نعيش ثورة التيك توك، فهو مسيطر على الجميع بمقاطعه القصيرة ومشاهيره في كل مجال، والكل يستطيع أن يشارك ويفتي في أمور خطيرة قد تكون قاتلة للإنسان، خاصة في قضايا الصحة والجمال، لا يوجد مرض لا يوجد له علاج في هذا العالم الافتراضي مهما كانت خطورته من الأمراض المزمنة إلى زراعة الأسنان التي تتم في جلسة واحدة في ذلك العالم الافتراضي، وكل من يبشّر وينصح بالعلاجات الفتاكة كلهم أو في أغلبهم أطباء كما يدعون من كل دول العالم. في أحد الدول العربية قبل أيام تصدر هاشتاق الترند وهو «خالتو لابسة بالطو» الذي يرمز إلى انتشار الأطباء والطبيبات في ذلك الموقع والكل لابس البالطو الأبيض، الذي يفترض أن من يلبسه هو طبيب مرخّص من الجهات التشريعية في بلاده، لكن الفوضى هي حالة أطباء التيك توك، فلا يوجد جهات رقابية تمنع مثل هذه الممارسات الخطيرة أو على الأقل تصرّح لبعضهم للظهور الإعلامي في مثل هذه الوسائط، وأعتقد أن الأمر بسيط على الجهات المسؤولة في كل دولة. قبل أسابيع، رصدت وزارة الصحة بالتنسيق مع الهيئة العامة لتنظيم الإعلام معلومات مضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول أدوية محددة خافضة للكولسترول مما تسبب في توقف بعض المرضى عن تناول أدويتهم، هيئة تنظيم الإعلام ذكرت أنها ستتخذ الإجراءات النظامية بحق من ينشر معلومات مضللة والواردة لها من وزارة الصحة، أتمنى أن يكون هناك ضوابط محددة يعمل عليها بسرعة لإيقاف هذه الفوضى، التي تتعلق بحياة وصحة الانسان، فهؤلاء يريدون الشهرة والمال بأية طريقة مثل غيرهم من المشاهير في هذه المواقع. أعرف بصعوبة مراقبة هذه المعلومات في تلك المواقع، لكن مثلاً لماذا لا يُمنَع الأطباء من الظهور في تلك المواقع والحاصلون على تراخيص مهنية للعمل في المملكة؟ بعض الأحيان أتابع أطباء يظهرون في قنوات تلفزيونية رسمية أو منصات رسمية تجد لهم صدى إيجابياً عن بعض الأمراض وطريقة علاجها بالأدوية وأسبابها بطريقة مقنعة بعيداً عن الحلول السحرية لكل الأمراض في أطباء التيك توك، أحدهم يبشر بالعلاج بالخلايا الجذعية في مستشفى في إحدى الدول الآسيوية، وهو منتظر في عيادة أحد الأطباء، ويقول إن مدة انتظاره امتدت لساعات بسبب انشغال ذلك الدكتور بالمرضى وعلاجهم بالخلايا الجذعية، ويجري مقابلات مع بعض المرضى الذين أصبحوا يمشون على أقدامهم بعد عجز عن الحركة والشلل، ومثل هذه المقاطع تحمل مشاعر عاطفية وإنسانية تجاه من تحسّنت حالته الصحية بهذا الشكل الواضح، ولكن من خلال لقطات المستشفى ذاته تجد المرضى وهم في حالة تدل على حالة ذلك المستشفى ونظافته، وعلينا أن نقوم بحملات توعوية مستمرة لما يستجد في عالم الأدوية الجديدة، مسألة الخلايا الجذعية يبدو أنها مبشرة لعلاج بعض الأمراض الصعبة، لكن يجب أن تتم في مراكز طبية وبحثية معترف بها دولياً وليس عيادات ومستشفيات منزوية في أزقة مدن مكتظة بالملايين، وهذا لا يعني أن يبحث الإنسان عن علاج لمرضه، لكن الإشكالية في مدى مصداقية تلك المقاطع والأطباء الذين يلبس معظمهم «البلاطو الأبيض» في تلك المواقع.