-A +A
عيسى الحليان
كلما جاء الحديث عن البنوك السعودية أو القطاع المصرفي عموما، كان هناك عبارة جاهزة ومعلبة، وهو أنه من أقوى الأنظمة المصرفية في العالم، لا يمكن أن يذكر القطاع المصرفي إلاّ وتذكر هذه العبارة معه، والسبب ربما عدم وجود مؤشرات مصرفية يتميز بها، أو يتفوق بها عن الأنظمة المصرفية الأخرى، وخصوصا في ما يتعلق بالجانب الائتماني الذي يعتبر جوهر العمل المصرفي، ومدى مساهمة وقدرة البنوك في تنمية وتمويل القطاعات الاقتصادية الأخرى. بطبيعة الحال فإن قوة ومتانة القطاع المصرفي مسألة هامة، ولا تقبل الجدل، لكنها أيضا ليست الغاية وإنما مسألة مكملة لدوره الأساسي، فضلا عن أنها مسألة محاسبية بالدرجة الأولى، ولا ترتبط بتأثير هذا القطاع على مجالات الاقتصاد الوطني الأخرى، وهي في نهاية المطاف مسألة تحكمها المعايير الدولية مثل معدل كفاية رأس المال الذي يكسر حاجز 20% في المملكة فيما اشتراطات (بازل 3) لا تتجاوز 10.5 % وفي اعتقادي أن كتيرا من الأنظمة المصرفية تتقارب في هذا الجانب، وإذا كان هذا المعدل في المملكة يتجاوز 20%، فلا ننسى أنه ينخفض في بعض البنوك أحيانا إلى 16.78%، وبالتالي فهو مسألة يجب أن لا تشغلنا كثيراً عن موضوع الائتمان المصرفي الأهم، والفجوة الكبيرة المترتبة عليه، إذا ما قيس بحجم الناتج المحلي أو أي معيار آخر، وأن لا تصبح هذه المقولة غطاء يحجبنا عن معرفة دور ومتطلبات تطوير هذا الجهاز وزيادة حجمه وسعته، وبالتالي نسب الإقراض المترتبة عليه في القطاعات الأساسية، والتي تقل عن المعدلات العالمية بنسب مرتفعة، فالناتج المحلي تضاعف حوالى خمس أو ست مرات خلال أربعين عاما، وذلك من 500 مليار ريال إلى حيث اقترب من 3 تريليونات قبل بضع سنوات، فهل قابلة مثلا زيادة موازية في أصول هذه البنوك؟ في الإمارات مثلا وصلت أصول المصارف إلى 2,85 تريليون درهم مقابل 1,4 تريليون درهم هو حجم الناتج المحلي، أي ما يوازي الضعف، بالمقابل فإن أصول هذه المصارف في المملكة تقل أساسا عن الناتج المحلي حيث تصل إلى 2,3 تريليون ريال، فيما يرتفع الناتج المحلي إلى ما يوازي 2,7 مليار ريال.