-A +A
عبدالله صادق دحلان
بدعوة كريمة من أخي وزميلي في عضوية مجلس الشورى الإعلامي الكبير الأستاذ محمد رضا نصر الله ابن عمق القطيف ابن إحدى أشهر الأسر العريقة في القطيف لإلقاء محاضرة في الديوانية الاجتماعية للجنة التنمية الاجتماعية الأهلية بالقطيف ضمن برنامجها السنوي لاستقطاب بعض ذوي الخبرات لإلقاء محاضرات في مجالات مختلفة تهم المجتمع، وهي جهود عظيمة تبذلها الجمعية ومهندسها عباس الشماسي، وقد اخترت موضوع التعليم الجامعي الأهلي في المملكة العربية السعودية، وهو مجال تخصصي كأحد المستثمرين فيه منذ 20 عاما، وتم اختيار الأستاذ الدكتور هشام الفارس لإدارة الحوار وبحضور متميز في قاعة الجمعية من المثقفين والأكاديميين والإعلاميين من أبناء القطيف ومن حولها من أساتذة في جامعة الملك فهد وجامعة الملك فيصل وبعض الجامعات الأخرى، وكانت بداية محاضرتي استعراض لنشأة التعليم في القطيف الذي بدأ في عام 1357 هجريا بأول مدرسة حكومية في حي القلعة بالقطيف وكان مديرها أستاذا من الحجاز اسمه الأستاذ رضوان وكان مساعده الملا علي بن أحمد الغانم -رحمهما الله- وهذا يؤكد مدى اهتمام الدولة السعودية منذ ذلك التاريخ بنشر التعليم في القطيف قبل بداية المدارس في الدمام والخبر والظهران، وهذه سياسة القيادة السعودية تجاه أبنائها في كل منطقة من مناطق المملكة، وفي عام 1369هـ أعيد إنشاء المدرسة (التي توقفت وتحولت إلى كتّاب في أحد المنازل لظروف اقتصادية) وسميت باسم مدرسة (الحسين بن علي الابتدائية) ومديرها الأستاذ عبدالله المبارك -رحمه الله- ثم في عام 1379هـ افتتحت أول مدرسة للبنات وخصصت لها ميزانية خاصة تتبع للرئاسة العامة للبنات، وتوالت اهتمامات الدولة بالتعليم في القطيف وأنشئت العديد من المدارس للبنين والبنات على مختلف المستويات الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وتعتبر مدرسة (ابن خلدون الابتدائية) في سيهات أول مدرسة خاصة تنشئها شركة أرامكو ضمن جهودها في برامج المسؤولية الاجتماعية في عام 1375هـ وبلغ عدد طلابها 557 طالبا والدراسة فيها مجانا، ثم توالت أرامكو في إنشاء أول مدرسة متوسطة عام 1389هـ ثم أنشأت مدرسة أخرى في القلعة ثم في صفوى. وهذا يؤكد أن دور الشركات الكبيرة في التعليم الأهلي وعلى وجه الخصوص شركة أرامكو كان مؤثرا في تعليم القطيف، ثم توالت اهتمامات الدولة وشركة أرامكو في ابتعاث الأوائل من مدارس القطيف للدراسة في الولايات المتحدة وغيرها.

ويعود تاريخ التعليم الأهلي الجامعي في المملكة إلى عام 1384هـ عندما أنشئت جامعة الملك عبدالعزيز الأهلية أول جامعة أهلية بجهود ذاتية من رجال أعمال في مدينة جدة وبتبرع سخي من أول وزير مالية في السعودية بعد تقاعده الشيخ عبدالله السليمان -رحمه الله- بأرض كبيرة جنوب شرق مدينة جدة لتقام عليها الجامعة، وبتبرع كان هو الأكبر ماليا من الشيخ باخشب باشا أحد كبار التجار آنذاك الذي تبرع بمبلغ مليون ريال كدفعة أولى لتشغيل الجامعة، وتوالت التبرعات وتم ابتعاث مجموعة من الأوائل للحصول على درجة الدكتوراه الذين أصبحوا مديرين للجامعة ووزراء ومنهم معالي الدكتور غازي مدني المدير الأسبق -رحمه الله- ومعالي الدكتور مدني علاقي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الأسبق وسعادة الدكتور حسن أبو ركبة أمين عام الجامعة -رحمه الله- وغيرهم كثير، وأنا أحدهم طالبا وأستاذا من الرعيل الأول للجامعة التي تحولت إلى جامعة حكومية بفضل الله ثم بفضل الملك فيصل -رحمه الله-.


ومع توسع الدولة في التعليم الجامعي وانتشار الجامعات الحكومية في جميع المناطق في المملكة، ومع التوجه للسعودة في القطاع الأهلي وتمشيا مع سياسة مواءمة مخرجات الجامعات مع احتياجات سوق العمل تمت الموافقة على إنشاء الجامعات والكليات الأهلية الجامعية.

ويعود الفضل الأول في إنشائها للملك فهد بن عبدالعزيز والملك عبدالله بن عبدالعزيز ثم للأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمهم الله- وقاد فكر الاستثمار في التعليم الجامعي الأهلي وتابع نشأتها وأصرّ على جودة التعليم فيها معالي الوزير خالد العنقري، حتى وصل عدد الجامعات الأهلية إلى 14 جامعة أهلية و29 كلية أهلية بإجمالي عدد حوالى 65 ألف طالب وطالبة، وهذا مؤشر على مدى الدعم الكبير الذي تقدمه الدولة للتعليم الجامعي الأهلي وعلى وجه الخصوص في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، كما هو مؤشر على حجم الطلب للدراسة في الجامعات والكليات الأهلية.

وفي نهاية محاضرتي في القطيف وجه لي زميلي الأستاذ محمد نصر الله سؤالا يقول فيه ألم يأتِ الوقت لإنشاء فرع من جامعتكم الأهلية في القطيف؟ وكان جوابي له إذا وافقت وزارة التعليم على منحي ترخيصا لإنشاء فرع لجامعة الأعمال والتكنولوجيا في القطيف فإننا على أتم الاستعداد للاستثمار في إنشاء فرع لكلية إدارة الأعمال (CBA) في القطيف لبدء الدراسة فيها بداية العام القادم.

والجامعات السعودية أولى بفتح فروع لها في مناطق المملكة قبل الجامعات الأجنبية.

* كاتب اقتصادي سعودي