-A +A
خالد بن هزاع الشريف khalid98alshrif@
•• في دنياي عقيدتان سيطرتا على تفكيري، فترسخت فلسفتهما في أعماقي إيماناً بهما.. تلكما هما: «القناعة» بما منحني إياه رب الخلائق، و«الصبر» على معاداة الآخرين ومعاناة الحياة.. هذا التوجه كوَّن لدي بحبوحة رفاهية وسعادة واستبشاراً.. عقيدتان جعلتا مني «فعل حب»، ومنعتا عني الأنانية والسلبية.. كما في البيت الشعري لعباس بن الأحنف: «عرفت بما جرّبتُ أشياء جمة، ولا يعرف الأشياء إلا المجرب».

•• وضَّاءة هي «السعادة» حين ترخي ضفائرها في خواطرنا.. مليحة هي «السعادة» حين تتلألأ داخل عتمة نفوسنا.. مبهجة هي «السعادة» حين تأوي بضوئها إلى قلوبنا.. بهية هي «السعادة» حين تلامس خاصرة جمال أرواحنا.. وسيمة هي «السعادة» حين تمتد إلى أماكن أوجاعنا.. نضِرة هي «السعادة» حين نلتف حولها بشال أعماقنا.. ذلك هو سرورنا المشرق من بهو إحاسيسنا.. وتلك هي «السعادة» دون مساحيق.


•• لن نعرف قيمة كنز «السعادة» إلا بعد فقدها.. ولن نستمتع بالأشياء إلا بعيش اللحظة دون بكاء.. ولن نداعب «البهجة» باستثنائية إلا بالانضمام لمخزن السعداء.. ولن نغتسل من «النكد» إلا بطرد طاووس الشقاء.. ولن نستنبط سر الحياة إلا بشغف الإقبال عليها.. ولن نجعل الكون فاتناً إلا بالغِناء للأيام الجميلة.. وإن كان ثمة فجر باسم نحمله بكفوفنا، فهو قدرتنا على اكتشاف سعادتنا.

•• إذن، السعادة مثل «الفراشة» لا يمكن تتبعها لالتقاطها، بل تنبع من الداخل إذا تقبلنا ذواتنا.. هي محصول نفيس، ولكنه غير مُفيد ما لم نوزعه على خزائن عقولنا وذواتنا وسلوكنا.. فمن يمارس شؤون سعادته يجد أن مفتاح سروره برضا ضمير وطمأنينة نفس.. ومن ترك ميراث الأخلاق والقيم لن يشعر بالانشراح.. فالتعساء الذين لا يبتهجون بسعادة غيرهم كمن يحرق الجسر بعد عبوره.