-A +A
عبداللطيف الضويحي
الوعي لا يشكله الإعلام أوالتعليم، رغم أهمية الإعلام والتعليم في بعض مراحل تشكل الوعي، إنما يتشكل الوعي وينضج بالممارسة ولا شيء سوى الممارسة. فالتجارب تثبت باستمرار أن الممارسة تصبح سلوكا فرديا طبيعيا روتينيا مع الوقت وهوما يعول عليه في صناعة الوعي الفردي ثم المجتمعي العام، وهكذا يجب أن نخضع أهدافنا المجتمعية العامة وقناعاتنا المدروسة مبكرا للممارسة وباستمرار، لضمان اتساع رقعة الممارسة كي تصبح ثقافة مجتمع يومية تجاه قضايا الصحة والبيئة والعمل والغذاء والاقتصاد والأسرة والطفولة والمرأة والإنتاج.

في مجتمع كمجتمعنا وثقافة كثقافتنا، لا يوجد مساحة واسعة لتقبل الخطأ، هنا يأتي هذا المقال لتكريس أهمية الممارسة وثقافة الممارسة ومفهوم الممارسة سبيلا لتشكيل الوعي الفردي ومن ثم الوعي العام.


تعد الجمعيات الأهلية إحدى أهم حاضنات الممارسة في المجتمع، لكنها بحاجة لتبني هذا الهدف ضمن أهدافها لما تتمتع به من مرونة وحيوية في الاستجابة لحاجة أفراد المجتمع كل حسب اهتمامه وإمكاناته وقدراته، ولقابليتها لدفع هذا الهدف الى أقصى مدى.

ومن هنا أقترح إيجاد شراكات بين كل جمعية ومدرسة على اختلاف مراحل المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وعلى اختلاف مشارب تلك الجمعيات، لا يستثنى أي مدرسة أوجمعية، بل ويمكن للجمعية الواحدة الشراكة مع أكثر من مدرسة، ويمكن للمدرسة في الوقت نفسه عقد شراكة مع أكثر من جمعية حسب طروف وإمكانات كل جمعية وكل مدرسة.

على سبيل المثال، يمكن لجمعية "كيل" أن تعقد شراكة وتوأمة مع مدرسة ابن خلدون على سبيل المثال بحيث يتم رفع الوعي بين طلاب وطالبات ابن خلدون وطاقمها الإداري والتربوي بمكافحة السمنة وتخفيض الوزن من خلال ممارسة البرامج المتعلقة بمكافحة السمنة والوزن والصحة والغذاء. كما يمكن لجمعية "غوث" بناء الوعي حول الإنقاذ بالممارسة لطلاب وطالبات مدرسة أخرى وهكذا دواليك مع كل الجمعيات وكل المدارس. بحيث تصبح كل مدرسة مرجعا لنشاطات جمعية واحدة على الأقل في كل محافظة، بما يترتب على ذلك من نشاطات وفعاليات.

في السنوات الأخيرة تضاعفت أعداد الجمعيات الأهلية في المملكة حوالى ثلاث مرات وتنوعت مجالاتها واهتماماتها وتمددت رقعة انتشارها على جغرافية المملكة وعبر مجتمعاتها المختلفة. ومع كل هذا التعدد والتنوع والانتشار للجمعيات الأهلية في المملكة، تبقى الحاجة قائمة لتفعيل جانب مهم من جوانب عمل الجمعيات الأهلية ليتلاقى ويتفاعل هذا العمل مع جهود التعليم في جانب الممارسة، ورفع وعي طلاب المدرسة من خلال ما تتيحه لهم الجمعية الشريكة أوالتوأمة من ممارسة في مجالها.

قد لا تغطي أعداد الجمعيات الأهلية واهتماماتها كافة اهتمامات شرائح وفئات المجتمعات المحلية، ولا تصل لكافة مجالات الحياة البيئية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والإنسانية، لكن تنامي أعداد هذه الجمعيات مؤخرا بما يحمله من تنوع، يكفي لاقتراح توقيع مبادرة بداية بين وزارة التعليم ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية وذلك تمهيدا لإطلاق شراكات معرفية بين كل مدرسة وجمعية أهلية، ومد جسور ثقافية معرفية ومهنية بين طلاب كل مدرسة وكل جمعية.

* كاتب سعودي

Dwaihi@agfund.org