w=220&q=100&f=webp

هيلة المشوح

التمور ثروة اقتصادية وهوية متجذّرة

تُعدّ التمور من الثروات النباتية الإستراتيجية في المملكة العربية السعودية؛ فهي ليست مجرد غذاء أساسي أو رمزًا لتراث متوارث، بل رصيد اقتصادي حقيقي يسهم بشكل ملموس في دعم معدلات التصدير وتنويع الدخل الوطني بإنتاج ضخم تجاوز 1.9 مليون طن خلال عام 2024 وصادرات ارتفعت إلى 1.695 مليار ريال. وهذه الأرقام لا تعكس فقط حجم الإنتاج والتصدير، بل تؤشر إلى عمق ارتباط التمور بالجهود الوطنية لتنويع الاقتصاد، وتعزيز الاكتفاء الذاتي الزراعي، وتحفيز التنمية الريفية والوظائف في قطاع الزراعة والصناعات المرتبطة بها.

تحت شعار: «الابتكار من أجل الاستدامة في سلسلة القيمة لقطاع النخيل والتمور»، تنطلق هذه الأيام فعاليات نسخة 2025 من «عالم التمور» في 25 نوفمبر، وتستمر حتى 4 ديسمبر 2025، في حرم جامعة الملك سعود بمدينة الرياض بتنظيم المركز الوطني للنخيل والتمور وبالشراكة مع عدد من الجهات المتخصصة. وتشارك في المعرض مناطق عدة من المملكة تشتهر بزراعة النخيل والإنتاج من الرياض والقصيم إلى الأحساء، حائل، الجوف، المدينة المنورة، والعلا، وغيرها.

يحتضن معرض عالم التمور أكثر من 400 صنف من التمور تمثّل تنوّع المناطق والمناخات الزراعية، وأجنحة للمزارعين والمنتجين تتيح التذوق والشراء مباشرة من المصدر ومنصات للحرف اليدوية والمأكولات المحلية، ومقاهٍ ومطاعم تقدم مأكولات ومشروبات تعتمد التمور في أجواء عائلية وتراثية، وفعاليات ثقافية وترفيهية، تعكس عمق العلاقة بين التمور وتراث وهوية المجتمع السعودي.

من خلال مشاهداتي الشخصية داخل معرض «عالم التمور»، تتجسّد علاقة التمور بالهوية السعودية: من النخلة والزراعة القديمة، إلى الأسواق الحديثة، والمنتجات المعاصرة، والصناعات الغذائية. المعرض يجمع بين الطابع التراثي والتذوق، الأطعمة الشعبية، الحرف اليدوية، وبين الطابع التجاري والاقتصادي، كذلك لاحظت الإقبال على مزادات التمور في باحة المعرض وعرض جميع الصناعات والحرف المرتبطة بسعف النخيل وتمورها في أجواء جذبت الكبار والصغار مواطنين ومقيمين!

التمور في المملكة ليست مجرد فاكهة تُقدَّم على موائد الإفطار أو تُباع في الأسواق، هي ثروة وطنية حقيقية: غذاء، اقتصاد، تراث، وصناعة. بفضل الإنتاج الضخم، التصدير الواسع، والطلب المتزايد عالميًا، باتت المملكة في مقدّمة الدول المنتجة والمصدّرة للتمور.

00:10 | 2-12-2025

في واشنطن: المملكة ترسم معادلة القوة!

منذ اللحظة التي جمع فيها التاريخ الملك عبدالعزيز والرئيس روزفلت عام 1945، تأسّس حينها خط راسخ من الشراكة بين الرياض وواشنطن، خط بقي ممتداً رغم التحوّلات وتبدل خرائط النفوذ، واليوم، تأتي زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة كامتدادٍ لذلك الإرث، ولكن بقوة أكبر وحضور أشد وقعاً، فالزيارة أكثر من مجرد لقاء دبلوماسي؛ وتأكيد بأن المملكة العربية السعودية لاعب إستراتيجي لا يُستهان به في السياسة والاقتصاد والأمن الإقليمي والعالمي على حد سواء.

منذ وصوله إلى العاصمة واشنطن، بدأ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بعقد حزمة من الاتفاقيات السياسية المفصلية، والمشاريع الاقتصادية التي وصل بعضها إلى حدود استثمارية ضخمة، هذه الإنجازات والحضور القوي أظهرا أن السعودية تمسك بمقوّماتها وتعيد تشكيل ملامح تحالفاتها وفق منظور متجدّد يواكب المرحلة بمتغيّراتها مما يحقق مصالحها ويعزز القدرة على التأثير. وفي خضم هذا المشهد، تصدّر الأمير محمد بن سلمان محطة رئيسية أمام صقور وقيادات سياسية لأكبر الدول وأكثرها تأثيراً وواجه جموع الصحفيين -من معجبين ومتربصين، أثبت أنه بخطابه الهادئ الرزين وثقته المتحكمة، قادر على فرض حضور جاد. وبدلاً من الوقوع في فخ الردود العاطفية أو الانفعالية، اختار سموه أن يركّز على الرسالة، على الأهداف، وعلى ما هو متطلب لتعزيز العلاقة بين المملكة والولايات المتحدة. وقد بدا هذا السلوك متّسقاً مع الرؤية التي تطمح إليها الرياض في أن تكون شريكاً موثوقاً، وقوة استقرار لا تتزعزع.

أما الأصوات المعادية التي حاولت اختلاق ضوضاء أو محاولة حرف الزيارة عن مسارها الحقيقي فإنها في المقابل لعبت دوراً معاكساً في إطلاق التأويلات الهلامية وعسف الحقائق، لكن ما حصل عملياً هو أن المملكة خرجت من اللقاء الأمريكي بكامل قوتها السياسية ولياقتها المعهودة والأكثر وضوحاً في رسالتها الاقتصادية، والأشد مصداقية في دورها الإستراتيجي في الشرق الأوسط. فالاتفاقيات الدفاعية، والصفقات الاستثمارية، والحضور في ساحات القرار، كلها دلائل على أن السعودية في مركز الحيوية والعطاء وضامن محوري لاستقرار ونماء المنطقة.

لا يمكن النظر إلى هذا المشهد بمعزل عن السياق الإقليمي والدولي، فقد نجحت المملكة بأن تجعل من زيارة ولي العهد موقفاً يعبّر عن الاستقرار الإقليمي بطرح قضايا مهمة كالقضية الفلسطينية وإنهاء الحرب في السودان، وعن قدرة المؤسسة الوطنية على الانتقال إلى مراحل أوسع من الشراكة والتحالف. لقد كانت الرسالة واضحة: السعودية ليست في موقع دفاع أو انتظار، بل في موقع اختيار وإستراتيجية وبناء وإيمان تام بأن أمنها لا ينفصل عن أمن جوارها، وأن ازدهارها يكتمل بازدهار محيطها الإقليمي، ومن هذا اليقين حمل ولي العهد ملفات المنطقة إلى طاولة الحوار في واشنطن من أجل حلول تعيد التوازن وتفتح دروب النمو للجميع.

ختاماً.. تبقى هذه الزيارة محطة مميّزة في سجل الأمير محمد بن سلمان والمملكة، إذ مثلت تجاوزاً للصخب، واحتفاءً بالعمل الجاد، وتجلياً لرؤية مستقبلية، وتجسيداً لدور قائد شاب طموح يحمل رؤية مستقبلية وطنية طموحة، وهي رسالة لكل من يتربص بأن السعودية بخطها الراسخ وقوتها المتنامية، تغدو رافعة واستقراراً للمنطقة، لا مجرد ملاحظ أو مراقب.

00:09 | 25-11-2025

كبار السن بين التحديات ومسارات التمكين..

أسعد كثيراً بالفعاليات التي تحمل طابعاً إنسانياً أو اجتماعياً أو خدمياً، ويسبقني شغفي للكتابة عن المبادرات التي تترجم توسّع وعينا بأهمية هذه المبادرات وتعكس تحضّرنا المستند على قيمنا وترابطنا، حيث يشكّل التكافل الاجتماعي والعمل الإنساني رافعة حضارية تعكس رُقي المجتمع وقدرته على حماية كل فئاته وتعظيم قيمة الإنسان فيه، وذلك نابع من إيماني التام بأنه كلما تعزّزت هذه الممارسات تكرّست نهضة الدول، ورسّخت صورتها كبيئات مدنية متقدّمة تُبنى على العدالة والمسؤولية المشتركة.

يُعقد يوم غدٍ الأربعاء 19 نوفمبر 2025م «منتدى منيرة الملحم لخدمة المجتمع» في دورته الثامنة عشرة تحت عنوان «كبار السن: من التحديات إلى التمكين»، وذلك في مقر مركز عبدالرحمن السديري الثقافي – فرع «دار الرحمانية» في محافظة الغاط، يأتي هذا الحدث في إطار التزام ثقافي ومجتمعي واضح، حيث يلتقي الفكر بالممارسة تحت مظلة واحدة لتسليط الضوء على فئة مهمة من المجتمع تشهد لها التجارب المحلية والعالمية بأدوارها المتعددة.

يركّز المنتدى على محورٍ محوري يتمثّل في تعزيز تمكين كبار السن، ليس بوصفهم فئة بحاجة إلى الرعاية فحسب، بل كشركاء فاعلين في المشهد الاجتماعي والتنموي. ويهدف إلى إبراز التحديات التي تواجه هذه الفئة من تغيّرات حياتية، وتحوّلات في الأدوار الاجتماعية، وإشكالات العزلة والتهميش، إلى جانب بناء فرصة حقيقية للانخراط الاجتماعي النشط والمستدام. وضمن هذا الإطار، يسعى المنتدى إلى عرض واقع كبار السن في المحافظة وخارجها، من حيث مستويات المشاركة المجتمعية والاحتياجات الخاصة بهم، وصياغة توصيات عملية تدعو إلى إشراكهم في مبادرات محلية تعزز من قابليتهم للتمكين والاندماج، ودعم الحوار بين الأجيال وربط الخبرات الحياتية بمبادرات التطوير المجتمعي، مما يعكس منظوراً إنسانياً ينظر إلى الشيخوخة كمرحلة تمتلك فيها الخبرات والإمكانات وليس فقط المشكلات.

لم يأتِ اختيار مركز عبدالرحمن السديري الثقافي ليكون مقراً لهذا الاجتماع السنوي إلا بُعداً تاريخياً ومعرفياً، فالمركز بني كمخزون ثقافي ومعرفي، ويضم فرعاً في الغاط («دار الرحمانية») أسّسه المؤسّس الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري، ليكون منارة للثقافة والمكتبة والمجتمع المحلي. ويُعدّ المركز أحد أبرز الحواضن الثقافية والأدبية في المحافظة، عبر مكتباته العامة، ومطبوعاته الفاعلة، وأنشطته التي تُعنى بالنشر وبناء القدرات المعرفية ودعم المبادرات الاجتماعية.

إن انطلاق المنتدى في هذا التوقيت والموقع يعكس رؤية تستشرف التحوّل المجتمعي ضمن رؤية وطنية شاملة، تجعل من الحضارة الثقافية والمعرفة محرّكاً لتمكين الإنسان، أي الإنسان في مختلف مراحل عمره. وفي هذا السياق، لا يُعدّ هذا المنتدى حدثاً موسميّاً، بل محطة استراتيجية في مسار التنمية المحلية تُرسي فكرة أن التمكين الاجتماعي لا يبدأ من الصفر، بل من الخبرة والعطاء والارتباط بين الإنسان ومحيطه.

بهذا المعنى، يمثّل المنتدى «كبار السن: من التحديات إلى التمكين» خطوة نوعية نحو تخفيف الفجوة بين الأجيال، وتعزيز أنظمة التماسك الاجتماعي، وتحويل الشيخوخة من مرحلة انتظار إلى مسار فاعل في المجتمع. وختاماً، فإن الغاط بهذه الفعالية تؤكد أنها ليست مجرد محطة عابرة على خارطة العمل الاجتماعي، بل فضاء يروي تجربة التنمية المجتمعية الثقافية التي تشارك في رفعة الوطن وارتقائه وفقاً لتاريخها الزاخر ورجالاتها الأفاضل وبصمات نسائها الشجاعة والجديرة بالتوثيق والمتابعة.

00:10 | 18-11-2025

السودان.. بين ماضي الانقلابات ومستقبل مجهول!

تبدو مسيرة السودان كأنها لوحة معقدة من انقلابات عسكرية، ثورات شعبية، وتحوّلات سياسية متلاحقة ومآسٍ إنسانية متجدّدة. فمنذ نيلها استقلالها عن مصر عام 1956، دخلت البلاد في دوامة متكررة من تغيير النظام بقوة الانقلابات والأحزاب، ما عكس هشاشة المؤسسات المدنية وسلطوية الأجهزة الأمنية، فأول انقلاب نفذته القوات المسلحة كان عام 1958 بقيادة الفريق إبراهيم عبود، وكان انقلاباً عسكرياً ناجحاً ضد الحكومة المدنية التي تشكّلت من ائتلاف حزبي «الأمة» و«الاتحادي الديمقراطي»، بعد ذلك وفي عام 1969 قاد العقيد جعفر محمد نميري انقلاباً أسّس لحكم دام نحو 16 عاماً. ثم جاء تمهيد للانقلابات المتلاحقة في السبعينيات: في يوليو 1971 حدثت محاولة انقلاب قصيرة بقيادة هاشم العطا بدعم من الحزب الشيوعي لكنها فشلت خلال أيام، وعاد نميري إلى السيطرة، وفي 1985 أُطيح بنميري عبر انتفاضة شعبية وانقلاب عسكري قاده الفريق عبدالرحمن سوار الذهب، ما أنهى حقبة نميري ودشّن فترة انتقالية جديدة ولم تكن هذه النهاية، ففي 1989 وصل إلى السلطة بواسطة ضربة عسكرية عمر حسن البشير، الذي حكم السودان نحو ثلاثين عاماً انتهت بانتفاضة شعبية ثم انقلاب في أبريل 2019، ليدخل السودان مرحلة انتقالية قصيرة انتهت بانقلاب 2021 بقيادة الفريق عبدالفتاح البرهان. هذه الدورة الطويلة من الانقلابات تركت دولة مثقلة بالجراح، وضعيفة المؤسسات، ما جعلها عرضة لانفجار جديد من الصراعات الداخلية، وهذا التسلسل الطويل من الانقلابات -التي قُدرت بأكثر من ستة ناجحة وعدة محاولات فاشلة أخرى- يتيح خلفية ضرورية لفهم كيف أن مؤسسات الحكم المدني ظلت عاجزة أو ضعيفة، وكيف أن العنف السياسي والقوة العسكرية هيمنتا على المشهد السوداني مراراً.

من رحم هذا التاريخ المتقلب اندلعت الحرب الأخيرة في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، التي تحوّلت من شريك في السلطة إلى خصم دموي، ومع اتساع رقعة القتال، تحوّلت مدينة الفاشر في إقليم دارفور إلى رمز للمأساة الإنسانية في البلاد، بعد أن شهدت حصاراً طويلاً وهجمات متكررة وعمليات قتل بالهوية أودت بحياة المئات، وفق تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية وباتت تعاني المدينة من نقص حاد في الغذاء والدواء وانقطاع المساعدات الإنسانية، فيما نزح آلاف المدنيين إلى مناطق أكثر أمناً وسط تحذيرات من مجاعة وشيكة.

يقف السودان اليوم على مفترق تاريخي جديد، بين استمرار الدمار أو بداية طريق الخلاص. وبينما يعاني الشعب السوداني من ويلات الحرب، يبقى الأمل معقوداً على مساعٍ عربية ودولية صادقة، تتقدمها المملكة أمام هذا المشهد القاتم ليبرز الموقف السعودي كصوت متزن ينادي بالتهدئة ودعم الاستقرار. فقد أكدت المملكة العربية السعودية مراراً رفضها لأي تصعيد أو محاولات لتقويض وحدة السودان، ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار وحماية المدنيين والبنى التحتية، كما واصلت جهودها في مسار جدة التفاوضي، وساهمت في المبادرات الإنسانية والإغاثية بالتعاون مع الأمم المتحدة وشركائها الدوليين لطي صفحة الصراع وفتح باب السلام الذي يستحقه هذا البلد العريق.

00:08 | 11-11-2025

فنون الرد... المملكة أنموذجاً!

في خضم الحملات التي يشنّها البعض ضد المملكة العربية السعودية، تصدح المملكة بالرد المتفرد بعلامة سعودية معروفة وفارقة ألا وهي الأفعال وصدى الإنجازات التي تملأ العالم ضجيجاً، كدولة ثابتة في مسارها نحو قيادة اقتصادية وطنية وعالمية، رافعة لواء التطوير والشفافية والريادة. إيماناً بأن هذه الهجمات التي تأتي من أطراف وجماعات محدّدة، إنّما تسعى إلى تقويض حضور المملكة وسياستها الطموحة ومحاولة طمس نجاحاتها في المحافل العالمية والدولية، لكنها تصطدم بردِّ المملكة، ليس بالكلام والخطابات، بل بالأرقام والحضور والإنجازات المُلموسة.

المملكة، عبر رؤيتها الوطنية وقيادتها، ترجمت الطموح إلى عمل متجذّر. فتقرير لصندوق النقد الدولي يؤكد أن الإصلاحات الهيكلية في السعودية تسير بخطى ثابتة، حيث ارتفع عدد رخص الاستثمار الأجنبي إلى مستويات تاريخية، لتحقق المملكة قفزات في الترتيب العالمي للتنافسية. وعلى صعيد الاستثمار، يبرز منتدى مستقبل الاستثمار الذي انطلقت فعالياته في العاصمة الرياض خلال الفترة من 28 إلى 30 أكتوبر 2025، وقد شهد زخماً عالمياً ومشاركة أكثر من 6000 قائد عالمي، ومستثمر، ورائد أعمال، وأسفر عن إعلانات ونتائج بارزة تركز على الاستثمار المستدام، الذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجدّدة. وصفقات استثمارية إجمالية تتجاوز 1.2 تريليون دولار أمريكي، ومن جهة الحوكمة، فالمملكة تفوز اليوم برئاسة المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبة «الإنتوساي» للفترة 2031 - 2034، واستضافة الجمعية العمومية الـ 27 لها، ما يعكس مدى الاعتراف الدولي بنموذجها في الرقابة والشفافية المالية ويمثّل دليلاً واضحاً على ثقة المجتمع الدولي بمؤسسات المملكة وقدرتها على قيادة محافل عالمية، خصوصاً التي تعنى بالرقابة والمحاسبة المالية والإدارية، كما يمنح المملكة موقعاً ريادياً لعددٍ من السنوات المقبلة لتوجيه النقاشات والمعايير المتعلقة بالحوكمة، الأداء المؤسّسي، والمساءلة في القطاع العام على مستوى أكثر من ١٩٥ دولة عضو.

ما تحقّقه المملكة اليوم هو تجسيد لسياسة تصاعدية مدروسة عبر رؤية وطنية (رؤية السعودية 2030) يسري معها كل قطاع، ويواكب معها كل تحدٍ، كرسالة واضحة بأن المملكة ليست ضحيةً لِمن يحاول النيل من سمعتها، بل هي فاعل مُؤثر عالمي كبير، يسعى لتشكيل مستقبلٍ جديد ليس فقط لأبنائها، بل لمنطقتها وللعالم.

إنّ التشويه الممنهج لن يُثني مسيرتنا المباركة، بل يُعزز العزيمة على المضيّ قدماً بتأنٍ وثقة نحو كتابة فصلٍ جديد في تاريخنا العريق، فالمملكة تجسّد اليوم نموذجاً للردّ الفعلي عن طريق العمل والتقدّم، وتؤسّس لحقبةٍ يُكتب فيها بتاريخٍ مختلف، يُحتذى به!

00:01 | 4-11-2025

منتدى الأفلام السعودي 2025

تحتضن المملكة العربية السعودية اليوم تجربة سينمائية وطنية لا تُضاهى جسدها منتدى الأفلام الذي بدأ في 22 أكتوبر 2025 واختتم فعالياته في 25 أكتوبر في مدينة الرياض تحت شعار «لقاءٌ يُغيّر المشهد»، تحت إشراف هيئة الأفلام التابعة لوزارة الثقافة.

سجّلت صناعة السينما المحلية في العام 2024 إيرادات بلغت 845.6 مليون ريال سعودي، بنحو 17.5 مليون تذكرة مصروفة عبر شبكة 630 شاشة في 64 دار عرض، وفي العام الجاري، حقّقت الأفلام السعودية أكثر من 100 مليون ريال سعودي في شباك التذاكر محققة 19% من الحصة السوقية المحلية.

ويُعدّ منتدى الأفلام منصة حيوية لصناع الأفلام والمنتجين، إذ يضم هذا العام أكثر من 130 جهة عارضة وأكثر من 30 جلسة وورشة عمل متخصصة، ما يُشكّل دعامة بنيوية لدعم الإنتاج المحلي وتوسيع آفاقه الدولية.

من خلال هذه المعطيات، تتجسّد الرؤية السعودية في التحول إلى مركزٍ عالمي للإنتاج السينمائي، ليس فقط من خلال دعم صناع الأفلام والمنتجين، بل أيضاً عبر تعزيز البنية التحتية، وتشجيع الاستثمارات، وفتح قنوات التوزيع والعرض -كل ذلك بخطى واثقة نحو اقتصاد الإبداع والتنمية الثقافية مع تنوع الأنشطة وتعدد مجالات الإبداع.

في النسخة اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ «ﻣﻨﺘﺪى اﻷﻓﻼم اﻟﺴﻌﻮدي» شارك ﻧﺨﺒﺔ ﻣﻦ صنّاع اﻷﻓﻼم، واﻟﻤﻨﺘﺠﻴﻦ اﻟﻤﺤﻠﻴﻴﻦ واﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻴﻦ، واﻟﺨﺒﺮاء اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ، مواصلاً مستهدفاته ﻓﻲ ﺗﻤﻜﻴﻦ وﺗﻄﻮﻳﺮ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻷﻓﻼم ﺑﺎﻟﻤﻤﻠﻜﺔ، وﺗﻌﺰﻳﺰ ﻓﺮص اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر واﻟﺸﺮاﻛﺎت ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺤﻴﻮي، ﺑﻤﺎ ﻳﺘﺴﻖ ﻣﻊ اﻹﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺮﺗﻜﺰة ﻋﻠﻰ رؤﻳﺔ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ 2030م، اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻊ ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺿﻤﻦ أوﻟﻮﻳﺎﺗﻬﺎ ليمثل منتدى الأفلام ﻣﻨﺼﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﺗﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﺗﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﺤﻔﻴﺰ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑﻴﻦ ﻛﺎﻓﺔ أﻃﺮاف القطاع السينمائي ﻣﻦ ﺷﺮﻛﺎت الإﻧﺘﺎج واﻟﺘﻮزﻳﻊ إﻟﻰ ﻣﺰودي اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ واﻟﻠﻮﺟﺴﺘﻴﺔ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﻬﺎت اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ وﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ، ﺣﻴﺚ تم توفير مساحات ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻻﺳﺘﻌﺮاض ﻓﺮص اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ والإﻧﺘﺎج، وﺑﻨﺎء اﻟﺸﺮاﻛﺎت اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ، وﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻷﻓﻼم ﻣﺤﻠﻴًﺎ، ودﻋﻢ اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ وروّاد اﻷﻋﻤﺎل ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل.

شهد اﻟﻤﻨﺘﺪى ﻓﻲ ﻧﺴﺨﺘﻪ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻣﺆﺗﻤﺮ دوﻟﻲ قدم أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 30 ﺟﻠﺴﺔ ﺣﻮارﻳﺔ وورﺷﺔ ﻋﻤﻞ تناولت ﺗﻤﻮﻳﻞ اﻷﻓﻼم وﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻤﺤﺘﻮى وﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻘﻄﺎع، إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎت ﻣﺼﺎﺣﺒﺔ وورش ﻋﻤﻞ ﺗﺨﺼﺼﻴﺔ استهدفت ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﺠﻤﻬﻮر واﻟﻤﻮاﻫﺐ اﻟﺸﺎﺑﺔ بفرص اﻟﺘﺨﺼﺺ واﻟﻤﺴﺎرات اﻟﻤﻬﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻘﻄﺎع اﻟﻮاﻋﺪ، ﻛﻤﺎ احتضن اﻟﻤﻨﺘﺪى معرضاً ضم أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 130 ﺟﻬﺔ ﻣﺤﻠﻴﺔ وإﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ودوﻟﻴﺔ، ﺗﺸﻤﻞ ﻋﺪة ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺨﺼﺼﺔ ﻟﺸﺮﻛﺎت الإﻧﺘﺎج واﻻﺳﺘﻮدﻳﻮﻫﺎت الإﻧﺘﺎﺟﻴﺔ، وشرﻛﺎت ﺗﺄﺟﻴﺮ اﻟﻤﻌﺪات واﻟﺘﻘﻨﻴﺎت اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ، واﻟﺒﺮﻣﺠﻴﺎت وﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻹﻧﺘﺎج واﻟﺘﻘﻨﻴﺎت اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ، وﻣﻨﺼﺎت اﻟﺒﺚ واﻟﺘﻮزﻳﻊ واﻟﻌﺮض، واﻟﺠﻬﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ واﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻄﺎع، واﻟﻘﻄﺎﻋﺎت ذات اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ واﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ وﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر.

تنظيم ﻫﺬه اﻟﻨﺴﺨﺔ ﻣﻦ منتدى الأفلام السعودي 2025 كان لافتًا في دقته وتنوّع فعالياته وإقبال المهتمين في مجال الأفلام والحضور والمشاركات النوعية الواسعة في المحتوى والأنشطة، وﺗﺴﻠﻴﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ اﻷﺛﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻤﺘﻨﺎﻣﻲ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻷﻓﻼم ﻓﻲ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ، وﺗﻌﺰﻳﺰ ﺣﻀﻮر اﻟﻜﻔﺎءات اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴًﺎ، بما يسهم ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ﻗﻄﺎع ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﺳﻌﻮدي ﻣﺰدﻫﺮ وﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ إﻗﻠﻴﻤﻴًﺎ ودوﻟﻴًﺎ.

00:12 | 28-10-2025

ريادة نسائية وبيبان 2025

تشهد المملكة تحوّلًا استراتيجيًا في تمكين المرأة اقتصاديًا وتعزيز دورها في قيادة المشهد الريادي، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وزيادة مساهمة المرأة في التنمية الوطنية.

وتسجل ريادة الأعمال النسائية حضورًا متناميًا في المملكة، إذ بلغت نسبة المشاريع المملوكة للنساء بنهاية الربع الثاني من عام 2025م نحو 47% من إجمالي السجلات التجارية، ما يعكس توسّع مشاركة المرأة في القطاع الخاص ونمو ثقتها بالبيئة الريادية المحلية.

ويبرز دور الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) في تعزيز هذا التوجه؛ من خلال برامج ومبادرات مخصصة لرائدات الأعمال، مثل مراكز دعم المنشآت وأكاديمية منشآت التي قدّمت برامج تدريبية ومعرفية لآلاف النساء خلال السنوات الماضية، وهذا النمو المتواصل في أعداد المستفيدات يعكس عمق الشراكة بين رائدات الأعمال و«منشآت» كمنظومة داعمة للتمكين المعرفي والاقتصادي.

يأتي ملتقى «بيبان 2025» الذي تنظّمه الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) خلال الفترة من 5 إلى 8 نوفمبر المقبل في مركز واجهة الرياض للمعارض والمؤتمرات، تحت شعار «وجهة عالمية للفرص»؛ بأبوابه السبعة ليدعم تمكين رائدات الأعمال؛ من خلال عدة مبادرات ممكّنة وورش عمل متخصصة، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة لهم لمشاركة تجاربهم، وبناء حوارات مفتوحة مع زوّار الملتقى من مختلف القطاعات والاهتمامات، في مشهد يعكس تطور بيئة الابتكار في المملكة، ودعمها المتواصل لريادة المرأة في كافة مجالات الأعمال والتقنية.

تؤكد مؤشرات ريادة الأعمال النسائية أنها أصبحت بالفعل ركيزة أساسية في مسيرة التحوّل الاقتصادي، وشريكًا فاعلًا في بناء مستقبل مزدهر قائم على التمكين والابتكار والاستدامة.

00:04 | 21-10-2025

الصناعة المعجمية.. مستقبل اللغة

أسعدني جداً موضوع المؤتمر السنوي الرابع لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، الذي انعقد مؤخراً بالرياض تحت عنوان «الصناعة المعجمية في العالم: التجارب، والجهود، والآفاق»، كما أعجبني توقيته، حيث يشهد العالم تحوّلات معرفية وتقنية غير مسبوقة؛ تهدد الهويات، وتشوه اللغات، وتمحق الثقافات، إلا أن هذا المؤتمر جاء ليؤكد دور المملكة في دعم اللغة العربية كمكوّن أساسي من مكوّنات الهوية الثقافية والحضارية للعالم العربي، بل وطرحها باعتبارها لغة علم ومعرفة ومواكبة للتقنيات الحديثة، وهو ما يؤكد مكانة المملكة كقوة عربية دافعة، قادرة على توجيه الجهود نحو تحقيق التعاون الدولي وتعزيز الشراكات بين المؤسسات اللغوية والتقنية.
وخلال متابعتي لهذا الحدث لفتني اختيار منظميه لموضوع «الصناعة المعجمية» باعتبارها من الركائز الأساسية التي تسهم في الحفاظ رقمياً على التراث اللغوي العربي، الذي يواجه الكثير من التحديات في عصر التكنولوجيا، بما يتطلب استجابة سريعة وفعّالة، وهو ما سعى المؤتمر إلى تحقيقه من خلال استضافته خبراء وباحثين من مختلف التخصصات لمناقشة التجارب الناجحة والابتكارات الحديثة في هذا المجال.
أما ما لا يمكن إنكاره، فهو دور مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في هذا السياق. فالمركز بات يمثل منصة رائدة تجمع بين الدراسة الأكاديمية والتطبيق العملي، ويسهم في تطوير الدراسات اللغوية وتعزيز توظيفها في مجالات التقنية المتقدمة، بما يواكب رؤية السعودية 2030 الطموحة في تمكين الثقافة والمعرفة.
والحقيقة أن الصناعة المعجمية، كما طرحها المؤتمر، ليست مجرد مسألة أكاديمية، بل هي أداة استراتيجية لضمان بقاء اللغة العربية حية ونابضة في عصر التكنولوجيا الحديثة، وتجعل منها محورًا أساسيًا في بناء الذكاء الاصطناعي وتشكيل المحتوى الرقمي العالمي، بما يضمن لها مكانها في المستقبل.
ومع اختتام أعمال المؤتمر، يبقى الأمل معلقًا بتنفيذ التوصيات التي تحمل في طياتها أبعادًا استراتيجية تسعى إلى تعزيز الصناعة المعجمية في العالم العربي، وبناء قاعدة معرفية تسهم في رقمنة اللغة العربية وتحقيق حضورها في عالم التقنيات الحديثة.
إن نجاح المؤتمر لا يقتصر فقط على مخرجاته، بل يتعدى ذلك إلى التأثير المستمر الذي سيحدثه من خلال تعزيز التعاون بين المجامع اللغوية العربية والمؤسسات التقنية والبحثية. إنها رسالة حضارية تؤكد أن مستقبل اللغة العربية لن يُبنى بالحفاظ عليها فقط، بل بتطوير أدواتها وإدماجها في منظومات العلم وتجليات التقنية.
00:00 | 14-10-2025

فلسطين.. السهل الممتنع !

فلسطين ليست مجرد جغرافيا مغتصبة أو حدود محاصرة بالجدران والأسلاك، بل هي قضية عربية أصيلة تنبض في وجدان كل عربي منذ بدايات القرن العشرين وحتى يومنا هذا، فهي تختزل معاني الكرامة والسيادة، وتجسّد الرابط الأخلاقي والوجداني بين الشعوب العربية على اختلاف مشاربها وأقطارها. لم تكن فلسطين يومًا مسألة سياسية عابرة أو نزاعًا إقليميًا محدودًا، بل غدت رمزًا جامعًا للهوية العربية في أسمى صورها، ومعيارًا تقاس به مواقف الدول والشعوب من قيم العدالة والحرية. لقد استطاعت هذه القضية أن توحّد القلوب قبل المواقف، وأن تذيب الفوارق الجغرافية والعرقية، لتصير البوصلة التي يتجه إليها الضمير العربي كلما تعثرت الأوطان أو تصادمت المصالح. ومنذ نكبة عام 1948 مرورًا باحتلال القدس وانتهاك مقدساتها، ظل اسم فلسطين حاضرًا في الخطب والمنابر، وفي الأغاني والقصائد، بل وفي تفاصيل الحياة اليومية للعربي البسيط الذي يرى في فلسطين مرآة لكرامته، فلسطين ليست قضية شعب محتل فحسب، بل قضية أمة بأسرها ترى في تحرير الأرض وصون الحقوق واجبًا أخلاقيًا ومصيريًا لا يسقط بالتقادم، ولا يغيب تحت ركام التحديات، ومن هنا تظل فلسطين العنوان الأبرز لرسوخ الهوية العربية، وأصدق مرآة لترابطها الإنساني والسياسي.

في خضم أحداث عالمية ما بين حروب وانتهاكات ومؤامرات، تبرز القضية الفلسطينية بجهود خليجية عربية، ورحلات مكوكية سعودية بين اجتماعات أممية ومقابلات واجتماعات معلنة أو مغلقة لتتراءى في المشهد السياسي إرهاصات حلول متوقعة بإنهاء أزمة غزة بخطة أمريكية اقترحها الرئيس ترمب تضمّنت أيضاً حل الدولتين، وواجهت بعض العراقيل داخليًا وخارجيًا ولكنها تجاوزتها وسارت وفق بنود أهمها ‏ إدارة غزة عبر لجنة فلسطينية انتقالية تكنوقراطية محايدة سياسيًا تكون مسؤولة عن الخدمات اليومية، بمشاركة خبراء فلسطينيين ودوليين، وتحت إشراف هيئة انتقالية دولية جديدة تسمى «مجلس السلام»، يرأسها الرئيس ترمب، وتشاركه شخصيات دولية أخرى كرئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، وتكون من مهام هذا المجلس صنع إطار واضح لإعادة إعمار غزة وتمويلها حتى استكمال إصلاح السلطة الفلسطينية وقدرتها على استلام الحكم، هذا بالإضافة إلى عدة بنود مهمة شملتها الخطة وتمت الموافقة المبدئية عليها من كلا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، ورحبت بنتائجها المملكة العربية السعودية وعدة دول عربية وإسلامية مع تأييد إعلان حماس باستعدادها لتسليم إدارة غزة إلى لجنة إدارة فلسطينية انتقالية من الكفاءات المستقلة، وأكدوا على ضرورة البدء الفوري بالمفاوضات للاتفاق على آليات تنفيذ المقترح ومعالجة جميع جوانبه، ولم يبق سوى إزاحة هذا الخوف الذي يسكننا جميعًا من انهيار هذه الجهود والعودة إلى مربع مريع نعرفه جيدًا ومررنا به مرارًا كشعوب عربية وحكومات تسعى إلى السلام ورتق جراح الماضي وإقامة دولة فلسطينية آمنة لشعب يستحق السلام والحياة الآمنة، فهل يتحقق هذا الأمل (السهل) أم يمتنع لأسباب قديمة متجددة!
23:47 | 6-10-2025

عزنا بطبعنا

تحتفل المملكة العربية السعودية باليوم الوطني لتوحيد المملكة في 23 سبتمبر من كل عام. وهذا التاريخ يعود إلى المرسوم الملكي الذي أصدره الملك عبدالعزيز برقم 2716، وتاريخ 17 جمادى الأولى عام 1351هـ، الذي قضى بتحويل اسم الدولة من (مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها) إلى المملكة العربية السعودية، وذلك ابتداءً من يوم 23 سبتمبر 1932م.

يصادف «اليوم» الثلاثاء الـ23 من سبتمبر؛ اليوم الوطني السعودي الذي يستحضر الذكرى الـ95 لتوحيد هذا الوطن العظيم على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ورجاله الأوفياء بعد ملحمة وطنية جمع بها شتات إرثه وإرث أجداده وضم هذه الأرض المباركة من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها تحت كيان واحد واسم واحد هو «المملكة العربية السعودية»، لتبدأ مرحلة الدولة السعودية الثالثة التي نحتمي اليوم تحت بنائها الراسخ الشامخ وبقيادة أبناء مؤسسها وأحفاده الأوفياء.

لا شك، خلف بناء هذا الكيان العظيم رجل بقلب جسور وعقل طموح وهمة لا تكسرها الخطوب وإرادة صلبة لا تعترضها الانكسارات ولا تعترف بالهزائم. انتقى الملك عبدالعزيز رجالاته من أفواه المحن والبطولات وتسلّح بالإيمان والحق قاصداً أرض آبائه وأجداده ولم يلتقط أنفاسه إلا ساجداً على ثراها سجدة الشكر بالتمكين والمُلك وإعلاء راية النصر ونحر الباطل بسيف الحق ببسالة وإقدام، لتسطّر سيرته في صفحات تاريخ البطولات النادرة وتكتب بمداد الشجاعة والفخر، ليحمل الراية بعده سلالته من ملوك عظام ملأوا العالم صيتاً وفخراً وأمجاداً متتالية وصولاً إلى هذا المجد الذي نعيشه اليوم في عصر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وميلاد جديد لدولة الملك عبدالعزيز بطابعها الحضاري ونهضة هز صيتها مشارق الأرض ومغاربها فتهافت الأصدقاء ليبرموا العهود والعقود واندحر الأعداء خلف مؤامراتهم وانكسارات أحلامهم.

اليوم وبعد 95 عاماً من التأسيس والبناء، تتصدّر المملكة العربية السعودية قائمة أقوى خمس دول في العالم، بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين والهند وروسيا، وتنافس عظمى الدول في القوة العسكرية والأسلحة والعتاد والجيش، كما تتصدّر المملكة عضوية مجموعة العشرين التي تضم أكبر الاقتصادات في العالم، أما من ناحية النفط (إكسير الصناعات)، فالمملكة تعد أكبر الدول تصديراً له، وقد تصدّرت شركة أرامكو النفطية القيمة السوقية للشركات العالمية كأكبر شركة هي الأولى عالمياً متقدمة على شركات عالمية كبرى في التسويق والتقنية والصناعات الثقيلة!

«عزنا بطبعنا» شعارنا هذه السنة ليومنا المجيد الذي نفاخر به العالم، ويختزل معاني الوفاء لإرثنا القيمي المتميز بطبعنا التراكمي وعزنا الذي لم نستمده من ثقافات الآخرين وطبائعهم بل اكتسبناه من ذواتنا وهويتنا التي انسجمت مع طباعنا الرصينة الكريمة النبيلة الوفية للأرض بولاء من نوع فريد وخاص لقيادة عظيمة هي جزء منا ونحن جزء منها!
00:36 | 23-09-2025