تحميل...
محلات منتشرة في أغلب مدننا، وهذه ميزة تنافسية لهذا النوع من الأسواق الشعبية، ورغم أن البعض يعتقد أنها أماكن تسوّق للفئات الأقل دخلاً ولكن هذا يبدو غير دقيق، فمن يشاهد ازدحام السيارات أمام تلك الأسواق في أغلب الأحياء سواء الشعبية أو ما يطلق عليه الأحياء الفاخرة، يصل إلى قناعة أن هذه الأسواق تقدّم بضائع رخيصة الثمن وليس بالضرورة رديئة، بل إن المنافسة بين هذه الأسواق والشركات الموردة عملت على تحسين نوعية المنتجات والبضائع فيها. يبدو أن إدارة هذه الأسواق «شاطرة» في استيراد بضائعها من بعض الدول الآسيوية، خاصة من الصين والهند، والإمدادات لدى هذه الأسواق جيدة، ويبدو أنها تبحث عن هامش ربح معقول، وهذا يفسر أسعارها المنخفضة جداً، وهذا لا يعني أن كل منتجاتها جيدة بل أعتقد أن المواد الغذائية فيها وما له علاقة بصحة الإنسان المباشرة تحتاج رقابة قوية من الجهات المعنية سواء قبل دخول تلك المواد أو بعد عرضها في أسواق أبو خمسة، هناك مواد أعتقد أنه من الذكاء شراؤها من هذه النوعية من الأسواق مثل مواد التنظيف المتنوعة التي قد تكون نفس الجودة في المحلات التجارية المعروفة، وحتى لو لم تكن ماركات معينة فإنها سوف تؤدي الوظيفة في تنظيف المنزل أو غير ذلك. من يذهب إلى تلك الأسواق يجدها مكتظة بالزبائن، والغريب وجود الكثير من الجاليات تتسوق من هناك، وخاصة من جاليات دول شرق آسيا، وفي بعض الأحيان تجد الأوروبيين بكثرة في بعض تلك المحلات القريبة من مناطقهم السكنية. علينا الابتعاد عن «الفشخرة» الزائدة في عملية الشراء وخاصة للضروريات غير الداخلة في الطعام والشراب، كثير من الشباب والشابات تعتبر هذه المنافذ التسويقية حلاً لهذه الفئة، أولاً لأسعارها المنخفضة، وثانياً لسهولة الوصول والتسوق فيها، بل إن الذهاب لها قد يكون نوعاً من التغيير والبعد عن الأسواق التجارية المنظمة بشكل يبعث على الرتابة، هناك في محلات أبو خمسة تشعر بروح المجتمع وحياته، وأنك جزء من هذا المجتمع، وليس في محلات تجارية يعلوها الصمت والنظام القاتل.
هذه النوعية من الأسواق الشعبية منتشرة في أغلب أحياء المدن ومفتوحة إلى ساعات متأخرة وهذه ميزة إضافية لها، كل مدن العالم فيها أسواقها الشعبية، وفي الغرب مثلاً وفي المدن البريطانية خصوصاً، توجد مثل هذه المحلات ويطلق عليها «أسواق الأحد»، الأسعار فيها رخيصة والنوعية ممتازة مقارنة بالمحلات التقليدية المجاورة. الإنسان بطبعه يخلق حلولاً مناسبة للتسوق وتلبي احتياجات المستهلكين بكافة شرائحهم الغنية والأقل غنى وهذا من سمات عصرنا الحالي، فقط على الجهات المختصة رفع مستوى الرقابة على هذه الأسواق وجودة بضائعها؛ لأن بعضها يتلف في فترة زمنية قصيرة أو قد لا يعمل أصلاً.
نعيش ثورة التيك توك، فهو مسيطر على الجميع بمقاطعه القصيرة ومشاهيره في كل مجال، والكل يستطيع أن يشارك ويفتي في أمور خطيرة قد تكون قاتلة للإنسان، خاصة في قضايا الصحة والجمال، لا يوجد مرض لا يوجد له علاج في هذا العالم الافتراضي مهما كانت خطورته من الأمراض المزمنة إلى زراعة الأسنان التي تتم في جلسة واحدة في ذلك العالم الافتراضي، وكل من يبشّر وينصح بالعلاجات الفتاكة كلهم أو في أغلبهم أطباء كما يدعون من كل دول العالم. في أحد الدول العربية قبل أيام تصدر هاشتاق الترند وهو «خالتو لابسة بالطو» الذي يرمز إلى انتشار الأطباء والطبيبات في ذلك الموقع والكل لابس البالطو الأبيض، الذي يفترض أن من يلبسه هو طبيب مرخّص من الجهات التشريعية في بلاده، لكن الفوضى هي حالة أطباء التيك توك، فلا يوجد جهات رقابية تمنع مثل هذه الممارسات الخطيرة أو على الأقل تصرّح لبعضهم للظهور الإعلامي في مثل هذه الوسائط، وأعتقد أن الأمر بسيط على الجهات المسؤولة في كل دولة. قبل أسابيع، رصدت وزارة الصحة بالتنسيق مع الهيئة العامة لتنظيم الإعلام معلومات مضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول أدوية محددة خافضة للكولسترول مما تسبب في توقف بعض المرضى عن تناول أدويتهم، هيئة تنظيم الإعلام ذكرت أنها ستتخذ الإجراءات النظامية بحق من ينشر معلومات مضللة والواردة لها من وزارة الصحة، أتمنى أن يكون هناك ضوابط محددة يعمل عليها بسرعة لإيقاف هذه الفوضى، التي تتعلق بحياة وصحة الانسان، فهؤلاء يريدون الشهرة والمال بأية طريقة مثل غيرهم من المشاهير في هذه المواقع. أعرف بصعوبة مراقبة هذه المعلومات في تلك المواقع، لكن مثلاً لماذا لا يُمنَع الأطباء من الظهور في تلك المواقع والحاصلون على تراخيص مهنية للعمل في المملكة؟ بعض الأحيان أتابع أطباء يظهرون في قنوات تلفزيونية رسمية أو منصات رسمية تجد لهم صدى إيجابياً عن بعض الأمراض وطريقة علاجها بالأدوية وأسبابها بطريقة مقنعة بعيداً عن الحلول السحرية لكل الأمراض في أطباء التيك توك، أحدهم يبشر بالعلاج بالخلايا الجذعية في مستشفى في إحدى الدول الآسيوية، وهو منتظر في عيادة أحد الأطباء، ويقول إن مدة انتظاره امتدت لساعات بسبب انشغال ذلك الدكتور بالمرضى وعلاجهم بالخلايا الجذعية، ويجري مقابلات مع بعض المرضى الذين أصبحوا يمشون على أقدامهم بعد عجز عن الحركة والشلل، ومثل هذه المقاطع تحمل مشاعر عاطفية وإنسانية تجاه من تحسّنت حالته الصحية بهذا الشكل الواضح، ولكن من خلال لقطات المستشفى ذاته تجد المرضى وهم في حالة تدل على حالة ذلك المستشفى ونظافته، وعلينا أن نقوم بحملات توعوية مستمرة لما يستجد في عالم الأدوية الجديدة، مسألة الخلايا الجذعية يبدو أنها مبشرة لعلاج بعض الأمراض الصعبة، لكن يجب أن تتم في مراكز طبية وبحثية معترف بها دولياً وليس عيادات ومستشفيات منزوية في أزقة مدن مكتظة بالملايين، وهذا لا يعني أن يبحث الإنسان عن علاج لمرضه، لكن الإشكالية في مدى مصداقية تلك المقاطع والأطباء الذين يلبس معظمهم «البلاطو الأبيض» في تلك المواقع.
لسنوات مضت، كانت وزارة النقل تنفي على لسان مسؤوليها عن نيتها خصخصة بعض الطرق في المملكة من خلال رسوم تدفع عن استخدام هذا الطريق أو ذاك، قبل أيام صرح وزير النقل والخدمات اللوجستية صالح الجاسر بأن الوزارة سوف تبدأ بالخصخصة وسوف تكون البداية في طريق جدة - مكة السريع، وهذه الخطوة يقابلها البعض ويرفضها البعض الآخر، وأعتقد أن التجربة خير برهان، والكثير من الدول الخليجية والأوروبية لديها خطوط برية سريعة وفيها الكثير تديره وتستثمره شركات محلية وعالمية مقابل رسوم هي أقرب إلى الرمزية، ويفترض أن هذه الطرق ذات الرسوم أن تكون في حالة جيدة من حيث جودتها وإنارتها بالكامل، وأن تتوفر فيها محطات ومراكز خدمة على أعلى المستويات، وأن يكون هناك متابعة عليها في حال وجود مشكلة مرورية بالمعنى الصريح، يفترض بهذه النوعية من الطرق أن تكون مريحة جداً ويتوفر بها جميع الخدمات ومرافق سكنية حديثة وليست مرتفعة السعر، هذا في حال نجحت هذه التجربة وعممت على طرق برية رئيسية مثل طريق الرياض-الدمام أو الرياض - القصيم وغير ذلك من الطرق الأخرى، قد نجد الشاحنات وبعض السيارات تفضّل استخدام طرق قديمة أو موازية ولا يعني هذا عدم الاهتمام بهذه الطرق الفرعية، مثل هذا التنوع سوف يخلق حراكاً اقتصادياً كبيراً سواء في الطرق ذات الرسوم الإلزامية أو الطرق الأخرى، حيث سوف تنتعش المدن والقرى التي تمر بها الطرق المجانية، تنويع مصادر الدخل مهم وعنصر أساسي في فلسفة ورؤية المملكة القائمة على الدفع بالقطاع الخاص المحلي والأجنبي في الاستثمار بقطاع النقل بشكل عام وخاصة النقل البري والسكة الحديدية والتي تأخرنا في طرحها في برامج التخصيص، والمملكة تتمتع بمكانة جغرافية مميزة، وتأتي في منطقة تربط قارات العالم ودول آسيا والخليج وصولاً لأوروبا، تخيل خطوط سكك حديدة حديثة تربط المملكة مع دول الخليج مروراً لبلاد الشام، وكلنا نسمع عن الجسر البري من شرق المملكة إلى غربها.
البعض منا لديه حساسية مفرطة تجاه رسوم الطرق بين المدن، وأنا أؤمن أن التخصيص لهذه الطرق مفتاح التغير في جودة الطرق لدينا، ولا يعني هذا أن تكون الرسوم مرتفعة بل مناسبة لجميع الطبقات الاجتماعية مثل ما بين عشرة وعشرين ريالاً للرحلة، ويعتمد على طول المسافة لهذا الطريق، وكلنا يعرف أن التقنية وتطبيقاتها تخدم مثل هذه المشاريع، علينا إيجاد حلول مبتكرة وبأسعار معقولة لتحسين حالة الطرق البرية والتي يعاني البعض منها من رداءة الحال، ففي حال إن استثمرت شركات في بعض الطرق سوف يخلق منافسة قوية بين الشركات المشغلة وقد تكون هذه الرسوم دافعاً للبعض في استخدام أكثر من راكب في العربة في مثل هذه الرحلات، أو استخدام وسائل نقل أخرى مثل السكك الحديدية في حال توفرها. هناك دول غنية جداً تستخدم رسوم الطرق وفي الأنفاق الممتدة تحت البحار، وكل هذه الرسوم تستخدم في تطوير هذه الطرق حتى تكون فيها الرحلة سهلة وآمنة، وقد تكون السرعة فيها مرتفعة في بعض مساراتها.
وافق مجلس الوزراء الأسبوع الماضي برئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على منح مكافآت مالية تشجيعية لمن يُسهم في الكشف عن مخالفات لائحة الجزاءات البلدية، وفق عدد من الضوابط المنظمة. هذه الموافقة تأتي لنشر ثقافة المشاركة المجتمعية في وطننا حتى يكون المواطن جزءاً مهماً في عملية التنمية والإصلاح والرقابة، في ظل بعض التشوهات البصرية التي تعطي صورة سلبية عن مدننا وتجعل منها أماكن طاردة للحياة، هذا القرار مهم جداً، وأتمنى أن يُعمل به سريعاً، وأن يكون التجاوب مع البلاغات المقدمة بمهنية عالية وسرية تامة، وأن يكون اختيار الأشخاص في هذا البرنامج أو الإدارة لمن لديهم وعي مجتمعي مرتفع، وأن تكون المكافأة المالية هي تشجيعية وليس هدفاً بحد ذاتها، وزير البلديات والإسكان أكد أن هناك برامج محددة ودقيقة لتدريب وتأهيل هؤلاء الأفراد حتى يحصلوا على صفة «راصد معتمد» بعد اجتياز دورة محددة، أتمنى أن يكون للمتقاعدين أولوية في هذا البرنامج أولاً لخبراتهم المتعددة وحرصهم على تحقيق الضوابط البلدية في مدننا والتي نشهد في بعضها تسيباً واضحاً في الالتزام بالأنظمة البلدية، فكم نشهد عمالاً يعملون في الحفر والبناء في أوقات متأخرة في الليل أو في أوقات الإجازات الأسبوعية، وعند التبليغ يكون التجاوب ضعيفاً ومتأخراً.. فهل الآلية الجديدة سوف تؤثر في سرعة اتخاذ القرارات من قبل البلديات هذا ما نتمناه، بعض المخالفات يجب أن تضبط في حينها حتى يغرم المخالف فنجد مثلاً شاحنات تأتي لبعض الأحياء وتفرغ شحناتها من بقايا مواد البناء وتخرج بسرعة، كذلك السلوك الخاطئ في الحدائق العامة الجميلة التي نجد حالتها بعد نهاية الإجازات في حالة يرثى لها من بقايا زوارها، وقد يكون من الصعوبة مخالفة مثل هؤلاء الأشخاص، وقد قرأت مؤخراً أن أمانة مدينة الرياض بدأت بتفعيل مراقبة هذه الحدائق بالكاميرات، ويا ليت أن تكون هذه تنقل صوراً حية ومباشرة للجهات المعنية لمعرفة المخالفين من معلومات محددة عنهم والتقنية الآن متقدمة في هذا المجال، فمدن بالغرب كلندن مغطاة بـ٦٢٧ ألف كاميرا؛ أي بمعدل ٦٧ كاميرا لكل ألف شخص.
إن الرقابة المجتمعية يجب أن تكون قيمة لدينا في المحافظة على مدننا، وما تتعرض له من ممارسات ضارة في شكل ونوعية الحياة ومفهوم جودة الحياة يحتاج مثل هذه المشاركة من الكل حتى لو كانت بدون مقابل، وقرار مجلس الوزراء أطلق عليها تشجيعية أي أنها ليست غاية في حد ذاتها ولكن المواطن الإيجابي المحافظ على شارعه والحي الذي يسكن فيه والمدينة التي يعيش فيها هي مهمة له وكأنها جزء منه بالمعنى الشامل، البعض يتردد في التبليغ عن الممارسات الخاطئة وخاصة في المخالفات البلدية ويعتبرها ليست مسؤوليته، وهذا مفهوم قاصر للمواطنة والمحافظة على المصلحة العامة، هناك جهات كثيرة تحتاج إدخال مثل هذه البرامج، وخاصة ما نشهده من ممارسات من بعض السائقين أو مستخدمي الطرق من رمي مخالفاتهم عند الإشارات في تصرف أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه متخلف، وفيه الكثير من الأنانية والقذارة، وهذا مثال فقط للكثير من السلوكيات الخاطئة التي يمكن أن تعالج عن طريق المشاركة المجتمعية الفعالة، وأتمنى النجاح لهذه المبادرة البلدية وأن يكون التجاوب معها سريعاً.
هناك قضايا أخرى تحتاج لمثل هذا الرصد والتشجيع والمكافأة المالية مثل قضايا الغش التجاري والتستر التجاري والممارسات الخاطئة تجاه بعض العمالة.
كل مريض يصل إلى قسم الطوارئ - خصوصاً في المستشفيات الحكومية - يفترض أن يتم تقييم حالته الصحية من قبل كوادر طبية مدربة تقدّر خطورة الحالة من عدمها، ومن ثم الإسراع في مباشرتها طبياً، أغلب المرضى والمرافقين معهم يعتقدون أن حالتهم يفترض أن تكون لها الأولوية، وهذا غير دقيق، وفي أغلب أقسام الطوارئ نجد زحاماً وعدم تنظيم، أو بشكل دقيق لا يتم توضيح الوضع لكل حالة، وما سيتخذ حيالها على وجه الدقة، ونجد بعض المرضى - خصوصاً كبار السن - يقضون ساعات، بل بعضهم أياماً في أقسام الطوارئ في المستشفيات الحكومية، وأغلب الكوادر الطبية من أطباء وممرضين يحتاجون إلى دورات مكثفة في مسألة الاتصال مع المرضى، فالمريض ومرافقوه لا يعرفون من الطبيب الذي يباشر الحالة، وتجد الكثير من المراجعين - خصوصاً المرافقين - يبحثون عن طبيب الحالة ناهيك إذا تغيرت أوقات عمل هذه الكوادر، فالمريض وأهله لا يعرفون من الطبيب أو الممرض المختص لحالتهم والطريقة، الكل يسأل عن الكل ولا إجابة واضحة للأسف، عليك الانتظار في الغرفة كمريض او مرافق تنتظر طرق الباب ودخول الممرض أو الطبيب، الذي قد يستغرق في بعض الحالات ساعاتٍ طويلةً، المرافق يعيش حالة من القلق على قريبه أو العزيز عليه لمحاولة الاطمئنان على الحالة ومدى خطورتها حتى يطمئن الأهل والأحباب، لكن المعلومة تصعب والتكهنات تكثر، يفترض أن يطلع المريض أو مرافقه على المشكلة بشكل صريح ومباشر وكيفية التعامل معها خطوة بخطوة. حالة على معرفة بها في أحد أقسام الطوارئ في مستشفى حكومي شمال الرياض بعد معاناة طويلة وتحاليل وأشعة وتشخيص دقيق قرروا تنويم المريض في ذلك المستشفى، وتوقع أهل المريض أن الحالة ستتم خلال مدة وجيزة قد تمتد لساعة مثلاً، خصوصاً أنهم أخبروا المريض أنهم فقط ينتظرون اتصالاً من قسم التنويم وجاهزية الغرفة، وتوقعوا أن تكون الفترة معقولة خصوصاً أن العناية بالمريض بعد هذا القرار ضعفت كثيراً، فقط ينتظرون نقله إلى غرفة، واستمر الانتظار ساعاتٍ طويلةً، طلعت الشمس وغربت وهم ينتظرون ذلك القرار، والأطباء الذين عاينوا الحالة يفترض أن يستمروا بمتابعتها، لكن الوضع أصبح أقرب إلى الإهمال. مثل هذه الأوضاع تشوّه مجهودات وزارة الصحة وقطاعاتها المختلفة، خصوصاً أن القطاع الصحي يحظى بدعم كبير من قبيل القيادة والدولة، ويفترض أن التحول الصحي حقق مؤشرات إيجابية في رؤية المملكة. أتفهم الضغط الرهيب على أقسام الطوارئ في المستشفيات الحكومية، لكن مثل هذه الحالات تفقد الثقة في هذا القطاع، وأتمنى أن يتم التسريع في تنفيذ برامج التأمين الطبي للمواطنين، خصوصاً الفئات الأقل دخلاً، والدولة لا تدخر جهداً في تحقيق هذا الهدف المهم.
بعض محطات الوقود في المملكة بدأت قبل أسابيع في تغيير نظام الدفع في محطاتها قبل التعبئة، وكان النظام والوضع القديم ومنذ عرفنا محطات الوقود هو الدفع بعد التعبئة، وكانت الأمور سلسلة، لكن هذا لا يعني الاستمرار على حال واحدة، فالتغير والتطوير هو هم شركات القطاع الخاص في تقليل الأيدي العاملة في مشاريعها مثل محطات الوقود عن طريق الدفع إلكترونياً أو أتمتة النظام كما في الكثير من دول العالم، وهناك الكثير من الحلول الإلكترونية الجديدة التي تساعد في معالجة القصور في النظام القديم، وأتمني من الشركات العاملة في هذا القطاع التدرج في تغيير هذا الوضع، فالبعض لأسباب خاصة مثلاً لا يملك أدوات دفع إلكترونية ويحمل فقط مالاً نقديّاً، لماذا لا تخصص هذه المحطات بعض المضخات لهذه الحالات؟ خصوصاً في بداية التجربة، ومسألة أن يدفع الزبون جزءاً من المبلغ ويدفع الباقي بعد التعبئة أجدها مربكة جداً ويحتاج العملاء أو بعضهم إلى عمل حسابات وخصم وجمع لمعرفة المبلغ النهائي، لماذا مثلاً لا يتم قبول البطاقات البنكية أو من التطبيقات في الهواتف المحمولة دون تحديد مبلغ محدد قبل التعبئة وبعد ذلك يخصم المبلغ النهائي فالعامل لديه كافة معلومات الدفع من الزبون.
البعض منا لديه مشكلة نفسية عندما يطلب منه الدفع مقدماً في هذه الحالة وكأنه يعطي انطباعات سلبية وعدم ثقة في العميل دون أن تصدر عنه تصرفات تدل أنه قد لا يدفع قيمة الوقود ويهرب من المحطة وقد يعرّض العاملين والزبائن في تلك المراكز للخطر أو أن تتطور الأمور لحالات سيئة، أعتقد أن من حق الشركات ومنها محطات الوقود أن تحافظ على مصالحها، لكن يجب أن يكون هناك تدرج وخيارات في إتمام العملية.
لا شك أن بلادنا تعيش حالة من التقدم في الخدمات الإلكترونية في أغلب المجالات، ويأتي ترتيبها في أعلى القائمة في الحكومات الإلكترونية، والقطاع الخاص لدينا يعمل في هذا التوجه ومنه محطات الوقود التي لها دور مهم جدّاً داخل المدن أو في الطرق المتنوعة بين مدن المملكة، فلا أتخيل مثلاً أن تكون هذه الطريقة في الدفع في محطات على طرق بعيدة والحركة عليها قليلة. أعيد وأكرر أن تكون خيارات الدفع متنوعة، وقد نجدها بعد سنوات كلها عن طريق الدفع مسبقاً دون إشكالات معينة في هذا المجال لبعض المحطات والزبائن أنفسهم، الذين يعتقدون أن مثل هذه الطلبات تعدٍّ على خصوصيتهم وفرض الطريقة التي يدفعون فيها أموالهم مقابل خدمات أو سلع يشترونها. ألاحظ أن بعض الأسواق المركزية المعروفة بدأت تضع آلات دفع ذاتي دون تعامل مع الموظفين في تلك المحلات مع وجود موظفين لا يزالون يعملون بالطريقة التقليدية المعروفة، وهذه طريقة جيدة في تغير سلوك إنساني له قواعد متعارف عليها منذ عقود التحولات، هذه الحالات تحتاج إلى طرق ذكية لا تفسد مفاهيم الولاء لهذه الشركة أو تلك.